No Image
اليوم الوطني

20 نوفمبر.. يـوم يستعيـد الذاكـرة ويربـط حاضـر الدولـة بتاريخهـا العريـق

19 نوفمبر 2025
19 نوفمبر 2025

استطلاع ـ فيصل بن سعيد العلوي

محطة جديدة في مسار الوعي الوطني يشكّلها الاحتفال باليوم الوطني العماني في 20 نوفمبر، إذ يعيد هذا التاريخ الأضواء إلى لحظة مفصلية من تاريخ عمان تمثلت في قيام الدولة البوسعيدية عام 1744، وهي اللحظة التي دشنت مرحلة من الوحدة والاستقرار بعد فترات من الاضطراب والانقسام، وهذا التحول في دلالة اليوم الوطني لا يقتصر على تبديل التاريخ فحسب فهو يعكس رؤية عميقة تسعى إلى ترسيخ الذاكرة التاريخية في وجدان الأجيال وربط الحاضر بجذور الدولة الحديثة الممتدة عبر قرون، فمن خلال اعتماد هذا التاريخ تستعيد عُمان منبع السرد الوطني الأول، وتعيد بناء رمزية الاحتفال في امتدادها التاريخي بين الإمام أحمد بن سعيد وعهد النهضة الحديثة، في تواصل جامع لرموز الدولة ومسيرتها عبر الأجيال، لتؤكد هذه المناسبة وحدة الذاكرة الوطنية واستمرارية الدولة العمانية في فكرها ومؤسساتها وروحها الجامعة.

وفي هذا الاستطلاع نقدم رؤى عدد من الباحثين والمؤرخين حول دلالات رمزية اليوم الوطني الجديد وما يحمله من أبعاد سياسية وثقافية واقتصادية في مسيرة الدولة البوسعيدية، وكيف تسهم هذه العودة إلى الجذور في ترسيخ الوعي الوطني الحديث وتعزيز مفهوم المواطنة والهوية في الذاكرة الجمعية للعمانيين.

بداية يقول المؤرخ الإماراتي والباحث في تاريخ شبه الجزيرة العربية القديم الأستاذ الدكتور حمد بن صراي، أستاذ التاريخ والتراث في قسم التاريخ والآثار بجامعة الإمارات العربية المتحدة سابقا،: إن الأرض كانت تميد بأهلها في نهايات الدولة اليعربية، ودخل أهل عمان في صراعات قبلية، وتدخل في هذه الصراعات الفرس ليزيدوا من أوار النار المشتعلة في الأرض العمانية، فانقسم الناس إلى تحزبات قبلية أدت إلى إضعاف بنية المجتمع، وتعطلت أمور كثيرة في الحياة والمعيشة، ولم تعد للتجارة قوتها الأولى، ولم تكن السفن تبحر وترسو في أمان كما كان من قبل تلك الإشكالات الكبيرة، وكان لزاما في نهاية المطاف أن يجتمع الناس على قيادة جديدة تنتشل المجتمع من وضعه وترفع من شأنه وتعيده إلى سابق مجده، حتى تسلم الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي زمام القيادة، والتف حوله الناس، وتمكن في غضون سنوات من ترميم اللحمة الاجتماعية ووضع أركان دولة تمر عليها هذه الأيام مائتان وواحد وثمانون عاما.

ويضيف «صراي» أن هذه السنوات الطويلة مرّت بظروف متباينة بين الازدهار والانحسار، وبين التقدم والتأخر، وقد عصفت بها أحداث كثيرة تجاوزتها الدولة وبقيت أسس الحكم فيها ثابتة وسليمة، وهو ما يدل على المتانة التي أرسى دعائمها الإمام أحمد بن سعيد منذ التأسيس. وخلال هذه الحقبة الممتدة أسهمت الدولة البوسعيدية في صياغة تاريخ الخليج العربي والمحيط الهندي، فأثرت في مسارات السياسة والحكم والاقتصاد، وكانت هي التي أرست أسس الحكم العربي في شرق أفريقيا، وحددت معالم السياسة مع الشرق والغرب، وتداخلت بعلاقاتها مع الجوار القريب والبعيد.

