زيارة نادرة لبوتين إلى منطقتين على خطوط التماس.. وموسكو تتهم بعض الدول "بالتدخل" بشؤونها الداخلية
عواصم " وكالات": وجه وزراء خارجية دول مجموعة السبع اليوم الثلاثاء تحذيرا شديدا إلى الدول التي تساعد روسيا في حربها في أوكرانيا مؤكدين أنها ستدفع "أثمانا باهظة"، ووقفوا صفا واحدا بمواجهة الصين منددين بـ"أنشطتها العسكرية" البحرية.
وتوعد وزراء خارجية الدول الصناعية الكبرى المجتمعين منذ الأحد في منتجع كارويزاوا في جبال الألب اليابانية، الدول التي تقدم مساعدة لروسيا في حربها ضد أوكرانيا بدفع "أثمان باهظة".
ولم يعلن المجتمعون عن أي إجراءات جديدة ضد موسكو، لكنهم تعهدوا بمواصلة "تشديد" العقوبات بحقها ومضاعفة الجهود لمنع دول ثالثة من الالتفاف عليها.
كما ندد البيان الختامي للاجتماع بـ"الخطاب النووي غير المسؤول" الروسي وبتهديد موسكو بنشر أسلحة نووية في بيلاروس معتبرا ذلك "غير مقبول".
على صعيد آخر، وجه وزراء خارجية فرنسا واليابان والولايات المتحدة وكندا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة تحذيرا إلى بكين حول طموحاتها العسكرية في بحر الصين الجنوبي مؤكدين تمسكهم بموقفهم بشأن تايوان بعد الجدل الذي أثارته تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا بهذا الصدد.
وأثار ماكرون خلال زيارته للصين في مطلع أبريل موجة من الارتباك في الولايات المتحدة وأوروبا عندما صرح لوسائل إعلام أن على الاتحاد الأوروبي ألا ينخرط في "أزمات ليست أزماته" وألّا يكون "تابعا" لواشنطن أو بكين في ما يتعلق بمسألة تايوان.
وأكد وزراء الخارجية أن "لا تغيير في المواقف الأساسية لأعضاء مجموعة السبع بشأن تايوان، بما في ذلك السياسات المعلنة لصين واحدة"، معتبرين أن الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان أمر "لا بد منه".
وسعى وزراء الخارجية وبينهم الفرنسية كاترين كولونا، خلال المحادثات التي استمرت يومين في اليابان للتقليل من شأن الخلافات في وجهات النظر وتبنوا في بيانهم المشترك نبرة حازمة حيال بكين.
واعرب البيان كذلك عن "مخاوف" الدول السبع بشأن "توسيع الصين ترسانتها النووية بصورة متواصلة ومتسارعة" داعين بكين إلى العمل من أجل إحلال "الاستقرار من خلال المزيد من الشفافية" حول أسلحتها النووية.
وتعهد البيان بدون ذكر الصين، بتعزيز التعاون بوجه "الإكراه الاقتصادي" القاضي بفرض قيود على التجارة أو على الاستثمارات الخارجية لأهداف سياسية.
وإن كان الوزراء لم يذكروا الصين في تحذيرهم من دعم روسيا في حربها على أوكرانيا، إلا أن ذلك جاء بعد تحذيرات متكررة وجهها المسؤولون الغربيون إلى بكين من إمداد روسيا بالاسلحة.
زيارة نادرة لبوتين إلى منطقتين على خطوط التماس في أوكرانيا
وفي خطوة جريئة، أعلن الكرملين اليوم الثلاثاء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زار منطقتين على خطوط التماس في أوكرانيا، لترد كييف بالإشارة إلى أنه يطلع على "جرائم أتباعه".
ولم يحدد الكرملين موعد الزيارة التي أجراها بوتين إلى منطقتي خيرسون (جنوب) ولوغانسك (شرق) اللتين أعلن ضمهما في سبتمبر العام الماضي وإن كانت قواته لا تسيطر عليهما بالكامل.
