أخلاقيات البحث والكائنات غير البشرية
في شهر أغسطس الماضي، أعلنت دار نشر «سبرينجر نيتشر» وهي ناشر لحوالي 3000 مجلة أكاديمية، بما في ذلك مجلة «نيتشر» التي تُغطي أكثر المجلات العلمية تأثيرًا في العالم، عن توجيهات أخلاقية جديدة لمحرريها، تتناول التوازن بين الحرية الأكاديمية وخطر نشر بعض الأبحاث التي تضر بمجموعات معينة من البشر. وتذكر هذه التوجيهات أيضًا، وإن كان بإيجاز أكثر، الأبحاث والدراسات التي أُجريت على الحيوانات.
هناك مبادئ توجيهية راسخة تحظر نشر المقالات المُستندة إلى التجارب أو التجارب التي تفشل في حماية حقوق الأشخاص المعنيين بالبحوث. تتجاوز التوجيهات الجديدة هذا الأمر، مما يعني ضمناً أنه يجب على المحررين رفض البحوث التي تُساهم في المعرفة، وحماية مواضيع البحث الخاصة بها بشكل صحيح، إذا كانت على سبيل المثال تُساهم بشكل غير مباشر في وصم مجموعة بشرية ضعيفة. ولذلك تضيف التوجيهات الأخلاقية المُحدثة مجموعة جديدة ومعقدة من الاعتبارات إلى القرارات الصعبة بالفعل التي يتعين على محرري المجلات العلمية احترامها. تترك التوجيهات مجالًا واسعًا لتفسيرات مختلفة، إما أكثر ملاءمة للحرية الأكاديمية، أو أكثر حماية لحقوق وكرامة أفراد مجموعات معينة من البشر. يبقى أن نرى ما إذا كانت التوجيهات ستعمل على تضييق نطاق الموضوعات التي قد يأمل العلماء في نشرها في مجلة علمية رائدة - وإذا كان الأمر كذلك، فإلى أي مدى. فقد نشرت مجلة «الأفكار الخلافية»، والتي أعد محررًا ومؤسسًا مشاركًا فيها، مقالات رفضت مجلات أخرى نشرها، ليس بسبب عيوب في البحث، بل لأنها تدعم وجهات نظر تتعارض مع المعتقدات السياسية أو الأخلاقية الواسعة الانتشار والراسخة. لن أتفاجأ إذا أتاحت لنا الإرشادات الأخلاقية الجديدة التي أصدرتها «سبرينجر نيتشر» المزيد من هذه المقالات. تتمثل إحدى جوانب التوجيهات التي أرحب بها دون تحفظ إلى حد ما في بيان مفاده أن «البحوث ينبغي أن تحترم أيضًا حقوق الحياة غير البشرية». كان من شأن ذلك أن يكون أكثر فائدة إذا كان مصحوبًا بقائمة مُوجزة من الحقوق التي تتمتع بها الحياة غير البشرية. يمكنني فهم السبب وراء عدم محاولة القيام بهذه المهمة. لكن الإرشادات تتضمن، من بين قائمة الأضرار التي يجب تجنبها، «المعاناة غير الضرورية للحيوانات أو الكائنات البشرية نتيجة التجارب». في ضوء هذه الخلفية، يجب النظر إلى مقال بعنوان «إجهاد خفيف مزمن لا يمكن التنبؤ به ينتج عنه سلوك شبيه بالاكتئاب، مع زيادة إفراز هرمون الكورتيزول في الدم، واختلال وظيفي في التمثيل الغذائي لدى قردة الرباح المُراهقة»، نُشر عام 2021 في مجلة «سبرينجر نيتشر» للطب النفسي الانتقالي. يصف المقال كيف عمل الباحثون - ومعظمهم من جامعة تشونغتشينغ الطبية في الصين، ولكن مع اثنين من المؤلفين المشاركين في جامعات أمريكية - على تربية القرود في مجموعات اجتماعية ضخمة للسنة الأولى من حياتهم، ثم وضعهم في أقفاص مُنعزلة لمدة 70 يومًا.
