ثقافة

جلسة حوارية تحتفي بـ«تغريبة القافر» في بيت الزبير

30 مايو 2023
أكدت أهمية تطوير وتسويق الإنتاج الأدبي العماني
30 مايو 2023

زهران القاسمي: الجوائز وضعت الأدب العماني في دائرة الضوء ووجهت القراءة في منطقة تستحق المتابعة

بشرى خلفان: على المؤسسات الثقافية الاحتفاء بالكاتب العماني وتصديره في مقدمة معارض الكتاب العالمية -

خلفان الزيدي: الرواية تطرقت إلى واقع القرية ووظفت المفردة المحلية -

شدد المتداخلون في الأمسية الاحتفائية بـ «تغريبة القافر»، للكاتب زهران القاسمي، الحائز على الجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها السادسة عشرة 2023، على أهمية أن تهتم المؤسسات الثقافية الرسمية بالاحتفاء بالمنتج الأدبي العماني، عبر تصدير الكاتب العماني والمبدع في مختلف الفعاليات العربية والعالمية، في مقابل أن يركّز المبدع العماني على تطوير إنتاجه الإبداعي والتركيز على «النص» بعيدا عن النظر إلى «الجائزة» كهدف أساسي. وقد شهدت الأمسية الاحتفائية التي استضافها مسرح قاعة بيت النهضة بمؤسسة بيت الزبير وأدارتها الدكتورة منى بنت حبراس، مديرة الفعاليات الثقافية والإعلام ببيت الزبير، بمشاركة الكاتبين بشرى خلفان وخلفان الزيدي، وبحضور الروائي زهران القاسمي. الذي تم تكريمه من قبل محمد بن الزبير، إضافة إلى تكريم المشاركين في الحوار، كما شهدت الجلسة في ختامها النقاشات والمداخلات من الحضور.

يقول الكاتب زهران القاسمي في الجلسة عن فوزه: إنه لم يتوقع الفوز ولكنه كان يعتقد أن النتاج الأدبي العماني يستحق الفوز، بالنظر إلى الجهد الذي بُذل في الحركة الثقافية العمانية، ويشير إلى أن الحالة الأدبية في المجتمع العماني ليست وليدة اللحظة، وأنها تمتد عبر التاريخ ونحن نكتب بشكل رائع جدا. وقد حان الوقت لنحظى بالاهتمام والانتباه من الآخرين وأن نكون في دائرة الضوء.

عقب ذلك تحدث عن المكان وتأثيره في النص الأدبي، قائلا: إن المكان هو البسطة التي يشتغل عليها الروائي، إن كان يمتلك المكان وتفاصيله. ويشير إلى ثراء الموضوعات المغيبة كتابيا، ويجب على الروائي أن يعيش المكان ويعرف تفاصيله، ويستغل كل الثراء الذي حوله في كتابته.

مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا يمكن للروائي أن يكتب عملا روائيا إذا لم يكن لديه تحضير وبحث كاف حول الموضوع، الذي يريد الكتابة عنه. ويشير إلى أنه يجب على الروائي أن يعيش ويجرب الأمور التي يريد الكتابة عنها حتى يتمكن من إيصال التفاصيل بشكل دقيق وواقعي.

ويرى الكاتب أن الجوائز الأدبية تؤدي دورا مهما في إبراز النتاج الأدبي للأطراف، إذا ما كان «المركز» مشتغلا عنا، لأنه يعيد الناس هناك لقراءة أعمال في منطقة جديدة تستحق المتابعة. ويشير إلى أنه يقرأ كل ما يقابله من ردود كتابية، ويقبل على القراءة النقدية بصدر رحب، ولكنه يؤكد أن الرأي النقدي يجب أن يكون مستقلا وغير موجه، وأنه يهتم بالقراءات التي تحتوي على الإيجابيات والسلبيات على حد سواء، مؤكدا تفهمه أن هناك ردة فعل سلبية أو إيجابية في أي جائزة من الجوائز، حتى جائزة نوبل، وأن الرأي الذي يستهدف الحط من العمل الأدبي لا يعنيه مطلقا.

وأشار الكاتب في حديثه إلى أن الكتابة الروائية تتطلب العديد من الجوانب الأساسية منها البحث والاستعداد والتجربة والخبرة والتفاصيل الدقيقة والتعرف على المكان والحياة التي يحكي عنها الكاتب، بالإضافة إلى القدرة على إيصال فكرة وقصة واضحة ومثيرة للاهتمام، ويشير إلى أن العمل الأدبي يجب أن يكون ناتجا عن جهد كبير ومستمر.

فقدان التسويق!

بداية تحدثت الكاتبة بشرى خلفان عن رؤيتها للأدب العماني وأمنيتها بفوز رواية «تغريبة القافر» وأكدت أنها آمنت بجودة الرواية وقدرتها على المنافسة، وأن تحقيق الفوز كانت برغبة عارمة لأن يتوج الأدب العماني، مشيرة إلى أن الثقة بالكاتب زهران القاسمي كانت مبنية على سنوات من العمل المشترك والتواصل المباشر.

