455455555
455455555
رأي عُمان

المدخل الإنساني لحل الأزمة في اليمن

25 يناير 2022
25 يناير 2022

بمرور السنوات تثبت النظرة الموضوعية ضرورة الوصول إلى حل سلمي وسريع إلى الأزمة في اليمن الشقيق، وذلك بإنهاء الحرب عبر تهدئة الأوضاع والاتجاه إلى دعم كافة الجهود التي من شأنها أن تُعجّل العملية السياسية الشاملة، التي تعمل على إرضاء الأطراف المختلفة وتعزيز الأمن والسلام، مع الوضع في الاعتبار ما يعانيه الشعب اليمني طوال السنين الماضية من أوضاع مزرية وبؤس اقتصادي وحالة متردية، وإذ يأتي ذلك متجاورًا مع الوضع الكارثي الذي ترتب عن ظروف الجائحة الوبائية العالمية كورونا، التي لم تكن أغلب الدول في استعداد لها دعك عن بلد غارق من الأساس في خضم الأسى والجراح.

إن التصعيد في الوضع اليمني الراهن لن يخدم أي طرف كان، بل سيعمل على تعقيد الوضع ويزيد من الخسائر البشرية والمادية، ولهذا فالسبيل وفق الرؤية العمانية المدركة سلفا ومنذ بواكير الأزمة، هو اللجوء إلى الخيار السلمي والجلوس إلى طاولة المباحثات، بإخلاص ورغبة حقيقية في الوصول إلى حل نهائي لهذه الحرب.

ومن المعلوم تماما أن الأزمة اليمنية وليدة مجموعة من التقاطعات لقضايا محلية وإقليمية لا يمكن فصلها عن بعضها البعض في النظر إلى الحلول ذات الديمومة، بحيث أن الحل الجزئي أو الذي يرضي طرف دون آخر لن يكون له أن يحقق المعادلة النهائية للاستقرار والسلام المنشود، بحيث أن الأوضاع ستعود إلى المربع الأول وفقما رأينا في جولات سابقة من الحوارات والتفاوضات التي لم تعمل على الحل الناجع للوضع المتأزم.

حافظت سلطنة عمان على الحل الواقعي والعملي في التأكيد المستمر على أنه لا سبيل سوى الحوار، وأن المدخل السياسي من شأنه أن يبسّط المعقد من الأمور، إلى الوصول إلى نقاط التلاقي العملية والكبيرة التي تعمل على وضع الخلافات جانبا لمصلحة الجميع، بحيث تتحقق في خلاصة التفاوض نقاط إيجابية تستند عليها عملية السلام الذي يجب أن ينجز، لأنه ليس من خيار سوى ذلك مهما طال الزمن أو قصر.

إن الحديث ليس عن مفهوم الأزمة أو المأساة أو مسائل نظرية بل واقع يتجسد على الأرض تكشفه التقارير الدولية من مأزق اقتصادي وفقر وفاقد تربوي وتأزم صحي وغيرها من القضايا التي لا حصر لها، وهي في مجملها مسائل تجعل الطابع الإنساني مدخلا مركزيا وجوهريا لحل الأزمة، ودونه تسقط التفاصيل الأخرى، فإذا غابت النظرة الإنسانية الشاملة لمعاناة الإنسان اليمني لا يمكن لنا أن نرى الصورة بوضوح ولا صفاء وشفافية تقود إلى التهدئة بحق ووقف التصعيد بأي شكل كان، ومن ثم الحوار الإيجابي والفاعل الذي يحقق النتائج المرجوة.

سبق أن أكد معالي السيد وزير الخارجية على "أن العمل الجاد يتطلب التفاؤل ويحتاج إلى الطاقة الإيجابية، ولذلك لن نألو جهدًا، وسنواصل دعم كل المساعي في سبيل إيقاف الصراع الدائر في اليمن والتوجه بجميع الأطراف إلى مائدة الحوار والحلول السياسية السلمية للأزمة".

هذا هو المدخل السليم الذي ظلت سلطنة عمان تركز عليه وتسير به، والآن فإن الوقت مناسب أكثر من أي وقت مضى للمضي إلى الأمام، في دعم وقف الشامل والدائم لإطلاق النار واستئناف الجهود الإنسانية بشكل كامل وسريع جدا، في ظل لافتة مؤكدة ومرفوعة دائما "الحل السياسي هو الأنسب والأجدى، واليمنيون هم الأولى بتقرير مصيرهم"، بتأكيد وزير الخارجية.