البحوث الإجرائية ودورها في تحسين الممارسات التربوية والتعليمية

25 مايو 2024
25 مايو 2024

لا تدّخر الحكومة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ جهدًا في توفير كل ما من شأنه تحقيق رؤية عُمان 2040 في كافة القطاعات ومنها قطاع التعليم الذي يعد حجر الزاوية في نهضة الأمم والشعوب، فتحقيق النجاح في التعليم وتخريج جيل متسلح بالمعارف والمهارات سيؤدي بالضرورة إلى رفد القطاعات الأخرى بمتعلمين مهرة، يوظفون تلك المهارات في الارتقاء بالقطاعات التي سيعملون بها.

جزء مهم اشتمل عليه قانون التعليم المدرسي العُماني يحقق ما ورد في رؤية عُمان 2040 ضمن محور التعليم والتعلم والبحث العلمي والقدرات الوطنية ألا وهو البحث العلمي، فقد نصّ الفصل الخامس من القانون على أهمية البحث العلمي، وأنه أساس في تحسين الممارسات التدريسية، وحثَّ القانون الهيئة التعليمية على الانخراط في إجراء البحوث الإجرائية تحت إشراف الوزارة، وأن توضع نتائج تلك البحوث في خدمة العملية التعليمية التعلمية.

دور البحوث الإجرائية كبير في تطوير آليات التدريس والتعليم، واكتساب مهارات إجرائها يمكّن قيادات المدارس من إدارة فاعلة تدعم أداء المعلمين والطلبة في رحلة تعلمهم، وتمكّن المعلمين من معالجة كثير من التحديات التي تواجههم في الغرف الصفية، فهي مصممة لمواجهة المشكلات التي تواجه الأفراد أو المجموعات، وتسهم في تحسين مهارات المعلم في إدارة تعلم طلبته، وتكوين شخصيته المهنية في المجتمع المدرسي، خاصة أن البحوث الإجرائية تطبيقية، تقوم على التأمل والتفكر سعيًا لتحسين الممارسات وحل المشكلات، ومن جهة أخرى فإن من يجري هذا النوع من البحوث هم متمرسون ومنخرطون في مهنة التعليم، وعلى دراية تامة بما يواجه المعلمين من تحديات وعقبات، ينبغي التعامل معها يوميًا ومواجهتها باستمرار، وتكاد تواجه أغلب المعلمين في المراحل الدراسية .

تتيح البحوث الإجرائية للمعلمين عندما يتقنونها فرصة لتقييم أدائهم، وتحديد الجوانب التي تحتاج تحسينًا ومعالجة وتطويرًا، وهذا التقييم سيرتبط بعدم تحقق أهداف التعلّم، وعند معالجة تلك الجوانب فإن شعور المعلم بالرضا الذاتي سيرتفع، ورؤية الطلبة يتميزون بأداء المهمات والأنشطة سيدفع المعلمين والمعلمات لبذل مزيد من العطاء. هذا التحسين سيكون إجرائيًا وليس نظريًا، فعندما يسألنا معلم عن حل لمشكلة يواجهها، ويكون أحد المعلمين أو المعلمات قد توصّل لحل لها عن طريق بحث إجرائي فإن هذا الحل سيكون صالحًا للتطبيق في البيئة الصفية، فهو حل اختبر داخل الغرفة الصفية، ولم يكن مجرد فرضية لم تخضع لتجريب، مع الأخذ بعين الاهتمام تباين البيئات المدرسية واختلافها بين محافظات السلطنة.

رغبة الباحث في التفكير تعززها البحوث الإجرائية، إذ يسعى المعلمون لتميز طلبتهم دومًا، وأن يكونوا في طليعة طلبة المدرسة، وستكون البحوث الإجرائية أداة فعالة بين يدي المعلمين والمعلمات عندما يبدعون في رصد المشكلات التي تحول دون تميز الطلبة، ثم التعاون للوصول إلى حل يبني المعرفة، ثم يختبرها في البيئات المدرسية، ويجعلها صالحة للنقل والتبادل في بيئات تعليمية أخرى ذات ظروف مشابهة ووفق أعلى درجات المصداقية.

فوائد البحوث الإجرائية لا تقتصر على الغرف الصفية والبيئة المدرسية، بل تمتد لتعيد نظر المعلم إلى نفسه بوصفه باحثًا، وليس فقط مجرد ميسّر للمعرفة في الصفوف، فيصبح المعلم منتجًا للمعرفة، وشريكًا في رفد الميدان التربوي بحلول عميقة لمشكلاته وتحدياته.

مجالات البحوث الإجرائية واسعة ومتعددة، وجعل مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية بيئة داعمة للبحوث الإجرائية يحتاج:

1-قيادة مدرسية واعية متفهمة تتبنى نهج البحوث الإجرائية في التنمية المهنية المستدامة.

2-مجتمعات مهنية تعلمية فاعلة.

3- حضور معلمين ومعلمات يقتنعون بأهمية البحوث الإجرائية في تحسين ممارساتهم التدريسية.

4- الدعم والتحفيز من قيادة المدرسة للمعلم الباحث وتذليل الصعوبات كافة.

5- التدريب المستمر على إعداد البحوث الإجرائية بصورة علمية صحيحة.

6-التطبيق على مشكلات حقيقية وواقعية، تعود معالجتها بتحسن حقيقي للأداء المدرسي.

إيمان بنت محمد المعولية مديرة مدرسة مزون العلم للتعليم الأساسي