No Image
ثقافة

مركز العوتبي للدراسات الثقافية والتراثية.. حصن لحماية الإرث العماني

16 أبريل 2024
توجهات رائدة تجسد رؤية عُمان 2040
16 أبريل 2024

في خطوة نوعية تهدف إلى المحافظة على الثقافة والتراث العماني الأصيل، وحفظه وتوثيقه للأجيال القادمة، أطلقت جامعة صحار مؤخرًا «مركز العوتبي للدراسات الثقافية والتراثية»؛ ليكون بمثابة الحصن المنيع لصون إرث سلطنة عمان العريق وتراثها الثري، وتأتي هذه المبادرة الرائدة تجسيدًا لـ«رؤية عمان 2040»، التي أكدت على ضرورة الحفاظ على الموروث التاريخي والثقافي للبلد، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية وركيزة أساسية لبناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة. وفي ظل التحولات الكبرى التي شهدتها سلطنة عمان والتطورات الحديثة التي واكبتها في شتى المجالات، باتت الثقافة والعادات والتقاليد الموروثة معرضة لخطر الاندثار والضياع، الأمر الذي يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على هذا الإرث الثقافي الثمين.

وبحسب الرؤية المستقبلية لمركز العوتبي، فإنه سيكون مركزًا دوليًا للثقافة والتراث، مختصًا بدعم المعرفة المنظمة متعددة التخصصات، ليصبح بذلك مرجعًا ثقافيًا معتمدًا للباحثين والزوار من كافة أنحاء العالم.

أما عن رسالته، فتتمثل في المحافظة على التراث والثقافة العمانية، والتعريف بهما وصونهما في إطار من التمكين المعرفي الذي يعزز حضور الهوية الوطنية، فضلًا عن كونه مركزًا قادرًا على تفعيل البحث العلمي، وتوثيق المعارف الوطنية، وتطوير المبادرات واستدامتها، وتعزيز سبل التعاون الدولي وتفعيل الشراكة المجتمعية.

ويأتي إنشاء هذا المركز الرائد في إطار القيمة الجوهرية التي يسعى إليها، والمتمثلة في إعادة الثقافة المجتمعية المصونة إلى الواجهة المعرفية التي تستحقها وارتباطها بالثقافات العالمية، وقد دعت عدة عوامل إلى ضرورة إنشاء هذا الصرح الثقافي الفريد، أبرزها الحاجة إلى مركز علمي متخصص في علوم الثقافة والتراث، فضلًا عن إعادة تنظيم المشهد الثقافي والتراثي في سلطنة عمان وتقييمه برؤية علمية ورعاية جامعية من شأنها رفع منسوب الوعي به، إلى جانب تقديم الإنسان إلى العالم بصورة دالة بوصفه صاحب رؤية وثقافة وتراث وتاريخ عريق.

ومن الجديد الذي يسعى المركز للعمل عليه، تأسيس أرشيف رقمي للثقافة والتراث الوطني يكون مرجعًا للباحثين، وبناء أجندة ثقافية تراثية فنية وطنية تعنى بالمكان والزمان وتكون حلقة وصل بين الماضي والحاضر، فضلًا عن توثيق أدب الرحلات العمانية الأدبية والشعبية ودراستها وفهرستها، ودراسة اللغات واللهجات الشائعة في عمان والمتغيرات المصاحبة لها. كما يهدف المركز في المقام الأول إلى حماية النصوص التراثية والثقافية القديمة والمتجددة وصونها في ضوء اتصالها بالثقافات الأخرى، والتعرف على أجناس التراث الثقافي العماني وعناصره وأقسامه ومجالاته وتنوعاته وعلاقتها بالثقافة العالمي.

