No Image
رأي عُمان

هل تدوم طفرة أسعار النفط؟

24 يوليو 2022
24 يوليو 2022

لم يكن أحد يتصور في مطلع العام الماضي أن أسعار النفط التي هوت إلى قرابة العشرة دولارات للبرميل الواحد يمكن أن تعود ثانية وتسجل أرقاما قياسية. كان العالم يعيش مطلع العام الماضي أسوأ جائحة صحية مرت عليه منذ أكثر من عقد من الزمان وتسببت تلك الجائحة في أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم مطلع القرن الماضي. ولكنّ أسعار النفط كانت قد هوت إلى أدنى مستوياتها قبل جائحة فيروس كورنا التي بدأت مطلع عام 2020، فقد تراجعت الأسعار بشكل دراماتيكي في النصف الثاني من عام 2014 وفي 2016 سجل النفط أكبر خسائره وقال المحللون حينها أن الأسعار لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ترتفع فوق 80 دولارا.

وسجلت الدول المعتمدة على النفط خسائر ضخمة في ميزانياتها وتكبدت عشرات المليارات من الديون. وجاء وباء فيروس كورونا وكرس كل تلك الخسائر والتراجعات وسجل العالم ركودا كبيرا.

لكنّ الأسعار عادت وانتعشت مرة أخرى بفضل الخطط التي تبنتها مجموعة "أوبك بلس" وارتفعت الأسعار فوق 120 دولارا مدفوعة هذه المرة بالحرب الروسية الأوكرانية التي ما زالت رحاها تدور حتى الآن ولم تفلح كل الضغوطات التي يحاول الغرب فرضها على الدول المنتجة للنفط في تراجع الأسعار بالطريقة التي يريدها الغرب.. لكن جزءا من فضل هذا الارتفاع يعود في المقام الأول إلى سياسات "أوبك بلس" وإلى عودة نمو الاقتصاد العالمي الذي ما زال يحتاج إلى المزيد من النفط لمواكبة نموه وطموحاته. حيث أن حاجة الصين والهند من الطاقة زادت كثيرا، والغرب الخائف من تمدد الحرب الروسية تواق إلى نمو اقتصادي يعوض خسائر العامين الماضيين.

لكن من يضمن المستقبل وتقلباته، ومن يضمن أن تستمر أسعار النفط فوق حاجز الـ 100 دولار لفترة أطول؟ ليس من السهل الإجابة على مثل هذا السؤال لسبب بسيط جدا هو أن أسعار النفط لا تحكمها المتغيرات الاقتصادية فقط ولكن المتغيرات السياسية، والسياسة متحولة بشكل سريع.

ولذلك فإن على بلادنا، سلطنة عمان، أن تستثمر هذه الطفرة في أسعار النفط من أجل أولا تخفيف حجم المديونية، ولكن أيضا من أجل تحرير حركة المشاريع في البلاد، المشاريع التي تستطيع أن تحرك عجلة الاستثمار في كل المجالات، فكل الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، مع الأسف الشديد، ما زالت تعتمد في حركتها على المشاريع الحكومية، وإذا لم تتحرك المشاريع الحكومية فإن عجلة هذه المشاريع تتوقف.

صحيح أن هذه الشركات قد مرت بدرس لا بد أن تستوعبه جيدا للمستقبل لكن عودة حركتها يحتاج إلى عودة المشاريع الحكومية بشكل سريع وكبير.