كما تشكلت في تلك الفترة نواة التواصل الدبلوماسي مع الغرب، ليس مع بريطانيا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية فحسب، بل وصلت إلى وضع أسس للعلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة. ووُضعت أركان القوة العسكرية بفرعيها البري والبحري، وشهد الأسطول العماني تطورا ملحوظا في بناء السفن القوية وتسليحها بالمدافع والبنادق وسائر أدوات الحرب. كما ازدهرت التجارة واتسعت حتى شملت آفاقا بعيدة، فكانت السفن العمانية تنقل تجارة الخليج إلى أنحاء العالم، واستقرت حركة التبادل التجاري مع الهند والصين وبلدان الشرق الأقصى وشرق أفريقيا، فجابت التجارة العمانية مرافئ الخليج وآسيا وأفريقيا ناشرة ازدهارها وتأثيرها الواسع.

ويوضح الأستاذ الدكتور حمد بن صراي أن التحولات التي شهدتها الدولة العمانية في عهد البوسعيديين يمكن تلخيصها في سياقها الخليجي والإقليمي من خلال جملة من المنجزات التاريخية التي تركت أثرها البعيد في المنطقة، إذ تم إنقاذ البلاد من حالة التردي السياسي التي سادت في بدايات نشوئها، وتحقيق الوحدة الداخلية وإنهاء الانقسام، وتدعيم القوة العسكرية بما أعاد لعمان مكانتها البحرية التي عُرفت بها في عهد اليعاربة عندما كانت سفنها تجوب أعالي البحار. كما أسهمت الدولة البوسعيدية في تحقيق التوازن السياسي في عموم منطقة الخليج العربي، وعملت على تأكيد النفوذ العربي في الساحل الشرقي لأفريقيا، مما بث الحيوية والنشاط في مختلف مجالات الحياة هناك.

ويضيف «بن صراي» أن الدولة البوسعيدية أرست مبادئ الدبلوماسية الدولية ومدت أواصر التواصل مع العالم، ورسخت مفهوم تبادل المصالح المشتركة، فكان لذلك أثره في استقرار العلاقات الخارجية ونموها. ورافق ذلك انتعاش اقتصادي واسع وازدهار ملحوظ في التبادل التجاري مع شبه القارة الهندية ومنطقة الخليج والصين وشرق آسيا وشرق أفريقيا، وهو ما عزز موقع عمان التجاري وأعادها إلى مركزها الطبيعي في حركة التجارة العالمية. كما تمكنت الدولة من التغلب على ما مر بها من إشكالات داخلية وخارجية، وعملت على دعم النشاط العمراني المدني والعسكري الذي أصبح مثالا يحتذى في البناء والتصميم والتعمير، إلى جانب اهتمامها الكبير بالتدوين والكتابة والتأريخ والتوثيق، حيث ظهر في تلك المرحلة عدد من العلماء الذين اضطلعوا بمهمة حفظ التراث العماني الثقافي والفقهي والفكري، فصانوا ذاكرة البلاد ونقلوها إلى الأجيال اللاحقة.

عراقة وتاريخ

من جانبه، يقول الدكتور ناصر بن علي الندابي أستاذ التاريخ المساعد بجامعة الشرقية، إن الدولة البوسعيدية التي تولّت حكم هذا الوطن العزيز تُعد واحدة من أعرق وأطول السلالات الحاكمة في العالم العربي، وما تزال حتى اليوم تدير المشهد السياسي والإداري لعُمان، وقد نشأت هذه الدولة في ظروف سياسية واقتصادية بالغة الصعوبة، إذ كانت عمان في القرن الثامن عشر الميلادي تعاني من الانقسامات الداخلية والاضطرابات الناتجة عن تردي الأوضاع العامة، وتفكك الوحدة الوطنية، إلى جانب التدخلات الخارجية، وفي مقدمتها الغزو الفارسي الذي جثم على أرض عمان بضع سنوات نتيجة تشتت الصف الداخلي، وفي خضم هذه الظروف الصعبة برز الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي، والي صحار آنذاك، بوصفه الشخصية التي تمكنت من إعادة الاستقرار وتوحيد البلاد، فبعد تصديه الناجح للقوات الفارسية ومقاومته لها، نال احترام القبائل وثقة العلماء والأعيان، مما دفع الشيخ حبيب بن سالم أمبوسعيدي والشيخ سرحان بن سعيد الإزكوي إلى مبايعته بالإمامة عام 1744، وهي اللحظة التي مثّلت الانطلاقة الفعلية للدولة البوسعيدية. 

