No Image
ثقافة

رواد الأدب العماني: سوار بن المضرب

27 مارس 2023
27 مارس 2023

أحد أربعة من الشعراء العمانيين المشهورين في بداية العصر الإسلامي، وحتى نهاية الإمامة الإباضية الأولى 134هـ، وهؤلاء الشعراء هم: مازن بن غضوبة الطائي، وكعب بن معدان الأشقري، وثابت بن كعب العتكي، وقد عارض الحكم الأموي أيام الحجاج بن يوسف الثقفي في الكوفة، فطلبه الحجاج ليقتله، فاستطاع أن يهرب وينجو، وفي ذلك يقول:

قاتلي الحجاج إن لم أزر له

دراب واترك عند هند فؤاديا

فإن كان لا يرضيك حتى تردني

إلى قطري ما أخالك راضيا

إذا جاوزت درب المجيزين ناقتي

فباست أبي الحجاج لما ثنانيا

أيرجو بنو مروان سمعتي وطاعتي

وقومي تميم والفلاة وراثيا

ينسب سوار إلى بني سعد بن زيد مناه بن تميم، وقد ذكرهم البكري قائلا: (ونفذت بنو سعد بن زياد مناه بن تميم إلى يبرين (جبرين الآن)، وتلك الرمال حتى خالطوا بني عامر بني عبد القيس في بلادهم قطر ووقعت طائفة منهم في عمان. وكما أشارت بعض كتب التاريخ إلى أنه بعد دخول الأزد عمان، فقد نزل بعمان بنو تميم، وقبائل عربية أخرى، ومن ضمنهم بنو سعد، ونزلت هذه القبيلة في ضنك ومدينة عبري والسليف وتنعم، وما زالت قبيلة بني تميم موجودة في بلدة الصبيخي في ولاية عبري. فقد ذكر هذا الشاعر بعض القرى العمانية في شعره وحنينه الجارف إليها، وتعلقه بها، ومن ذلك يقول في نونيته:

أحب عمان من حبي سليمى

وما طبي بحب قرى عمان

علاقة عاشق وهوى متاحا

فما أنا والهوى متدانيان

تذكر ما تذكر من سليمى

ولكن المزار بها نآني

فلا أنسى ليالي بالكلندى

فنين وكل هذا العيش فان

ويوما بالمجازة يوم صدق

ويوما بين ضنك وصومحان

والمضرّب بتشديد الراء المفتوحة. ذكر التبريزي في شرح الحماسة أنه سمي بذلك؛ لأنه شبب بامرأة فحلف أخوها ليضربنه بالسيف مائة ضربة، فضربه فغشي عليه، فسمي مضربًا لذلك.

ومن جميل أشعاره:

ألم ترني وإن أنبأت أني

طويت الكشح عن طلب الغواني

أحب عمان من حبي سليمى

وما طبي بحب قرى عمان

علاقة عاشق وهوى متاحًا

فما أنا والهوى متدانيان

تذكر ما تذكر من سليمى

ولكن المزار بها نآني

فلا أنسي ليالي بالكلندي

فنين وكل هذا العيش فان

ويومًا بالمجازة يوم صدقٍ

ويومًا بين ضنكِ وصومحان

ألا يا سلم سيدة الغواني

أما يفدي بأرضك تلك عان

وما عانيك يا ابنة آل قيسٍ

بمفحوش عليه ولا مهان

أمن أهل النقا طرقت سليمى

طريدًا بين شنظب والثمان

سرى من ليله حتى إذا ما

تدلى النجم كالأدم الهجان

رمى بلد به بلدًا فأضحى

بظمأى الريح خاشعة القنان

تموت بنات نيسبها ويغبى

على ركبانها شرك المتان

يطوى عند ركبة أرحبى

بعيد العجب من طرف الجران

مطية خائف ورجيع حاج

شموذ الذيل منطلق اللبان

قذيف تنائف غبر وحاج

تقحم خائفًا قحم الجبان

كأن يديه حين يقال سيروا

على متن التنوفة غضبتان

يقيسان الفلاة كما تغالي

خليعًا غاية يتبادران

كأنهما إذا حث المطايا

يدا يسر المتاحة مستعان

سبوتا الرجع مائرتا الأعالي

إذا كل المطي سفيهتان

وهاد شعشع هجمت عليه

توال ما يرى فيها توان

أعاذلتي في سلمى دعاني

فإني لا أطاوع من نهاني

ولو أني أطيعكما بسلمى

لكنت كبعض من لا ترشدان

دعاني من أذاتكما ولكن

بذكر المذحجية عللاني

فإن هواي ما علمت سليمي

يمان إن منزلها يمان

تكل الريح دون بلاد سلمى

وسرات المنوقة الهجان

بكل تنوفة للريح فيها

حفيف لا يروع الترب وان

إذا ما المسنفات علون منها

رقاقًا أو سماوة صحصحان

يخدن كأنهن بكل خرق

وإغساء الظلام على رهان

وإن غورن هاجرة بفيف

كأن سرابها قطع الدخان

وضعن به أجنة مجهضات

وضعن لثالث علقًا وثان

وليل فيه تحسب كل نجم

بدا لك من خصاصة طيلسان

نعشت به أزمة طاويات

نواج لا تبين على اكتنان

نثير عوازب الكدري وهنا

كأن فراخها قمر الأفاني

يطأن خدوده متشمعات

على سمر تفض حصى المتان

سرين جميعه حتى تولى

كما انكب المعبد للجران

وشق الصبح أخرى الليل شقا

جماح أغر منقطع العنان

وما سلمى بسيئة المحيا

ولا عسراء عاسية البنان

ألا قد هاجني فازددت شوقًا

بكاء حمامتين تجاوبان

تنادي الطائران بصرم سلمى

على غصنين من غرب وبان

فكان البان أن بانت سليمى

وبالغرب اغتراب غير دان

ولو سألت سراة الحي عني

على أني تلون بي زماني

لنبأها ذوو أحساب قومي

وأعدائي فكل قد بلاني

بدفع الذم عن حسبي بمالي

وبزونات أشوس تيحان

وأني لا أزال أخا حفاظ

إذا لم أجن كنت مجن جان

يبدو أنه قال تلك القصيدة بعد هربه من الحجاج، فإنه يذكر في البيت 9 أنه طريد، وهو لا يزال يعاوده الصبا فيحن إلى معاهد الحبيبة، وقد ملأت عليه خياله مقترنة بتلك الأيام الخوالي، وطيفها يزوره في ذلك المزار البعيد، وهو في طريقه إلى ذلك المهرب ظل يجتاز البلاد الموحشة في سرعة ظاهرة، على تلك الناقة التي وصفها هنا بأوصاف جميلة، وقلبه لا يزال معلقًا بسلمى التي تزاد بلادها منه بعدًا، فصار اليوم إذا حدثته نفسه بالعودة إليها تخيل مشاق الطريق ومخاوفه وما تتعرض الإبل له من جهد وإعنات. ثم يعود به الحنين إلى سلمى فيذكر جمالها وطرامتها، ويهيجه في ذلك بكاء الحمام، ثم يذكر أن الذي قدم لذلك البين ما كن من ذينك الطائرين قد صاحا، أما أحدهما فعلى فرع من الغرب، وأما الآخر فعلى البان، فاشتق من ذلك ما تشاءم به، فكان البين وكانت الغربة، ثم طلب إلى سلمى أن تسأل عنه أشراف القوم ليخبروها بما لا يزال عليه من الحفاظ والنخوة، وكثرة الجنايات.

هذه القصيدة رواها الكثير من القدماء منهم القالي في أماليه، والبغدادي في الخزانة وغيرهما كثير.