فبالنسبة للحيوانات الاجتماعية المُراهقة، فإن الابتعاد عن مجموعة اجتماعية والعزلة أمران مرهقان للغاية بالفعل، والقادم أسوأ بكثير. فقد تم فرض ضغوط إضافية على القرود في خمس دورات تبلغ مدة كل منها سبعة أيام. في كل يوم من هذه الأيام الخمسة والثلاثين، تعرضت القردة لاثنين مما يلي: 12 ساعة من الضوضاء العالية، و 12 ساعة بدون ماء، و 24 ساعة بدون طعام، و 4 ساعات في مساحة أكثر تقييدًا، و 12 ساعة من التعرض لجهاز الستروبوسكوب، ودرجة حرارة تبلغ 10 درجات مئوية (50 درجة فهرنهايت) لمدة عشر دقائق، وصدمات كهربائية تصل إلى أقدامها من 3 إلى 4 مرات لمدة تتراوح ما بين 10-15 ثانية.
على الرغم من أن عنوان المقال يشير فقط إلى إجهاد «خفيف»، وفقًا لحسابات الباحثين، إلا أن البروتوكول التجريبي كان قاسيًا بما يكفي لجعل القردة تقضي وقتًا أطول بكثير من مجموعة مُراقبة فيما أسماه الباحثون «وضعية التجمع» - تعليق رؤوسها أسفل مستوى الكتف أو أسفل، ويُشبكونها. وخلص الباحثون إلى أن الضغوط التي فرضوها «يمكن أن تحفز السلوكيات الشبيهة بالاكتئاب والقلق». تكرر توجيهات الأخلاقيات في مجال البحوث الصادرة عن مجلة «سبرينجر نيتشر» التأكيد على شرط طويل الأمد وواسع الاستخدام مفاده أن يؤكد مؤلفي المخطوطات الذين يُقدمون تقارير عن البحوث حول الفقاريات الحية أو اللافقاريات الأعلى أن جميع التجارب قد أجريت وفقًا للمبادئ التوجيهية ذات الصلة.
وتتضمن المقالة التي تتحدث عن البحث الموصوف للتو هذا البيان: «تم الاحتفاظ بالحيوانات بموجب بروتوكول تجريبي معتمد من قبل لجنة الأخلاقيات بجامعة تشونغتشينغ الطبية (الموافقة رقم: 20180705) وفقًا لتوصيات استخدام القرود أو الكائنات غير البشرية في البحوث وتوجيهات لرعاية واستخدام حيوانات المختبرات». قد يؤدي شرط تأكيد الباحثين على امتثالهم للمبادئ التوجيهية ذات الصلة إلى حماية المحررين من التعرض للانتقادات، لكنه غالبًا ما يفشل في حماية الحيوانات الخاضعة للأبحاث. طلبت منظمة «الأشخاص من أجل المعاملة الأخلاقية للحيوانات» (PETA)، وهي منظمة أمريكية لحقوق الحيوان، من إميلي ترونيل الحاصلة على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة جورجيا، مراجعة هذه التجربة وتجربتين مشابهتين على القرود. وفي رسالة بعثت بها إلى رئيس تحرير مجلة «الطب النفسي الانتقالي»، كتبت قائلة: «في الأساس، تعرضت القرود للتعذيب بسبب هذه التجارب». كما تشير إلى أنه نظرًا إلى أن الضغوط المفروضة على القرود كانت مختلفة تمامًا عن تلك التي تسبب عادةً الاكتئاب أو غيره من أشكال الأمراض العقلية لدى البشر، فمن غير المرجح أن يكون نموذج القرود غير البشري مفيدًا في دراسات الاكتئاب البشري. وقد نشرت مجلة «الطب النفسي الانتقالي» هذه الدراسة قبل التحديث الأخير لتوجيهات مجلة «سبرينجر نيتشر» في مجال أخلاقيات البحوث. لكن لم يفت الأوان بعد لسحب المقال. إذا كانت الإشارات في التوجيهات إلى حقوق الحياة غير البشرية وتجنب المعاناة غير الضرورية تعني حقًا شيئًا ما، فإن هذا ما ينبغي لمجلة «الطب النفسي الانتقالي» القيام به الآن.
بيتر سِـنجر أستاذ أخلاق الطب الحيوي بجامعة برينستون وهو مؤسس المنظمة غير الربحية The Life You Can Save. تشمل كتبه تحرير الحيوان، الأخلاق العملية.
خدمة بروجيكت سنديكيت