ويشير الدكتور «الندابي» إلى أن مبايعة الإمام أحمد بن سعيد ما كانت حدثا عابرا أو مجرد اختيار لحاكم جديد، لكنها كانت تحولا سياسيا عميقا أنهى مرحلة الفوضى التي خيمت على عمان بعد ضعف الدولة اليعربية واشتداد النزاعات القبلية، إذ تمكن الإمام من إعادة بناء الدولة على أسس راسخة، ووحّد القبائل تحت راية واحدة، وأعاد للتجارة البحرية ازدهارها، وقوّى العلاقات الدبلوماسية، وحمى السواحل من الأطماع الخارجية، فكانت مبايعته بداية لنهضة عمانية شاملة أعادت للأمة دورها التاريخي كقوة بحرية وتجارية فاعلة في المحيط الهندي وشرق أفريقيا، كما أن الدولة البوسعيدية واصلت مسيرة المؤسس عبر سلالة من الحكام الذين حملوا مشعل التطوير والبناء، فكان السيد سلطان بن أحمد يجوب بأسطوله البحري مياه الخليج العربي فارضا سيطرته وهيبته على هذا البحر، ومخترقا بأشرعته عباب المحيط الهندي تحت الراية الحمراء التي اتخذتها الدولة شعارا لقوتها وعزتها.

 ثم جاء من بعده نجله السيد سعيد الذي ذاع صيته في الآفاق، وأرسى لعمان مملكة واسعة النفوذ امتدت إلى مناطق متعددة، حتى أطلق عليها المؤرخون اسم الإمبراطورية العمانية، وقد أرسى علاقات صداقة وتعاون مع دول كبرى في الشرق والغرب، وتوالت من بعده الأجيال من أبناء وأحفاد هذه الأسرة، فكان من بينهم الإمام عزان بن قيس الذي طرد الغزاة ودحر المعتدين وأعاد السيادة الوطنية، واستمرت هذه المسيرة الزاخرة حتى عهد السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- الذي دشّن فجر النهضة العمانية الحديثة في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970. 

ويؤكد الدكتور ناصر الندابي أن اختيار يوم العشرين من نوفمبر يوما وطنيا لعمان لم يكن اختيارا عابرا، لكنه احتفاء بجذور الدولة البوسعيدية واستحضار لذكرى الإمام المؤسس أحمد بن سعيد، في دلالة رمزية تجسد عمق الانتماء وتجدد الولاء للوطن والقيادة، وهو اليوم الذي تحتفل فيه عمان بمرور مائتين وواحد وثمانين عاما على تأسيس دولتها الحديثة، لتتجدد معها مسيرة النهضة بقيادة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- الذي جاء قراره هذا من نظرة ثاقبة تؤكد الوعي بالتاريخ الوطني وحرصه على غرس قيم العراقة والوفاء في وجدان الأجيال الجديدة.

ويرى «الندابي» أن الاحتفاء بهذا اليوم في العشرين من نوفمبر يجسد الامتداد التاريخي بين الماضي المجيد والحاضر المشرق، ويؤكد أن النهضة العمانية المعاصرة امتداد طبيعي لمسيرة بدأت منذ منتصف القرن الثامن عشر، وأن هذا اليوم يمثل مناسبة وطنية لتجديد الوعي بقيم الوحدة والسيادة والاستقلال التي أرساها الإمام أحمد بن سعيد، وترسيخها في الذاكرة الجمعية للعمانيين، وفاء للمؤسسين، واعتزازا بالهوية العمانية التي تتجدد عبر العصور.

