الاقتصاد العُماني.. تطور ونمو

01 يناير 2024
01 يناير 2024

أصدرت وزارة الاقتصاد في نهاية عام 2023م، نشرة أداء الاقتصاد العُماني، وهي نشرة ربع سنوية عن الفترة من (يوليو - سبتمبر) 2023م تلقي الضوء على أهم مؤشرات أداء الاقتصاد العُماني، وتعد استكمالا للجهود التي تبذلها وزارة الاقتصاد إعلاميا وتواصليا مع الجمهور لتوضيح أداء الاقتصاد العُماني وتطوره خلال الفترات الماضية، والذي يواصل انتعاشه وتحسنه بفضل فاعلية السياسات المالية والاقتصادية التي اتخذت خلال السنوات الماضية وتتابع مؤشراتها ونجاحها وزارة الاقتصاد. وتشير الأرقام -في حصاد الاقتصاد العُماني لعام 2023م- إلى تحسّن نوعي في أداء الاقتصاد ومواصلة نموه وتوسعه وتطوره ليواكب الخطط والاستراتيجيات الموضوعة لتحقيق مستهدفات «رؤية عمان 2040»، وتحسّن التصنيف الائتماني لسلطنة عمان، ليحفّز على استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المناطق الحرة والخاصة، إضافة إلى استقرار معدّل التضخم ليكون في الحدود الآمنة، والأهم من ذلك هو انخفاض نسبة الدين العام للدولة إلى الناتج المحلي الإجمالي ليقترب كثيرا من النسبة الآمنة للدين. عالميا، فإن صندوق النقد الدولي أشار في أكتوبر من العام الماضي إلى نمو متوقع للاقتصاد العالمي في 2023م بنسبة 3% وتضخم عالمي بنحو 7% ، إضافة إلى أن متوسط أسعار النفط العالمية سيكون 84 دولارا أمريكيا، أما في سلطنة عمان كان أداء الاقتصاد العُماني إيجابيا ومطمئنا ويحمل رسائل تفاؤل وارتياح بأن الاقتصاد يواصل تحسّنه وتنوّعه وتوسّعه خلال السنوات القادمة في ظل استمرار الجهود التكاملية والتنسيقية بين مختلف الجهات الحكومية لتجويد الإنفاق الحكومي وتعظيم الإيرادات العامة للدولة، وكذلك متابعة حثيثة من واضعي السياسات المالية والاقتصادية لتقييمها والالتزام بها لتحقيق الأهداف الوطنية المتوقع تحقيقها، مما أدى ذلك إلى تحقيق مؤشرات إيجابية للاقتصاد العُماني خلال الربع الثالث من العام الماضي 2023م، فالناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية وصل إلى 31.42 مليار ريال عُماني، ونما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بنحو 2%، وارتفعت نسبة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لتقترب كثيرا من 70% بعد أن كانت في 65% بنهاية الربع الثالث من عام 2022م، أما التضخم فبلغ 1.15% منخفضا بنسبة 62% عن عام 2022م الذي بلغت فيه نسبة التضخم بنهاية الربع الثالث 3%. ما يستحق الإشادة والثناء هو قدرة الحكومة بجميع وحداتها على تجويد الإنفاق الحكومي، لتواصل الميزانية العامة للدولة تسجيل ارتفاعات في الإيرادات مدعومة بارتفاع أسعار النفط عالميا، ما ساهم في تسجيل الميزانية العامة نحو 800 مليون ريال عُماني ارتفاعا ماليا في الإيرادات، الأمر الذي ساهم كثيرا في انخفاض الدين العام للدولة بنهاية الربع الثالث من عام 2023م، ليصل إلى 16.3 مليار ريال بعد أن كان 17.6 مليار ريال عُماني بنهاية الربع الثالث من عام 2022م، بنسبة تغيّر تقدّر بـ7.39% لينخفض إلى 15.2 مليار ريال بنهاية ديسمبر 2023م، ويخطو قدما نحو بلوغ النسبة الآمنة للدين العام التي حدّدتها الحكومة.

إن ما يكلل الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية هو ارتفاع نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر بنحو 27% مقارنة بالربع الثالث من عام 2022م ليبلغ نحو 23 مليار ريال عُماني بنهاية الربع الثالث من العام الماضي بعد أن كان بنهاية أكتوبر 2022م يقدّر بـ18 مليار ريال، وذلك بفضل التسهيلات التي تقدّم للمستثمرين الأجانب وتحديث منظومة التشريعات والقوانين المرتبطة بالاستثمار الأجنبي، وكذلك فاعلية الدبلوماسية الاقتصادية التي تشهد حراكا للتعريف بالفرص الاستثمارية في سلطنة عمان، مدعومة بتحسن التصنيف الائتماني واطمئنان المستثمرين بتلاشي مخاطر الاستثمار.

إن التقدّم الذي أحرزه الاقتصاد العُماني منذ ثلاث سنوات، بدءًا من عام 2020م لهو مدعاة للارتياح والاطمئنان في ظل تعرّضه لأزمات وصدمات اقتصادية نتيجة أحداث عالمية غير متوقّعة مثل تذبذب أسعار النفط عالميا واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع معدلات التضخم جرّاء ارتفاع أسعار النفط، إلا أنه بفضل السياسات الاقتصادية والمالية التي اتخذتها سلطنة عمان وأثبتت نجاحها وفاعليتها، استطاع الاقتصاد العُماني أن يتجاوز التحديات الصعبة وزاد من قوته وصلابته، مما انعكس إيجابا على التصنيف الائتماني والنظرة المستقبلية لسلطنة عمان، وهذه المؤشرات الإيجابية تحقّقت بعد جهود كبيرة بُذلت للتعامل مع التحديات المالية التي واجهت المالية العامة منذ سنوات وأثمرت عن سداد أكثر من 5 مليارات ريال عُماني من الدين العام للدولة خلال 3 سنوات فقط، وكذلك سداد 3 مليارات ريال خدمة الدين أو ما تعرف بفوائد الدين العام ليبلغ إجمالي المبالغ المسددة خلال 3 سنوات فقط نحو 8 مليارات ريال عُماني. ونتطلع في عام 2024م إلى مواصلة الجهود والخطط المالية المستدامة التي سيكون لها دور فاعل لاستدامة الوضع المالي لسلطنة عمان، خاصة مع تحسّن مؤشرات التوظيف والتشغيل في القطاعين العام والخاص، كذلك نأمل أن يشهد العالم خلال العام الجاري مزيدا من الاستقرار وأن تنتهي الصراعات السياسية والاقتصادية بين بعض الدول الكبرى ليواصل الاقتصاد العالمي نموّه واستدامته وتعيش شعوب العالم في أمن وأمان واستقرار.