No Image
رأي عُمان

خطاب التفاؤل والاستبشار

11 يناير 2022
11 يناير 2022

إن أهم صفة يمكن أن يوصف بها خطاب حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- في الذكرى الثانية لتولي جلالته مقاليد الحكم في البلاد هي صفة «الاستبشار» وكذلك «التفاؤل»، وهما صفتان كانتا حاضرتين في الخطاب من بدايته إلى نهايته وخصوصًا عندما تحدث جلالته عن الأداء المالي والاقتصادي. على أن هذا التفاؤل والاستبشار كان حاضرًا أيضا في أحاديث جلالته مع شيوخ المحافظات خلال الأيام الماضية. ولم يأت التفاؤل من أجل تغيير المزاج العام بعد عامين ثقيلين جراء الجائحة الصحية والأزمة المالية اللتين عصفتا بالعالم أجمع وفرضتا متغيرات كثيرة ولكنه «تفاؤل» «واستبشار» مبني على أرقام وعلى مؤشرات محلية وعربية ودولية أعلنتها سلطنة عمان خلال الأيام الماضية، وكشفت أن الإصلاحات التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة في عُمان منذ توليه مقاليد الحكم قبل عامين كاملين لتحسين الوضع المالي وبيئة الاقتصاد والاستثمار في البلاد على وجه الخصوص تُؤتي ثمارها وبشكل أسرع من المتوقع، وتشير إلى أن الطريق نحو المستقبل آمن بما يدعو إلى التفاؤل بل إنه يدعو إلى الاستبشار. وهذا لم يتأتَّ إلا بالصبر وكذلك بحكمة الإجراءات التي اتخذتها سلطنة عمان لتجاوز هذه المرحلة الصعبة للغاية وكذلك بالمشاركة الحقيقية من جميع أبناء عُمان الأعزاء. وأمام كل هذا أكد جلالته على الشعور بالرضا تجاه التغيير الإيجابي لمسار الأداء المالي الذي تحسن كثيرا. وتأسيسا على ذلك جاءت العتبات الأولى للخطاب تحمل وعدا قويا قطعه جلالته على نفسه مفاده «لن نتوانى عن بذل كل ما هو متاح من أجل بناء مستقبل زاهر لأبنائنا الأوفياء».

وتأكيد جلالته على أن أسمى أهداف هذه المرحلة كان ولا يزال استدامة قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية من شأنه أن يجعل المواطنين هذه المرة يشعرون بالتفاؤل والاستبشار أن الأوضاع المالية والاقتصادية في طريقها لحالة أكبر من الرضا ومن الاطمئنان والرفاهية خلال السنوات الأربع القادمة والمتبقية من خطة التوازن المالي. خاصة وأن جلالة السلطان أكد في خطابه على بناء منظومة حماية اجتماعية تُوفر للمواطنين حياة كريمة يستطيع عبرها تلمس ذلك التحسن وما يضفيه عليه من بعد إنساني مصاحب لكل مشروعات الإصلاح التي تشهدها البلاد.

وكما كل خطاباته السابقة أكد جلالته- أعزه الله- على دور الشباب والاهتمام بهم وجعلهم «في صميم اهتمامنا واهتمام حكومتنا». أما في ملف التوظيف فقد استخدم جلالته - أعزه الله- وبشكل مباشر وصريح هذه المرة كلمة «استبشرنا» وفيها دلالة واضحة لتحقق ما دعا إلى تلك البشرى، حيث كان الحديث عن عدد الذين تم تشغيلهم رغم صعوبة المرحلة، كما استخدم جلالته في حديثه عن هذا الملف عبارة «نتطلع بأمل مقرون بحزم» لأن تقوم قطاعات الدولة، والقطاع الخاص الذي ينتظر منه أن يؤدي دوره المأمول في حركة التوظيف؛ باعتباره المحرك الأساسي للاقتصاد والتنمية؛ لتوفير فرص عمل لأبنائنا وبناتنا المؤهلين، وتأهيل من يحتاج منهم إلى المهارات اللازمة؛ للانخراط في سوق العمل». فلم يعد التشغيل مجرد أمل لكنه هذه المرة «مقرون بحزم» ما يعني أن موضوع التشغيل سيأخذ منحى آخر تماما خلال المرحلة القادمة وسيتجسد الحزم في المتابعة وفي اختيار المشروعات التي تستطيع توليد فرص عمل للمواطنين، وسيصاحب ذلك أيضا دعم وتشجيع لبرامج رواد ورائدات الأعمال لما لهم من دور في تنشيط الحركة الاقتصادية.

وأتبع جلالة السلطان حديثه عن ملف التشغيل بحديث مهم آخر يتمثل في استثمار رؤوس الأموال المحلية التي قال إن أمامها فرص استثمار مجزية متطلعا حفظه الله ورعاه أن تكون «بلادنا وجهة استثمارية رائدة». وموضوع رؤوس الأموال المحلي موضوع مهم جدا وملف سيفتح على مصراعيه خلال المرحلة القادمة خاصة في ظل ما تشهده سلطنة عمان من استقرار سياسي ومن قوانين مشجعة على الاستثمار وحوافز كثيرة ما يدعو تلك الأموال إلى التحرك من مكانها أو العودة إلى بلادها.

وإذا كان الخطاب قد أوصل للجميع فكرة التفاؤل والاستبشار فإنه أيضا كشف عن «رؤية» واضحة لمسارات المستقبل فكل رؤية تقوم على أعقاب أخرى لتستمر مسيرة الحضارة العمانية في ديمومة وصفها جلالة السلطان المعظم في مستهل خطابه بأنها تسير في «حركة دؤوبة، بِقدر ما تأخذ من الماضي عبرها، ومن التاريخ دروسها؛ فهي تتطلع إلى المستقبل بعزيمة وثبات، وبتماسك أبنائها ووحدتهم».

حفظ الله عُمان وجلالة السلطان