دروس مستفادة

وحول الدروس المستفادة يؤكد الباحث في التاريخ العماني الدكتور محمد بن حمد العريمي أن الدروس المستفادة من تجربة الدولة البوسعيدية في إدارة الدولة وتطور مؤسساتها تتجلى في الجوانب السياسية والإدارية والاقتصادية والثقافية التي أسهمت في بناء دولة متماسكة وقادرة على التكيّف مع المتغيرات عبر العصور، ففي إدارة الدولة حرص الأئمة والسلاطين البوسعيديون على توحيد البلاد بعد فترات الانقسام والاضطراب كما فعل الإمام أحمد بن سعيد حين طرد الفرس ووحّد البلاد، الأمر الذي عزز مفهوم الشرعية السياسية القائمة على البيعة والقبول الشعبي، وركّزت الإدارة البوسعيدية على اختيار الولاة والموظفين من ذوي الكفاءة والخبرة دون النظر إلى الانتماء القبلي، مما أسهم في قيام إدارة فاعلة، وأظهرت الدولة قدرتها على التكيّف مع المتغيرات الداخلية والخارجية سواء في العلاقة بين الإمامة والسلطنة في النصف الأول من القرن العشرين أو في إدارتها للممتلكات الخارجية في آسيا وأفريقيا.

ويشير «العريمي» إلى أن الدولة البوسعيدية في مجال بناء المؤسسات اعتمدت على نظام إداري متين تمثل في الولاة والعمال في مختلف المناطق، مما عزز وحدة البلاد وربط أطرافها بالمركز، كما أنشأت الدولة جهازا قضائيا يعتمد على الشريعة الإسلامية مع نظام أمني يستند إلى الشرطة التقليدية والحراس لضمان الاستقرار الداخلي.

وفي المجال الاقتصادي أدرك حكام الدولة أهمية موقع عمان الاستراتيجي على طرق التجارة البحرية بين آسيا وأفريقيا وكيف يمكن أن يكون محورا للقوة الاقتصادية والسياسية، ولذلك كان التركيز على بناء الأسطول البحري وتأمين الموانئ أساسا في ازدهار الدولة، وهو ما يبرز أهمية استثمار المزايا الجغرافية في تعزيز مكانة البلاد، فقد كان الأسطول العماني في عهد الدولة البوسعيدية قوة عسكرية وتجارية مهيمنة في المحيط الهندي، ومثلت موانئ مثل مسقط وصور وزنجبار مراكز اقتصادية حيوية أسهمت في التجارة الدولية بين آسيا وأفريقيا، مما يثبت أن القوة البحرية وسيلة فعالة لحماية المصالح الوطنية وتأمين خطوط التجارة وتثبيت السيادة على مناطق واسعة، وهو درس مهم في الجغرافيا السياسية الحديثة.

ويضيف الدكتور محمد العريمي: أن الإصلاحات الاقتصادية التي قام بها حكام زنجبار وعلى رأسهم السيد سعيد بن سلطان جعلت من زنجبار مركزا اقتصاديا مهما ومحطة تجارية عالمية انعكست آثارها على قوة الدولة ومكانتها وعلاقاتها الخارجية، كما حرصت الدولة البوسعيدية على تنويع مصادر الدخل فاعتمدت على التجارة البحرية والزراعة والضرائب والرسوم الجمركية لبناء اقتصاد قوي، وهو ما يوضح أهمية تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على قطاع واحد لضمان استمرارية النمو الاقتصادي.

وفي العلاقات الخارجية والدبلوماسية تميزت الدولة البوسعيدية بانتهاج سياسة تقوم على التسامح الديني وحسن الجوار والانفتاح على العالم، وتعاملت بذكاء مع القوى الاستعمارية الكبرى موازنة بين المصالح الوطنية وحماية السيادة، وأسهم هذا النهج في بناء علاقات دبلوماسية وتجارية مزدهرة مع مختلف الدول حتى مع القوى الأوروبية المتنافسة دون التفريط في الاستقلال، كما استخدمت التجارة كأداة لنشر النفوذ السياسي والحضاري العماني في الخليج العربي وشرق إفريقيا، مما يؤكد أن الدبلوماسية المرنة والمتسامحة أداة مؤثرة في تحقيق الاستقرار وتجنب الصراعات.

