متى «يفعَّل» دور المتحدث الرسمي في الحكومة؟!
24 ديسمبر 2025
24 ديسمبر 2025
كثيرا ما تصدر قرارات وزارية، أو توجيهات حكومية، أو تعليمات بشأن يخص المواطن في الصميم، ولا يلقى هذا المواطن من يوضّح له نقاطا كثيرة خافية عليه، ولا يصدر توضيح رسمي من الجهة المصدّرة للقرار لتبيان النقاط الملتبسة التي تدور في الأذهان، فيثور لغط لا ينتهي في الشارع، كل يدلو بدلوه، ويفسّر الأمور على هواه، ويبرر حسب رأيه، ويسخط حسب فهمه، بينما تلتزم الجهات المعنية الصمت، وكأن المسؤولين فيها لا يهمهم الأمر في شيء، ولا يلقى المواطن تفسيرا واضحا، أو مسارا رسميا يعرف من خلاله حيثيات الأمور التي تهمه، وفي المقابل تسارع وسائل التواصل الاجتماعي بنقل الأخبار، وتهويل الوضع، وتأليب الرأي العام، بينما يبقى متخذ القرار «أذن من طين، وأذن من عجين».
إنّ هذا الوضع، وهذه الإشكالية يجب أن تُحل من جذورها، وأن يقوم (المتحدث الرسمي) في الوزارة، أو الحكومة بدوره في الإجابة عن ما يدور في أذهان الناس من أسئلة، ورغم أن بعض الوزارات قامت بتعيين من يتحدث باسمها، فإن هذا المنصب ما زال منصبا شرفيا في معظم الأحيان، لا دور له فيما يحدث من حوله، ولا يقوم بمهام منصبه؛ إما لغياب المعلومة المتكاملة عنه، أو لتعليمات رئيس الوحدة بعدم الإدلاء بأي تصريحات!! وإما لعدم معرفته بدوره في هذه المعمعة، ويكون الضحية في كل الأحيان هو المواطن.
كما أن دور الصحافة الرصينة مفقود في مثل هذه المواقف؛ بسبب عدم متابعتها لما يدور، أو لغياب الحس الصحفي لدى البعض، أو لانتظار البيان الرسمي من الجهات، أو بسبب حجب المعلومة عن الإعلام من الجهة المصدّرة للقرار، وهذا هو واحد من الأسباب المزمنة التي أخّرت الصحافة عن أداء دورها، حيث تبقى المعلومة في درج المسؤول في دوائر العلاقات العامة والإعلام، ولا يبوح بها، وكأنها سر مكتوم، بينما يثور الشارع ويغلي؛ ينتظر الإجابات عن أسئلة مبهمة تدور في رأسه، وينتظر إجابتها، وتهم حياة المواطن بالدرجة الأولى، ولكن لا حياة لمن تنادي.
إن أحد حقوق المواطن هي فهم ما يدور حوله، وفهم القرارات التي تهم معاشه، وعدم تغييبه عن قرارات مصيرية تطال حياته اليومية، كما أن أحد حقوق الصحفي هي إتاحة المعلومة له، وعدم حكرها على مكاتب الإعلام في المؤسسات الرسمية؛ فالشارع ينتظر أي تفسيرات تزيح كثيرا من الالتباسات في قرارة نفسه، وهو يلجأ إلى أي سبيل للتوضيح، فإما أن يتجه إلى مصدر رسمي واضح، وإما أن يلجا إلى الإعلام والصحافة الرسمية والخاصة، وإما أن يتلقى المعلومة من وسائل التواصل الاجتماعي، وإما أن يفتح الباب على مصراعيه للتأويل، والتفسير، والخيال.
فمتى تفعّل وظيفة (المتحدث الرسمي) سواء كان للوزارات المعنية، أو للحكومة بشكل عام؟! فمن حق المواطن أن يعرف، ومن واجب الجهات الرسمية أن توضّح ما التبس في ذهنه، ولكي لا تُترك الأمور لبعض ضعاف النفوس، والمتربّصين، بالصيد في الماء العكر، وإدارة دفة التأويلات لدى الرأي العام، وبذلك تخسر الجهة المعنية الكثير من الوقت، والثقة لدى الشارع، حتى تتبيّن الحقائق، وتتضح الأمور.
