No Image
ثقافة

بالغناء تقاتل المدن الجميلة أيضا

10 أبريل 2024
10 أبريل 2024

حين أعود إلى زمن فلسطين الثقافي قبل النكبة أكاد أجن فرحا وغصة في آن وأنا أشاهد عشرات الفعاليات الثقافية في المجالات كافة، الغناء والمسرح والأمسيات الشعرية والرقص والرسم والنحت، الفرح لانتمائي إلى بلد يعج بالحياة والحرية والغصة لأنني أشهد الآن احتلالا يحاول خنق حياتنا وطمس صوتنا الثقافي، تعودت أن أزور ذلك الزمن الأصيل الأزرق وهو يهب في وجه العالم فنا وجمالا وإبداعا، من ينسى زيارات الفنانين العرب للقدس وإحياءهم الحفلات في قاعة جمعية الشبان المسيحية بالقدس في الأربعينيات مثل فيلمون وهبي وفريد الأطرش وأم كلثوم وأسمهان ومحمد عبد الوهاب ومحمد عبد المطلب وآخرين كثيرين؟ لم تتوقف القدس عن الغناء والإبداع على مدى زمن الاحتلال الذي ما زال مستمرا رغم كل محاولاته لعرقلة وقتل كل الفرص والمواهب بالاعتقال وسن القوانين الظالمة، ومع ذلك عُرضت عشرات المسرحيات والأغاني والأفلام والأمسيات ومعارض الرسم والكتب ومهرجانات الرقص.

بالصدفة رأيتهن في مطار عمَّان الدولي، كن ينتظرن موعد الطائرة، وفجأة شرعن في الطيران- الغناء:

(سلام لغزة سلام سلام،

سلام لغزة،

سلام سلام،

سلام لكل العيون الحزينة،

تفيض دموعها بأسًا وعزة،

سلام لغزة، سلام سلام،

سلام لشعب أبيّ عنيد،

بسهل خزاعة يلم الحصيد،

وحين يصد وحوش الحروب،

يشيع في كل يوم شهيد،

ويصمد في وجه كل الخطوب،

بعزم وفخر وبأس شديد،

فقد علمته قضايا الشعوب...) الخ.

ارتجف بدني أو (اقشعر) وأنا أرى بنات القدس يتجمعن ويغنين في مطار الملكة علياء الأردني، (أمام أحد فروع مطعم داعم مقزز لجنود الإبادة الجماعية في غزة)، يغنين لغزة محبوبتنا جميعا، يبهرني دائما هذا اللاترتيب واللارسمي الذي يفرضه سياق وتحميه عفوية، وانتماء للبلاد فكرة وألما، أذوب انفعالا وأنا أراقب انفعالات وجوه البنات وهن يغنين لسلام غزة، عرفت لاحقا أن هؤلاء البنات هن أعضاء «فرقة بنات القدس» التابعة للمعهد الوطني للموسيقى، بالقدس، وأنهن كن ذاهبات إلى الكويت ودول أخرى لإحياء حفلات تضامن مع غزة.

تتكوّن «فرقة بنات القدس» من خمسة وعشرين عازفة ومغنيّة من طلبة المعهد الوطنيّ للموسيقى، ويشرف على تدريبها سهيل خوري (غناء) ولؤي عباسي (عزفا). عملت الفرقة على تقديم أعمال عربيّة كلاسيكيّة أصيلة مثل أغاني ومقطوعات موسيقيّة لمحمّد عبد الوهاب، الرّحابنة وفيروز وسيد درويش، فريد الأطرش والشّيخ إمام. وقد حرصت الفرقة، أيضًا، على تقديم أعمال موسيقيّة ملتزمة، تحاكي النّضال الوطنيّ الفلسطينيّ، فقدّمت بعضًا من الأعمال المهمّة لأحمد قعبور ولفرقة العاشقين الفلسطينيّة وملحنها الكبير حسين نازك، وقدمت بعضًا من أعمال الفنان سهيل خوري.. وكانت هناك مُساهمات فنّيّة للمدربين لإضفاء توزيعات جديدة لبعض الأعمال لتمنح للأغاني روحًا جديدة. حاملة أغانيها الطربيّة وأغانيها الوطنيّة شاركت الفرقة في المهرجانات المركزيّة المهمّة، التي أقيمت في القدس، كمهرجان القدس، الذي ينظمه مركز يبوس الثّقافيّ، ومهرجان «ليالي الطرب في قدس العرب» الذي ينظمه المعهد الوطنيّ للموسيقى بالإضافة للمشاركة في مناسبات خيريّة تطوعيّة.

واحتراما وفخرا بأعضاء الفرقة أحب أن أذكر أسماءهن: لينا كمال (فلوت)، مارغو حنا مصلح (غناء)، هيفاء متولي (غناء)، سارة مشعشع (غناء)، عايدة قنبر (غناء)، سهى أبو عكر (غناء)، نور جمال علوي (غناء)، يارا قاسم (غناء)، أميرة إمام (كلارينيت)، ياسمين أبو شلباية (إيقاع)، ريم عبيدي (قانون)، سلمى عبّاسي (عود)، ريم شريف (غناء)، مريم عفيفي (كونترباس)، انتصار أبو شلباية (عود)، سهيد عزة (غناء)، رامة بدارنة (قانون)، شادن مكاوي (غناء)، رند خوري (تشيللو)، عرين شامي (غناء)، لمى إلياس (كمان)، كارول إبراهيم (كمان)، إلين مسعود (كمان).

سلام لغزة وللقدس ولفلسطين بلاد الغناء والحب والسلام والكبرياء الوطني أيضا.