455455555
455455555
رأي عُمان

وسائل التواصل الاجتماعي ومأزق التربية والأخلاق

08 يناير 2022
08 يناير 2022

حديث حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الأسبوع الماضي عن مأزق التربية في ظل وسائل التواصل الاجتماعي ليس الحديث الأول عن هذه القضية الخطرة ولكنه حتما الأهم باعتبار أنه صادر من القيادة العليا في البلاد ما يعني أن هذه القضية باتت تشكل خطرا يستدعي أن يكون الحديث حوله من السلطان نفسه مُوجها إلى المجتمع ليستشعر الجميع أن ثمة خطرا يهدد هذا المجتمع في عمقه وفي بنيته، وتداعيات هذا الخطر إن لم تكن ظاهرة الآن - وهي ظاهرة مع الأسف الشديد- فإنها ستظهر بشكل أكبر وأكثر جلاء خلال السنوات القادمة لأن الأجيال الفاعلة اليوم في المجتمع هي نتاج البناء الأخلاقي والمعرفي للمرحلة الزمنية التي تعود إلى منتصف ثمانينات وحتى نهاية تسعينات القرن الماضي أو إلى السنوات الأولى من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كما يقول البعض، حيث كان الظهور الأول لما يمكن تسميته بالإرهاصات الأولى لوسائل التواصل الاجتماعي.

وفي الحقيقة ما أشار إليه جلالة السلطان قضية تشغل منذ وقت مبكر لظهور شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت» بال الكثير من فلاسفة الأخلاق والمفكرين الذين حذروا من خطورة هذه الوسائل على بناء الأجيال القادمة في ظل غياب أو تقهقر دور الأسرة والمؤسسات التربوية/ التعليمية في عملية البناء وفي مجتمع اختلطت فيه الكثير من مفاهيم وأسس البناء والتربية ما أفرز «قدوات» ونماذج مشوهة معرفيا وأخلاقيا لكنها، مع الأسف، قادرة على الحشد وقادرة على التأثير.

وأمام هذا الخطر الذي يدركه الجميع لكنّ الصوت يخفت في مواجهته كثيرا لا بد أن تتحرك كل مؤسسات الدولة وفي مقدمتهم مؤسسة المجتمع نفسه لتعيد مراجعة ما يحدث. لكن لا بد أيضا أن تكون هناك قوانين وتشريعات تنظم عمل هذه الوسائل دون المساس بمبادئ حرية التعبير وحرية النقد. وهذا بدوره يحتاج من المجتمع ومؤسساته حراكا كبيرا لفض التشابك بشكل علمي بين حدود حرية الرأي والفوضى، والقوانين وحدها القادرة على بناء المسارات الصحيحة خاصة عندما تكون هناك أرضية واضحة ورصيد معرفي كبير لمنظومة الأخلاق كما هو الحال في عُمان.