وشددت الروائية بشرى خلفان على أهمية العمل الجماعي وتبادل الآراء بين الكتاب وتعزيز الإنتاج الأدبي العماني بشكل عام، مشيرة إلى أن الكتاب يجب أن يعملوا على تجويد النص وتحسين جودته لإيصال فكرة وقصة واضحة ومثيرة للاهتمام.

وتحدثت «بشرى خلفان» عن ضعف عملية التسويق للإنتاج الأدبي العماني والحاجة إلى وجود منصات تسويق وترويج كافية له للوصول إلى الجمهور الأوسع، مؤكدة أن هذه المسؤولية مشتركة بين الكتاب والمؤسسات الثقافية والوزارات المعنية، وأنه يجب على الجميع العمل بجدية على إبراز الإنتاج الأدبي العماني وتسويقه بشكل أفضل على المستوى الداخلي والدولي.

وفي الختام، دعت الكاتبة بشرى خلفان إلى النظر بجدية إلى الإنتاج الأدبي العماني والعمل على تحسين جودته وتسويقه وترويجه بشكل أفضل، مؤكدة أهمية تعزيز الحركة الثقافية والأدبية في عمان والعمل على إبراز تاريخها وحضارتها ووجودها من خلال الإنتاج الأدبي والفني المتميز، ودعت إلى تعزيز التعاون والشراكة بين الكتاب والمؤسسات الثقافية والحكومية والخاصة لتحقيق هذه الأهداف وإبراز الإنتاج الأدبي العماني وتسويقه بشكل أفضل، مقترحة على وزارة الثقافة والرياضة والشباب أن لا تقتصر مشاركة سلطنة عمان في معارض الكتب على الأجنحة والكتب فقط إنما بتقديم الكاتب العماني والاحتفاء به في أي معرض يكون، حتى يتسنى له النقاش والوصول إلى الآخر على مسارح العالم.

وأشارت إلى أن ذلك يتطلب العمل بجدية وتفانٍ والاهتمام بالتفاصيل والجودة وتقديم الإنتاج الأدبي بشكل يلائم ما وصلنا إليه في التجربة، وهذا ما يمكن أن يساعد في تحقيق الإنجازات المتميزة التي يستحقها الأدب العماني.

مسؤوليات مشتركة

من جانبه، قال الكاتب خلفان الزيدي: في الوهلة الأولى التي أشارت إلينا بشرى خلفان لصدور رواية جديدة باسم «تغريبة القافر» ستصدر قريبا وأنها رواية «رائعة وقوية» حيث كانوا ينتظرون بفارغ الصبر إصدارها وإدراجها في برنامج المشهد الثقافي، واستضافة القاص زهران القاسمي، صاحب المشروع الذي يستنبط حكاياته من القرية التي بدأها في روايتي «سيرة الحجر» بعدد جزأين، ومنها انبثقت رواية «جبل الشوع»، وبعد هذه الرواية واصل زهران القاسمي الكتابة التي ترصد موضوعات لم يتم التطرق لها، وهي في صلب القرية ومعايشته لواقعها حتى أنه اختط خطا متميزا ظهر ذلك في نصوصه الشعرية والسردية.

وأشار «الزيدي» إلى أن الكاتب زهران القاسمي يعتني بمزرعته وبما يهتم به في حياته بقدر اهتمامه بنصه، وأن مقال الناقد محمد زروق لم يكن بعد فوز الرواية «الأول» بل تطرق لتجربة زهران القاسمي واستلهامه للمكان في القرية ضمن مجموع روايته ومنها «تغريبة القافر»، وكتب أيضا مقالا في مجلة الفيصل عن الرواية ذاتها، وكان يراهن على الرواية كثيرا حاله حال الكثير من الكتاب الذين راهنوا عليها، مشيرا إلى أن الفوز ما هو إلا عودة لمسار البوكر إلى مسارها الصحيح على عكس ما كان يقال ويتداول عنها.

وحول اللهجة المحلية ومفردات البيئة قال: «الزيدي»: هناك مفردات في الرواية لم يكن يعرفها حتى الإنسان القروي، وإن اللهجة المحلية في الحديث على سجيتها تصل إلى المتلقي دون الحاجة لتوضيح الكاتب، فالسياق كفيل بذلك، مؤكدا أن هناك مفردات تصل إلى العربية والعالمية بتلك السجية.

وأكد الزيدي في حديثة عن «الجوائز» والترجمة أيهما يحتاج للآخر: أن الجوائز هي الأهم وهي التي تحرك الترجمة، والتي تجعل الأعمال العمانية تلتفت إليها، وأن دور المؤسسات الثقافية كبير ومهم في نشر الأدب للخارج، وأن المسؤولية مشتركة بين المؤسسات والإعلام والكاتب نفسه.