الموقع الرسمي لجريدة عُمان - مؤلف

محمّد زرّوق
محمّد زرّوق
العرب وتاريخهم
لقد أدركت من تجربتي العميقة والطويلة في التدريس في مختلف مراحله، وفي بِقَاعٍ من العالم مختلفة، أنّ الأجيال الصاعدة في اغتراب وغُربة مع تاريخها وحضارتها، لا تعلم هذه الأجيال، وأجيال من قبلها، ما هي المصادر الكبرى في تاريخنا التي لا يجب ألاّ نكون على علم بها.نكتب الكتب وندرِّس المحاضرات، ولكن...
كثرة اليابسة.. وفرة المعنى وقلة اللّفظ
كما الصوفـي يجد المعنى فـينقطع لسانه ويدرك عجز اللفظ عن احتواء وفـير المعنى الذي حل به، يجول عبد الله حبيب فـي المعاني الشريفة (فـي منزلتها فـي الوجود البشري)، يشير إليها ولا يخوض فـيها تفصيلا وفـيضان لغْو، يقف على المعاني الجليلة بشذرات وتأملات، وإشارات تتعسر أبعادها ومقاصدها على قارئ الشكل، قاصد...
تصنيع القبول في حرب اللّغة
"تصنيع القبول"، هو المصطلح الذي أجْراه والتر ليبمان ومن بعده نعوم تشومسكي لوسْم الجهود الإمبرياليّة الاستعماريّة في استعمال اللّغة المشرّعة لأفعالهم من جهة، والعاملة على التأثير في ناخبيهم ودافعي الضرائب لأجل الإقناع بتوجّهاتهم الاستعماريّة والاستيطانيّة. حربُ اللّغة، لا تقلّ أهميّة ولا أثرًا عن الصّراع الميدانيّ الفعلي. ولقد عملت الفكر الاستعماريّ...
بيروت بيت القصيد
تُقْصَف بيروت اليوم، ويُهجَّر أناسُها، يموت أطفالها، وتُشرَّد نساؤها، على مرأى ومسمع من العالم، ومباركة بالصمت أو بالقول من عامّة الكون. ولكن بيروت تصنَع من دمارها دثارا من الأدب، كلّ رصاصة تُطلق منها هي قصيدة أو رواية، وقد أرَّخ التاريخ لبنان وبيروت، ولم يحفظ الأدب مدن الغُزاة ودماءهم السائلة من...
السمّ في العسل
لم أكن وأنا أكتب مقالة الأسبوع الماضي حول موضوع ثقافة الأصداء، وهيمنة مواقع التواصل الاجتماعي، وحلول النصّ الإلكتروني بدل النصّ الورقيّ وسيادة ثقافة العبور البصريّ وتعميم المعلومات في بحر النت دون حسيب أو رقيب على وعي بأنّ الأجهزة الحاملة لهذه المعرفة يُمكن أن تتحوّل إلى أسلحة تدمير للبشريّة، واقعة لبنان...
ثقافة الأصداء
نشأنا على مصدرين أساسيين منهما كنَّا نُحصِّلُ ما نشتاقه من معارف وثقافة، المصدر الأوّل هو مكتبات الجهات العامّة، أو مكتبات الولايات، والمصدر الثاني هو المكتبة الوطنيّة في العاصمة، فجيلي هو جيلٌ ورقيٌّ، تعوّد على ملمس الأوراق والكتب، وشمِّ روائحها وتقليب صفحاتها، ولحدِّ اليوم، رغم هذا المدّ في سيادة الثقافة الرقميّة،...
أجيال بلا «رسالة»
لم تكن لنا في أواخر السبعينيّات ونحن أطفالٌ صغارٌ وسائل لمشاهدة الأفلام شبه الحديثة سوى قاعات السينما بكلّ عِلاّتها، وكراسيها المدمّرة، وشاشة العرض العملاقة التي تعكسُ أشرطةً تعرضها آلةٌ بالية، كثيرًا ما تُمسك شريط الفيلم، ونبقى دقائق طويلة في انتظار موظّف العرض حتّى يستخرج البكرة من الآلة ويرمّمها ويعيدها للعرْض،...
أطباء قصَّاصون
لقد كان عبدالعزيز الفارسي -رحمه اللّه وبرَّد ثراه وجعل الجنّة مثواه- سليلَ تاريخٍ طويلٍ من العُلماء الذين نجحوا في العلم وبُرِّزوا في كتابة القصص.طريقان كان في اعْتقادنا أنّهما متوازيان، العلم والأدب، فالعلم قائم على الحقائق وعلى المادّة، والأدب قائمٌ على الظنون وعلى الإمكان التخييليّ، غير أنّ تاريخ العلم عند العرب...