وتتمثل أهداف المركز أيضًا في تفعيل العمل الميداني في مجالات التراث والثقافة العمانية، وتأسيس الفرق البحثية الناظمة لها، وصياغة مشروعات الثقافة العمانية وتراثها وإجادة إدارتها، وربطها بالعلوم الإنسانية ومجالاتها المعرفية. كما سيعمل المركز على الاستجابة للاحتياجات الثقافية الوطنية مع التركيز على محافظة شمال الباطنة، وتفعيل مبدأ الشراكة مع مؤسسات المجتمع والإعلام وفرص التبادل الثقافي، إلى جانب تقدير الرواد من أبناء المجتمع العماني كل في مجال اختصاصه. وسيحرص المركز أيضًا على المحافظة على مبدأ التنوع الثقافي بما يكفل توثيق العلاقة بين المكان والإنسان، واستضافة مختلف الأعمال والعروض المتعلقة بالفنون، والتعاون مع مختلف الشركاء على الصعيدين الوطني والدولي. وسيغطي مركز العوتبي للدراسات الثقافية والتراثية مجموعة واسعة من الموضوعات تشمل تاريخ الثقافة والفنون والتراث وأبعادها النظرية، وأشكال التعبير الثقافي والفني في مختلف المجتمعات والفترات التاريخية، والسياسات الثقافية والإدارية، وعلم المتاحف وتصميم المعارض، والسياحة الثقافية والمحافظة على التراث، وتنمية المجتمع والتنوع الثقافي، وتاريخ الفن ونقده، والدراسات السينمائية والإعلامية.

كما سيستهدف المركز مجموعة من البرامج العامة المهمة، أبرزها برامج البكالوريوس والدراسات العليا في الفنون الثقافية ودراسات التراث، لتتيح للطلبة فرصة التعرف على تاريخ ونظرية وممارسة الثقافة والفنون والتراث في سياقات مختلفة، ومن أبرز الأنشطة والفعاليات التي سيضطلع بها المركز إقامة ملتقى سنوي دولي في أحد موضوعات الثقافة والتراث العماني، واستضافة الفعاليات الثقافية، والانخراط الأوسع مع المجتمع لتعزيز التفاهم الثقافي والحضاري من خلال برامج التوعية والمعارض والمبادرات الأخرى، وعقد دورات تدريبية وبرامج متخصصة للباحثين المبتدئين في الفنون الثقافية ودراسات التراث، وعقد حلقات عمل دورية للتوعية بأحد موضوعات التراث والثقافة، وصناعة محتوى معرفي بصري خاص بموضوعات التراث والثقافة العمانية، والإسهام في إعادة إنتاج المشهد الثقافي بما يواكب «رؤية عمان 2040»، وتنفيذ البحوث والدراسات اللازمة للحفاظ على مصادر التراث الثقافي بهدف عرضها على الشركاء المعنيين والمجتمع من آداب شعبية وفنون وفولكلور وصناعات تقليدية وأدبيات متعلقة بالبحر والصيد وغيرها، وتقديم الاستشارات المتعلقة بالتراث والعمل كحلقة وصل بين مختلف الشركاء، وإقامة مهرجان ثقافي للفنون والتراث وعقد المسابقات المتنوعة، وتوفير منصة لتبادل الأفكار والمعلومات في موضوعات الثقافة والفنون ودراسات التراث من خلال الندوات والمؤتمرات وحلقات العمل وغيرها، التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والمؤسسات وأصحاب المصلحة في المجال لتعزيز البحث متعدد التخصصات والتعلم والممارسة. كما سيعمل المركز على التعريف بأصل التراث الثقافي لسلطنة عمان من خلال عرض منتجات ثقافية محددة والأعمال الفنية والأدبية والموارد الطبيعية، إلى جانب الحفاظ على مصادر التراث الثقافي كالحكايات الشعبية ومعاجم اللغات والقصص وغيرها بهدف عرضها على الشركاء والمجتمع، وسيقوم المركز أيضًا بتنظيم المعارض والمؤتمرات الثقافية والعروض المسرحية للمجتمع الأكاديمي والجمهور العام، بما في ذلك إقامة الجولات التعليمية الافتراضية وتنسيق الزيارات الوطنية والدولية وتنظيم المعارض للتوعية بالتراث الثقافي المحلي والفنون وإقامة العروض الثقافية.

ولن يغفل المركز دوره في تمويل ومتابعة البحوث والمشاريع ذات الصلة، من خلال إعطاء الأولوية للأنشطة متعددة التخصصات، واستقطاب المنح البحثية والباحثين المهتمين بدراسة التراث العماني والثقافة والفنون، وتقديم الاستشارات المتعلقة بالتراث والعمل كحلقة وصل بين مختلف الجهات المعنية، إلى جانب العمل على إتاحة الفرصة لالتقاء أصحاب الخبرات من الأكاديميين والمهتمين بهذا القطاع الحيوي.