أما في المجال الثقافي والاجتماعي فيوضح «العريمي» أن الدولة البوسعيدية أولت اهتماما بالعلم والتعليم فدعمت حلقات العلم وأرسلت البعثات واهتمت بالفقه والقضاء، وأسهم ذلك في تكوين نخب فكرية وإدارية فاعلة، كما أدار حكام الدولة التنوع المذهبي والقبلي في عمان وشرق أفريقيا بروح من التسامح والاحترام المتبادل، فعاشت الأعراق والطوائف في تجانس واضح، وضم بلاط السلاطين العلماء والشخصيات الفكرية والسياسية من مختلف الأديان والمذاهب والأعراق دون تمييز، وهو ما أسهم في بناء مجتمع منفتح ومتعاون يقوم على العدالة والاحترام. ويختتم «العريمي» بأن الدروس المستلهمة من تاريخ الدولة البوسعيدية منذ نشأتها في عام 1744 حتى اليوم تتمثل في أهمية القيادة الحكيمة والرؤية البعيدة في بناء دولة قوية مستقرة، وضرورة تحقيق التوازن بين الانفتاح الخارجي والتمسك بالهوية الوطنية، ودور التعليم في بناء مؤسسات الدولة الحديثة، وأهمية استثمار الموقع الجغرافي والموارد في بناء اقتصاد متنوع ومستدام، إضافة إلى أهمية العلاقات الدولية التي تقوم على مبادئ التسامح وحسن الجوار والحوار والانفتاح مع الحفاظ على السيادة والاستقلال، والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار الداخلي من خلال توفير الحماية الاجتماعية وضمان استقرار المجتمع، والحفاظ على قوة المؤسسات العسكرية والإدارية كعنصر أساس في صون أمن البلاد واستقرارها.

جدل النقاش

من ناحية أخرى توضح الباحثة في التاريخ الدكتورة سعاد بنت سعيد السيابية محاضر أول في قسم الوثائق والدراسات الأرشيفية بكلية الشرق الأوسط أن السنوات الأخيرة شهدت في عمان نقاشا واسعا حول تحديد التاريخ الدقيق لقيام الدولة البوسعيدية بسبب غياب التدوين التاريخي المنظم الذي أدى إلى صعوبة توثيق العديد من الأحداث، حتى حُسمت هذه المسألة عام 2019 عندما أعلن جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد اعتماد يوم العشرين من نوفمبر 1744 ميلادية يوما لقيام الدولة البوسعيدية، وهو التاريخ الذي أصبح اليوم عنوانا للاحتفال باليوم الوطني لأول مرة بعد أن ارتبط هذا الحدث لعقود طويلة بيوم الثامن عشر من نوفمبر الموافق لميلاد السلطان الراحل الذي ارتبط اسمه بنهضة عمان الحديثة وما تحقق خلالها من إنجازات كبيرة منذ عام 1970، فكان لشخصه وزن سياسي واجتماعي كبير على الصعيد الوطني.

وتضيف «السيابية» أن هذا التحول يحمل بعدا تاريخيا عميقا يعيد ربط الأجيال بذاكرة التأسيس الأولى للدولة، ويمنح هذا التاريخ حضورا راسخا في وجدان العمانيين حاضرا ومستقبلا، إذ يسهم من منظور الذاكرة الوطنية في إعادة بناء السرد الوطني على أسس تاريخية شاملة تضم جميع السلالات والأجيال التي أسهمت في بناء عمان منذ قيام الدولة البوسعيدية بجميع سلاطينها، كما يعكس هذا التغيير نضجا وطنيا ووعيا متقدما يوازن بين رمزية القائد ورمزية الدولة ككيان سياسي ممتد عبر القرون.

وترى «السيابية» أن اعتماد هذا التاريخ يمثل خطوة مدروسة نحو ترسيخ مفاهيم المواطنة والانتماء وتعميق الوعي بتاريخ الدولة ومؤسساتها، وهي مفاهيم ينبغي أن تبقى حاضرة في الذاكرة الوطنية لترسيخ التوازن بين الرموز الفردية والوطنية في الوعي الجمعي العماني، بما يعزز وحدة المجتمع حول الدولة كفكرة ومؤسسة وكيان مستمر في الزمن.