مؤتمر باريس حول السودان.. بارقة أمل

03 أبريل 2024
03 أبريل 2024

بعد مضي عام كامل من بداية الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع سيعقد في العاصمة الفرنسية باريس مؤتمر دولي حول السودان في منتصف هذا الشهر (أبريل).

ويأتي انعقاد هذا المؤتمر الذي سيتزامن مع موعد مبدئي لاستئناف المفاوضات بين طرفي الحرب في 18 من الشهر الجاري، في ظل سعي جاد من المجتمع الدولي للالتفات إلى حرب السودان المنسية، بعد أن بلغت أعداد النازحين واللاجئين جراء هذه الحرب مستويات غير مسبوقة بحسب تقارير الأمم المتحدة، حيث بلغ عدد النازحين واللاجئين أكثر من 8 ملايين سوداني في أقل من عام.

وفيما تبدو مؤشرات واضحة على أن ثمة توافقا بين اللاعبين الإقليميين والدوليين هذه المرة بضرورة إنهاء الحرب العبثية في السودان، بعد أن كشف المبعوث الأمريكي للسودان توم برييلو عن توافق لمسه من الأطراف الإقليمية والدولية إثر جولة له في المنطقة شملت دولاً عربية وإفريقية معنية بالشأن السوداني، فإن ثمة ارتباطا وثيقا بين موعد انطلاق مؤتمر باريس في 15 من شهر أبريل الجاري، وبين موعد أولي لاستئناف المفاوضات في 18 من الشهر ذاته.

وبحسب الصحافة الفرنسية فإن المؤتمر سيناقش ملفات مختلفة حول الحرب في السودان، سواءً أكان ذلك في الجانب الإنساني أم الجانب السياسي؛ نظرًا للارتباط الوثيق بين الملفين، كما ستشارك في المؤتمر أطراف دولية وإقليمية وازنة، تضم الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي والإيقاد. ويبلغ عدد جميع المشاركين عشرين دولة ومنظمة دولية.

يهدف المؤتمر إلى «السماح للأسرة الدولية بأن تكون فعالة بصورة جماعية من أجل التوصل، في مرحلة أولى، لفتح مسارات للمساعدات الإنسانية وإيقاف إطلاق النار ثم استئناف عملية للسلام».

داخليًا، كان واضحًا أن الأزمة السياسية السودانية بعد أن تحولت إلى صراع مسلح أصبحت أكثر بعدًا عن قدرة الفرقاء السياسيين السودانيين على اجتراح حلول محلية يتوافقون عليها، فالمؤشرات التي كانت ينطوي عليها حراك المجتمع السياسي السوداني وطبقته الحزبية بعد الثورة وقبل الحرب كانت من الوضوح بمكان في الدلالة على انسدادات بنيوية في طبيعة الأزمة.

ذلك أن التجربة السياسية لنظام المتشددين الذي استمر 30 عامًا إثر انقلابهم على الحكومة الديمقراطية المنتخبة في عام 1989 كانت قد راكمت من الخطايا السياسية ما جعل من تعقيدات تدخل المجتمع الإقليمي والدولي في السودان أمرًا بالغ التركيب بحيث يمكننا القول إن تدخلات المجتمع الدولي إثر الخطايا السياسية طوال ثلاثين عامًا شهدت محطات فارقة؛ منها الحصار الاقتصادي للسودان الذي استمر لأكثر من 27 عامًا وأدخل السودان في أزمات كبيرة لعبت دورًا مؤثرًا في تعطيل التنمية والتحديث، كما أن إدراج السودان في لائحة الدول الراعية للإرهاب زاد من مشكلات السودان اللوجستية مع العالم، إلى جانب الحروب الأهلية التي اندلعت في دارفور وجبال النوبة وشرق السودان، وانتهاءً بانفصال جنوب السودان في عام2011 لهذا يمكن القول إن هذه الحرب الدائرة في الخرطوم منذ عام بين الجيش وقوات الدعم السريع هي ذروة المأزق السياسي الذي راكمته خطايا نظام الرئيس المعزول عمر البشير طوال ثلاثين عامًا.

لقد مر السودان بحروب أهلية طرفية اندلعت فيه حتى قبل استقلاله، واستمرت محطات الحرب الأهلية متنقلة تنطفئ هنا لتشتعل هناك، إلى أن اندلعت الحرب في المركز (الخرطوم) الذي كان يشعل الحروب في الأطراف.

يدرك السودانيون مرارات الحرب الأهلية، نتيجة تاريخ طويل صحبوا فيه تلك الحرب المتنقلةً بين جنوب البلاد وغربها وشرقها، لهذا فإن هذه الحرب اليوم تبدو فيها التدخلات الاقليمية والدولية بادية للعيان، الأمر الذي يمكن القول معه؛ إنه متى ما أدركت تلك الأطراف أن ثمة حاجة لوقف هذه الحرب خشية وصولها إلى نقطة اللاعودة في منطقة جيوسياسية خطيرة كالسودان الذي تجاوره 5 دول شهدت حروبًا أهلية (ليبيا- تشاد- إفريقيا الوسطى- أثيوبيا- جنوب السودان) فإن هناك إمكانية لتوقف الحرب داخل السودان.

وبحسب تقرير التصنيف المرحلي لإحدى الهيئات العالمية فإنه «دون وقف فوري للأعمال القتالية ونشر كبير للمساعدات الإنسانية... فإن سكان ولايتي الخرطوم والجزيرة ودارفور الكبرى وكردفان الكبرى، مهددون بالوصول إلى أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية خلال موسم الجفاف المقبل الذي يبدأ في أبريل- مايو 2024». لهذا يستبق المجتمع الدولي جهوده لوقف الحرب في السودان قبل حلول شهر مايو المقبل.