أرسل الرئيس الروسي قوات إلى أوكرانيا في فبراير 2022، ما أثار أكبر نزاع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وأعلنت القوات الأوكرانية أنها تستعد لهجوم مضاد خلال الربيع.
واعتبر المستشار في الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك زيارة بوتين "جولة خاصة لعرّاب عمليات القتل الجماعي.. للاستمتاع لآخر مرّة بجرائم أتباعه".
وبعدما أُعلن عن زيارة بوتين الثلاثاء، أفاد مسؤولون أوكرانيون بأن القوات الروسية قصفت منطقة يوجد فيها سوق مركزي في خيرسون، ما أسفر عن إصابة ستة أشخاص بجروح.
والعام الماضي، مُنيت روسيا بهزائم في مناطق الشمال والجنوب فيما لم تحقق قوات موسكو مكاسب إضافية سوى في شرق أوكرانيا.
وبات الجزء الأكبر من المعارك يتركز حاليا في محيط بلدة باخموت (شرق) حيث تدور المعركة الأطول والأكثر دموية خلال النزاع.
أثناء زيارته إلى أوكرانيا، التقى بوتين بقادة عسكريين روس وناقش الوضع على عدة جبهات، بحسب الكرملين.
وأظهر تصوير مسجّل نشره الكرملين بوتين لدى نزوله من مروحية أثناء زيارته مقر قوات دنيبرو العسكرية في منطقة خيرسون.
كما زار مقر الحرس الوطني في لوغانسك في شرق أوكرانيا.
وقال بوتين في التسجيل المصوّر الذي ظهر فيه محاطا بكبار القادة العسكريين "يهمّني الاستماع إلى آرائكم بشأن الوضع، الاستماع إليكم وتبادل المعلومات".
وأفاد الكرملين في بيان أن بوتين هنأ العسكريين في المنطقتين بمناسبة عيد الفصح الذي احتفل به الأرثوذكس الأحد وقدم لهم "نسخا عن أيقونات".
وجاءت زيارته إلى خيرسون ولوغانسك بعدما ذكر الكرملين في مارس بأن الرئيس الروسي قام بزيارة مفاجئة إلى مدينة ماريوبول الساحلية التي سيطرت عليها موسكو في أعقاب حصار طويل الربيع الماضي.
وفي شأن آخر، أعلنت موسكو اليوم أنها استدعت سفيرات واشنطن ولندن وأوتاوا بعدما اتّهمت بلدانهنّ "بالتدخل" بشؤونها الداخلية.
ولم تحدد الخارجية الروسية سبب الاستدعاء على الفور، لكنها شجبت انتقادات السفيرات الاثنين بعد الحكم على المعارض الروسي البريطاني فلاديمير كارا-مورزا بالسجن 25 عامًا بتهمة "الخيانة العظمى".
وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن السفيرات الثلاث - الأميركية لين تريسي والبريطانية ديبورا برونرت والكندية أليسون لوكلير - قد يتمّ استدعائهنّ "ليتذكّرن ما يجب أن يفعل الدبلوماسيون بالعادة وما لا يجب أن يفعلوه".
وكررت الخارجية الروسية اليوم هذا الموقف، منددة "بالتدخل الواضح" للولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا في "الشؤون الداخلية" الروسية.
البرازيل ترفض اتهام واشنطن للولا بترديد موقف روسيا والصين
وفي سياق آخر، رفضت البرازيل التي استقبلت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم، الاتهامات الأميركية لرئيسها لويس ايناسيو لولا دا سيلفا بترديد الدعايتين الروسية والصينية بشأن الحرب في أوكرانيا.
وأتى استقبال لولا للافروف في برازيليا، في أعقاب زيارتي دولة أجراهما الرئيس البرازيلي الى كل من الصين والإمارات، واعتبر خلالهما أنّه يتعيّن "على الولايات المتّحدة أن توقف تشجيع الحرب وأن تبدأ بالحديث عن السلام".
كما رأى لولا أن كييف تتشارك المسؤولية عن اندلاع الحرب التي بدأت مع تدخل القوات الروسية لأراضي أوكرانيا في 24 فبراير 2022.
