جامعة السلطان قابوس ومعيار التقدم في عُمان
عندما تأسست جامعة السلطان قابوس في منتصف ثمانينيات القرن الماضي كان ضمن أهدافها أن تكون إحدى أهم المؤسسات الأكاديمية في العالم العربي، ووُفر لها في سبيل ذلك كل الإمكانيات المالية واللوجستية. واستقطبت الجامعة منذ ذلك الوقت مجموعة كبيرة من كبار العلماء في مختلف المجالات استطاعوا أن يخرجوا أجيالا مسلحين بالعلم والمعرفة والرغبة الكبيرة في مواصلة مشوار العلم. وسرعان ما اكتسبت الجامعة سمعة كبيرة في منطقة الخليج والعالم العربي وأصبحت من أهم أحلام الشباب الطامحين في الدراسة الجامعية.
لم تتوقف الجامعة عن طموحها ولا الدولة عن دعمها رغم التحديات الكبيرة التي واجهت العالم العربشي خلال العقدين الماضيين، وانعكس ذلك على كل المسارات بما فيها المسارات التعليمية. لكن جامعة السلطان قابوس كانت قد أسست أجيالا من الأكاديميين العمانيين الذين حملوا لواء المعرفة والبحث العلمي وأصروا على أن تبقى جامعة السلطان قابوس منبرا يطمح له الجميع.
وانعكس ذلك الإصرار والطموح على نتائج الجامعة والتقييمات خلال السنوات الأخيرة، وتم تصنيف جامعة السلطان قابوس ضمن أهم 500 جامعة في العالم، حيث احتلت المرتبة 334 عالميا في تصنيف كيو إس (QS) لعام 2026.
ومؤخرا حصلت على المركز الثالث ضمن التصنيف العربي للجامعات لعام 2025، وحصلت على هذا التصنيف من بين 236 جامعة عربية. وهذا تصنيف ناشئ ينظم من قبل اتحاد الجامعات العربية التابع لجامعة الدول العربية ومقره العاصمة الأردنية عمّان.
ويختص هذا التصنيف الإقليمي بتقييم الجامعات العربية، وفق آليات تقوم على فرز المعطيات والمدخلات البشرية وتصنيفها آليًّا دون تدخل بشري، مما يعزز من قيمة التصنيف لدى المشاركين فيه، ويعطي مؤشرات واضحة عن الواقع الأكاديمي والبحثي والعلمي.
لكن طموح جامعة السلطان قابوس أكبر من ذلك بكثير، فهي تسعى أن تكون ضمن أفضل 300 جامعة عالميا بحلول عام 2030، وهي تقترب من هذا الطموح بشكل كبير.
ولا شك أن مثل هذه الطموحات مشروعة جدا، خاصة وأن القيادة في عُمان تدعم بشكل كامل تقدم الجامعات العمانية ورقيها وتعزيز جهودها في مجال البحث العلمي وقدرتها على التقدم الأكاديمي وتخريج أجيال قادرة على إحداث التغيير الجذري والمساهمة في حركة التنمية والتقدم المعرفي.
وهذه مناسبة مهمة للقول إن تقدم تصنيف أي مؤسسة جامعية في سلطنة عُمان هو دليل على أن عُمان تتقدم نحو الأمام بشكل عميق فالمؤسسات الجامعية هي التي تصنع التغيير وتصنع النهضة والتقدم، فإذا تقدم تصنيفها عربيا أو عالميا فهذا يعني أن المرحلة القادمة من شأنها أن تشهد حركة تقدم مطردة في عُمان وهذا مؤشر مهم يمكن البناء عليه ووضعه ضمن معايير قياس حركة النهضة والتقدم.
