عندما جاء الذكاء الاصطناعي إلى هوليوود

04 أكتوبر 2025
مورين دود
04 أكتوبر 2025

بعبارة إميلي بلنت الخالدة: «يا إلهي، نحن مُتورّطون». 

كانت تتحدّث في بودكاست مع مجلة «فَرايتي» يوم الاثنين حين ناولوها عنوانًا عن أحدث ظاهرة سينمائية: تيلي نوروود. 

الوكلاء يحومون حول «الصفقة الساخنة»: ممثلة بريطانية شابة سمراء بملامح غضّة تلفت الأنظار عالميًا. لكن «نوروود» من صنع الذكاء الاصطناعي، وبلنت «غاضبة حتى القاع». في الواقع تقول إنها «مرعوبة»، وحين قيل لها إن مُبتكِرة تيلي، إلينه فان در فِلدِن -ممثلة هولندية سابقة تحمل ماجستير في الفيزياء- تريد لها أن تكون «سكارليت جوهانسون المقبلة»، احتجّت بلنت: «لكن لدينا سكارليت جوهانسون أصلًا». (أدخل الآن موسيقى فيلم «غزو سارقي الأجساد»). 

في أرجاء هوليوود، تلعن ممثلاتٌ «تيلي»، و«بيغماليونها» فان در فِلدِن، والرجالَ المنسحبين أكثر فأكثر ممن يفضّلون الإثارة عبر نسخٍ اصطناعيةٍ أبدية الشباب وبجمالٍ خارق للطبيعة. (لا بوتوكس ولا أوزيمبيك مطلوبًا). 

وفي أرجاء هوليوود، يسيلُ لعاب التنفيذيين أمام احتمال الحصول على ممثلين أكثر قابلية للتشكيل. قال لي أحدُ كبار مديري المواهب بنبرة جافة: «هي لن تجادل». 

قد يُفزَعُ الناس اليوم من ممثلةٍ واحدةٍ مصطنعة، لكن—as يشرح خبيرُ الذكاء الاصطناعي نيت سوارِس، الشريك في تأليف الكتاب الأكثر مبيعًا «If Anyone Builds It, Everyone Dies»— «الذكاء الاصطناعي ليس أشبه بممثلةٍ واحدة، بل بمُحرك دُمى يقف وراء شخصياتٍ كثيرة». 

وبينما تتفحّص بلنت صورة «تيلي»، بدا الانزعاج عليها واضحًا. قالت لـ«فرايتي»: «هذا مُخيفٌ حقًا، حقًا. هيا يا وكالات، لا تفعلوا ذلك. أرجوكم توقّفوا. توقّفوا عن سلبنا اتصالنا الإنساني». 

أخشى أن الأوان قد فات.. فروابطنا الإنسانية تتآكل منذ زمن. نحن جميعًا نقيم الآن في «الوادي الغريب» (Uncanny Valley)، أحدِقُ كلٌّ منا في شاشته الخاصة، غيرَ واثقٍ مما هو حقيقيٌ وما هو زائف، على حساب الكلام والمواعدة والقراءة والحياة. 

ونتلقى صدمةً جديدةً بشأن السرعة التي يتقدم بها الذكاء الاصطناعي. ففي هذا الأسبوع وحده، غُمرنا بسيلٍ من الفيديوهات العنصرية الصبيانية التي نشرها دونالد ترامب ساخرًا من قادة الديمقراطيين فيما كانت الحكومة تتجه إلى الإغلاق. الرئيس يتخبط في وحلِ الذكاء الاصطناعي. 

دشّن سام ألتمان، رئيس «أوبن إيه آي»، تطبيقه «سورا» الذي يصنع مقاطع فيديو واقعية على نحو مُقلق لمشاهد مختلقة. يمكن أن يتحوّل إلى «تيك توك» مُحمّل بمزيدٍ من التضليل. بكلماتٍ نصيّة قليلة يمكنك استحضار هجمات إرهابية، وتزوير انتخابات، واحتجاجات جماهيرية، ومشاهد حرب، ولا شك سيناريوهات جنسية مُزعجة. 

وقالت «نيويورك تايمز»: «كلّما ازدادَت واقعيةُ الفيديوهات، ازدادت احتمالات أن تُفضي إلى تبعاتٍ في العالم الحقيقي عبر تأجيج الصراعات، أو الاحتيال على المستهلكين، أو ترجيح كفة الانتخابات، أو تلفيق الجرائم لأشخاصٍ أبرياء، وفقًا لخبراء». 

