شعر كعب بن معدان الأشقري
شعر كعب بن معدان الأشقري
ثقافة

رواد الأدب العماني... كعب بن معدان

25 مارس 2023
25 مارس 2023

من بني الأشقر، والأشاقر: قبيلة من الأزد، شاعر وخطيب معدود في الشجعان، من أصحاب المهلب المذكورين في حروبه للأزارقة، ولد في عمان في القرن الهجري الأول، ورافق المهلب بن أبي صفرة وبنيه في فتوحاتهم في خراسان. وكان كعب حاضرا في أكثر تلك الأحداث. وقد توترت العلاقة بين كعب وبين أبناء المهلب بعد وفاة أبيهم، بسبب انتقال ولاية خراسان إلى قتيبة الباهلي خصم المهلب، مما جعل كعبا يتنكر ليزيد ويهجوه، فجرّ عليه ذلك أمورا لم يحسب حسابها، فهرب إلى عمان لكنه قتل هناك.

استفرغ شعره في مدح المهلب وولده"، وقد ذكر هو نفسه في إحدى قصائده أنه مدح آل المهلب خمسين عاماً، وقد قال شعرا في الفتوح وحروب الأزارقة كما أنه هجا زياد الأعجم.

عن أبي عن المتلمس قال: قلت للفرزدق: يا أبا فراس، أشعرت أنه نبغ من عمان شاعر من الأزد يقال له كعب؟

فقال الفرزدق: إي والذي خلق الشعر، شعره للحجاج عن وقعة الأزارقة، وقال: سمعت الفرزدق يقول: شعراء الإسلام أربعة: أنا وجرير، والأخطل، وكعب الأشقري.

وأوفد المهلب بن أبي صفرة الأزدي مرةً كعب الأشقري ومعه مرة بن التليد الأزدي إلى الحجاج بخبر وقعة كانت له مع الأزارقة، فلما قدما عليه ودخلا داره بدر كعب بن معدان الأشقري فأنشد الحجاج قوله:

باتت كتائبنا تردى مسومة

حول المهلب حتى نور القمرُ

هناك ولّوا خزايا بعد ما هزموا

وحال دونهم الأنهار والجدر

تأبى علينا حزازات النفوس فما

نبقي عليهم ولا يبقون إن قدروا

فضحك الحجاج وقال له: إنك لمنصف يا كعب.

ثم قال الحجاج: خطيب أنت أم شاعر

فقال: شاعر وخطيب.

فقال له: كيف كانت حالكم مع عدوكم؟

قال: كنا إذا لقيناهم بعفونا وعفوهم، فعفوهم تأنيس منهم، فإذا لقيناهم بجهدنا وجهدهم طمعنا فيهم.

قال: فكيف كان بنو المهلب؟

قال: حماة للحريم نهارا، وفرسان بالليل أيقاظا.

قال: فأين السماع من العيان؟

قال: السماع دون العيان.

قال: صفهم رجلا رجلا.

قال: المغيرة فارسهم وسيدهم، نار ذاكية، وصعدة عالية، وكفى بيزيد فارسا شجاعا، ليث غاب، وبحر جم العباب، وجوادهم قبيصة، ليث المغار، وحامي الذمار، ولا يستحي الشجاع أن يفر من مدرك، فكيف لا يفر من الموت الحاضر، والأسد الخادر، وعبد الملك سم نافع وسيف قاطع. وحبيب الموت الذعاف، إنما هو طود شامخ، وفخر باذخ، وأبو عيينة البطل الهمام، والسيف الحسام كفاك بالمفضل نجدة، ليث هدّار، وبحر موّار، ومحمد ليث غاب، وحسام ضرّاب.

قال: فكيف جماعة الناس؟

قال: على أحسن حال، أدركوا ما رجوا، وأمنوا مما خافوا، وأرضاهم العدل، وأغناهم النفل.

قال: فكيف رضاهم عن المهلب؟

قال: أحسن رضا، وكيف لا يكونون كذلك وهم لا يعدمون منه رضا الوالد، ولا يعدم منهم بر الولد؟

قال: فكيف فاتكم قطري؟

قال: كدناه فتحوّل عن منزله وظن أنه قد كادنا.

قال: فهلا تبعتموه

قال: حال الليل بيننا وبينه، فكان التحرز-إلى أن يقع العيان، ويعلم امرؤ ما يصنع -أحزم، وكان الحد عندنا آثر من الفل.

فقال له: المهلب كان أعلم بك حيث بعثك.

وأمر له بعشرة آلاف درهم وحمله على فرس، وأوفده على عبد الملك بن مروان فأمر له بعشرة آلاف أخرى

كان عبد الملك بن مروان يقول للشعراء: تشبهوني مرة بالأسد، ومرة بالبازي، ومرة بالصقر، ألا قلتم كما قال كعب الأشقري في المهلب وولده:

براك الله حين براك بحرا

وفجر منك أنهارا غزارا

بنوك السابقون إلى المعالي

إذا ما أعظم الناس الخطارا

كأنهم نجوم حول بدر

دراري تكمل فاستدارا

ملوك ينزلون بكل ثغر

إذا ما الهام يوم الروع طارا

رزان في الأمور ترى عليهم

من الشيخ الشمائل والنجارا

نجوم يهتدى بهم إذا ما

أخو الظلماء في الغمرات حارا

وكان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور يعجب بقوله في مدح المهلب ومن شعره:

شفيت صدورا بالعراقين طالما

تجاوب فيها النائحات الصوادح

مددت الندى والجود للناس كلهم

فهم شرعٌ فيه صديق وكاشح

وكان كعب كثير الهجاء فمرة هجا عبد قيس، وكان سبب ذلك أن شرا وحربا وقعت بين الأزد وبين عبد القيس، وأسكنها المهلب وأصلح بينهم، وتحمل ما أحدثه كل فريق على الآخر، وأدى دياته، فقال كعب يهجو عبد القيس:

إني وإن كنت فرع الأزد قد علموا

أخزى إذا قيل عبد القيس أخوالي

فهم أبو مالك بالمجد شرفني

ودنس العبد عبد القيس سربالي

قال: فبلغ قوله زيادا الأعجم فغضب وقال: يا عجبا للعبد بن العبد بن الحيتان والسرطان

يقول هذا في عبد القيس، وهو يعلم موضعي فيهم والله لأدعنّه وقومه غرضا لكل لسان

ثم قال يهجوه:

نبئت أشقر تهجونا فقلت لهم

ما كنت أحسبهم كانوا ولا خلقوا

لا يكثرون وإن طالت حياتهم

ولو يبول عليهم ثعلب غرقوا

قوم من الحسب الأدنى بمنزلة

كالفقع بالقاع لا أصل ولا ورق

إن الأشاقر قد أضحوا بمنزلة

لو يرهنون بنعلي عبدنا غلقوا

قال: فشكاه كعب الأشقري إلى المهلب، فقال له المهلب: أنت أسمعتنا هذا وأطلقت لسانه فينا به، وقد كنت غنيا عن هجاء عبد القيس وفيهم مثل زياد، فاكفف عن ذكره، فإنك أنت بدأته.

ثم دعا بزياد فعاتبه، فقال: أيها الأمير، اسمع ما قال في وفي قومي فإن كنت ظلمته فانتصر، وإلا فالحجة عليه، ولا حجة على امرئ انتصر لنفسه وحسبه وعشيرته.