455455555
455455555
رأي عُمان

طريق التغيير بين النخبوية والشعبوية

07 سبتمبر 2021
07 سبتمبر 2021

تصعد في العالم أجمع اليوم تيارات شعبوية يتراجع أمامها دور النخب المثقفة في مختلف المجالات في إشارة إلى ضعف دور الأخيرة، وعدم قدرتها على الوصول إلى الجماهير أو عدم رغبتها في ذلك أو في الكثير من الحالات ذوبان النخب في التيارات الشعبوية ما يعني تخليها عن رسالتها الحقيقية والإذعان للخطابات الشعبوية.

والشعبوية في أبسط تعريفاتها أو محاولة توصيفها هي ذلك الصوت الذي يخاطب الجوانب العاطفية في الناس ومحاولة استمالتهم وكسب تعاطفهم عبر استخدام مزيج من الشعارات التي تجيِّش الجماهير، وتعطي وعودًا براقة حول احتياجات ومطالب الناس، كما تركز في خطاباتها على المطالب الفردية والقضايا التي تمس معيشة الناس، وبشكل مختصر تلك التي تستغل حاجة الناس وقلة اطلاعهم حول القضايا المحورية التي تدور حولهم.

والتيارات الشعبوية في العالم الغربي المتقدم تيارات قوية، ولها مريدوها، ولها قضاياها بينما تحضر في الكثير من مجتمعات العالم الثالث على شكل صراعات مذهبية ودينية.

هذا لا يعني أن القضايا التي ناقشها الخطابات الشعبوية ليست ذات أهمية بل هي مهمة وجوهرية في الكثير من الأحيان، ولكن طريقة مناقشتها تجييشية تدغدغ المشاعر ولا تقترب من العمق الذي يدرس جوهر الأشياء. ومعروف أن الشعبوية تعمل على إقصاء الملكات النقدية التي تملك القدرة على تقديم النقد للواقع وقضاياه بشكل عميق.

وإذا كانت المجتمعات العربية ومن بينها المجتمع العماني تمر بمرحلة تحول جذرية وثورة على الكثير من المفاهيم التي كانت سائدة فإن أي نهضة من هذا النوع لا يمكن أن تقوم بدون مثقفين وبدون نخب حقيقية في مختلف مجالات المجتمع. لا يمكن أن يترك المجتمع، أي مجتمع كان، في مرحلة تحول جذرية، للخطابات الشعبوية التي وجدت في وسائل التواصل الاجتماعي سبيلا لها للتحرك والانتشار الكبير. ومع هذا الفهم تحتاج النخب أن تكون لديها الإرادة للمشاركة في هذه التحولات بفكرها وخبرتها كما أنها تحتاج إلى تمكين من قبلة الدولة. وهذه المرحلة هي مرحلة النقد وبكثير من الحرية، ولكن حرية النخب لا حرية الشعبوية.