سوف يُمعِن التطبيق في نَخْر الحقيقة والوِفاق العام. وكلّ ذلك في بلدٍ يضرب فيه الرئيس أسوأ مثال عبر ترويج السرديات الكاذبة والفيديوهات المفبركة، ويعتقد فيه نحو ثلثي الناخبين أننا منقسمون سياسيًّا أكثر من أن نحلّ مشكلاتنا. 

سيُستَخدم «سورا» لا محالة لتبرير رفض محتوى حقيقي بوصفه زائفًا. إذ أشارت الصحيفة نفسها: «حتى وقتٍ قريب، كانت الفيديوهات قرينةً موثوقةً إلى حدٍّ معقول على وقوع أحداثٍ فعلية، حتى بعد أن أصبح من اليسير تعديل الصور والنصوص بطريقة واقعية. غير أنّ جودة فيديو «سورا» العالية ترفعُ مخاطر أن يفقد المشاهدون ثقتهم بما يرونه، بحسب الخبراء. 

ورغم انزعاج كثيرين في «تينسلتاون» من «تيلي» و«سورا»، يرجّحُ أن يشقّ الذكاء الاصطناعي طريقه سريعًا في هوليوود المُتهالكة. فقد ولّت إلى حدٍّ بعيد أيامُ النجوم المتوهّجين والأفلام الكبيرة ذات الجاذبية الجماهيرية والهيبة. (سيدني سويني تبدو أصلًا -على نحوٍ مُريب- كأنّها صُنعُ ذكاءٍ اصطناعي). والآن المشهد هو لمارفل، والأجزاء المكرّرة، والاقتباسات، ومسلسلات البث التي تشعرُ كأن خوارزمية كتبتها للاستهلاك ونحن نُمرّر شاشةً أخرى. 

قالت لولا كيرك، الممثلة ومؤلفة كتاب «وايلد ويست فيليدج» - مقالات عن نيويورك وعائلتها الغريبة المبدعة: «أنا أفهمه رغم أنني لا أحبه. الأمر في النهاية تجارة، وعليهم مواكبة تفضيلات الجمهور وطلباته، ذلك الجمهور المعتاد أكثر على مؤثرين معدَّلة وجوههم بالمرشّحات يحرّكون شفاههم على مقاطع صوتية من «ربّات بيوت نيويورك الحقيقيات» لمدة 15 ثانية، لا على ممثلين يروون قصة عبر ثلاثة فصول. ربما -بطريقة غريبة- سيبعث ذلك الاهتمام بالفيلم والتلفزيون من جديد؟ هذا أنا أتفائل -وإنْ على نحوٍ حزين». 

أما النظرة الأقل تفاؤلًا فطرحها جارون لانير، كبير العلماء في «مايكروسوفت». قال: إن رئيسَ أحد استوديوهات هوليوود كان يتباهى بعظمة الذكاء الاصطناعي لأنه لن يضطر إلى دفع أجور «كل هؤلاء المنتجين والممثلين وفنيي الإضاءة والملحنين والكتّاب والوكلاء الأغبياء». أخبره لانير أن رؤساء الاستوديوهات أنفسهم سيغدون سريعًا «قطعًا قابلة للاستغناء» أيضًا، لأن الجميع سيخضع لرحمة «الخادم الحاسوبي الضخم في المركز، ووادي السيليكون سيسحقكم فحسب». 

ويرى لانير أن وجود شخصيةٍ مُحاكاة هنا وهناك لا بأس به، لكنه يقول: إن من «الملحّ» رسمَ خطٍ فاصل بين «المحتوى المُنتَج بالذكاء الاصطناعي والمحتوى المُنتَج من الواقع»، وبناء نظام نعرف فيه ما الحقيقي وما الزائف. 

قال لي: «المشكلة أنك إذا جعلتَ العالم كله يعمل عبر الزيف والمحاكاة، سيصبح الجميع أكثر اختلالًا وظيفيًّا على نحوٍ متزايد. سيغدو الجميع مغتربين، قلقين، غير واثقين من قيمتهم، وسينهار كل شيء، وفي نقطة ما يصبح الأمر أقرب إلى انهيار حضاري وانهيار لنوعنا البشري». 

وهذا، أعزائي القرّاء، سيكون أبعد ما يكون عن المثالية. 

 مورين دود كاتبة رأي في «ذا تايمز». فازت بجائزة بوليتزر عام 1999 عن التعليق المميّز. 

 خدمة نيويورك تايمز 

 تمت الترجمة باستخدام الذكاء الاصطناعي