وشكّل الموقف البرازيلي تكرارا لموقفَي موسكو وبكين في تحميل الغرب مسؤولية الحرب التي دخلت عامها الثاني. وفي حين تسعى بكين الى الظهور بمظهر المحايد في النزاع مع الابقاء على شراكتها مع روسيا والامتاع عن إدانة الحرب والالتحاق بالعقوبات الغربية على موسكو.
والإثنين، شكر لافروف للبرازيل "مساهمتها" في البحث عن حل للنزاع.
الا أن مواقف الرئيس البرازيلي لقيت انتقادا لاذعا من واشنطن التي تقود الجهود الدولية لدعم أوكرانيا ومحاولة عزل روسيا على خلفية الحرب.
وكان المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي قد صرّح للصحافيين أن "البرازيل تردّد ببغائياً الدعاية الروسية والصينية من دون أن تنظر بتاتاً إلى الحقائق".
وشدّد على أنّ "التعليقات الأخيرة للبرازيل التي تشير إلى أنّه يتعيّن على أوكرانيا أن تتخلّى رسمياً عن القرم في إطار تنازل من أجل السلام، مضلّلة بكل بساطة"، معتبرا أن ما أدلى به لولا ينطوي على "إشكالية كبيرة".
وردّ وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا على كيربي، قائلا "لا أعرف كيف أو لماذا توصل إلى هذا الاستنتاج، ولكنني لا أوافقه الرأي مطلقا".
من جهتها، انتقدت كييف بدورها تصريحات لولا، اذ اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية أوليغ نيكولينكو أن الرئيس البرازيل "يساوي بين الضحية والمعتدي".
ودعا المتحدث لولا الى زيارة كييف لكي "يفهم الأسباب الحقيقية وجوهر" الحرب.
قائد أوكراني:هجمات روسية عنيفة على الجبهة الشرقية
وفي سياق الاعمال القتالية الميدانية، قال قائد القوات البرية الأوكرانية أوليكسندر سيرسكي، في بيان اليوم الثلاثاء، إن القتال العنيف مستمر في مدينة باخموت بشرق أوكرانيا حيث تهاجم القوات الروسية من الجو بالمدفعية الثقيلة.
غير أنه قال إن "الوضع تحت السيطرة في تلك المرحلة".
وأضاف أن الجنود الأوكرانيين سوف يلحقون خسائر كبيرة بالعدو وسوف "يبطؤون بشكل ملحوظ" الهجمات الروسية.
ووفقا لأحدث المعلومات من موسكو فإن نحو 80 % من أراضي المدينة محتلة من جانب روسيا بعد أشهر من القتال. ويقال إن المئات من المدنيين مازالوا صامدين في المدينة المدمرة بشكل كبير في منطقة دونيتسك التي كان يبلغ تعداد سكانها أكثر من 70 ألف في وقت من الأوقات.
كما تم صد التقدم الروسي في قطاعات أخرى من الجبهة، بحسب سيرسكي. ومن المتوقع أن الجيش الأوكراني سيتمكن من أن يشن هجوما مضادا كبيرا في العديد من المناطق في الأيام المقبلة.
من جانبها، تحدّثت الاستخبارات العسكرية البريطانية اليوم الثلاثاء عن "معارك عنيفة" متواصلة على طول خط الجبهة في دونباس.
وأفادت في بيان على تويتر "بوجود احتمال واقعي بأن تكون روسيا خفضت عديد القوات وتخفف الهجمات في محيط مدينة دونيتسك، على الأرجح من أجل تحويل الموارد باتّجاه قطاع باخموت".
ولفت البيان إلى أن الجنود النظاميين الروس وقوات من مجموعة فاغنر تواصل تحقيق "تقدّم بطيء".
وجاء في البيان أن "خط التماس في وسط المدينة يواكب إلى حد كبير خط السكة الحديد الرئيسي".
وأضاف أن أوكرانيا تسعى "لتحرير قوة هجومية بينما تتطلع روسيا على الأرجح لإعادة توليد احتياطي للعمليات".
