No Image
العرب والعالم

بمشاركة مجلس عمان .. البرلمان العربي يبحث وثيقة «رؤية آمنة» للذكاء الاصطناعي

27 أبريل 2024
27 أبريل 2024

شارك مجلس عُمان في المؤتمر السادس للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية الذي عقدت أعماله بمقر جامعة الدول العربية بالعاصمة المصرية القاهرة أمس تحت شعار «رؤية برلمانية لتحقيق التوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي»، وذلك برئاسة معالي عادل بن عبدالرحمن العسومي، رئيس البرلمان العربي، وبحضور رؤساء المجالس والبرلمانات العربية.

وبحث المؤتمر مشروع الوثيقة التي أعدها البرلمان العربي واللجان التحضيرية بشأن الرؤية البرلمانية العربية لتحقيق التوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي، وكذلك الفرص والتحديات المرتبطة باستخدامات الذكاء الاصطناعي في الدول العربية، والدور الذي يمكن أن يقوم به البرلمانيون العرب في حوكمة استخدامات الذكاء الاصطناعي من خلال إنشاء إطار قانوني وتنظيمي يضمن تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي واستخدامها بشكل مسؤول وآمن في مختلف المجالات، وعلى نحو يراعي خصوصية وثقافة وأخلاق المجتمعات العربية؛ حيث تناولت الوثيقة ثلاثة محاور تضمن الأول المكاسب والمزايا التي يتيحها الذكاء الاصطناعي في المجالات الاقتصادية والتنموية والسياسية والعسكرية، والتحديات والتهديدات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتناول المحور الثاني الجهود التي تقوم بها الدول العربية للحاق بالسباق العالمي في الاستفادة من مميزات الذكاء الاصطناعي، أما المحور الثالث من الوثيقة فركز على التوصيات التي يمكن أن تشكل عناصر لبلورة رؤية برلمانية عربية موحدة من أجل تحقيق التوظيف الآمن لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في الدول العربية.

وأكـد سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى خلال كلمة ألقاها ضمن أعمال المؤتمر على أهمية الذكاء الاصطناعي كونه أبرز مخرجات الثورة الرابعة في عصر مليء بالتغيّرات المتسارعة؛ لذلك تتطوّر أنظمته بسرعة هائلة، الأمر الذي يؤدي إلى تغيّر طريقة ممارساتنا اليومية، ويتميّز الذكاء الاصطناعي بقدرته على تحليل كمية كبيرة من البيانات، وتوفير حلول مبتكرة للمشاكل التي يواجهها العالم الحديث، ويمكن استخدامه في مختلف المجالات مثل الطب، التعليم، الهندسة، الصناعة وغيرها؛ لذلك فمن الضروري بناء إطار تنظيمي يعزز الاستخدام الإيجابي والآمن لأنظمته في الدول العربية، ومن هذا المنطلق يثمن مجلس الشورى في سلطنة عُمان توجّه البرلمان العربي لإعداد مشروع وثيقة تحت عنوان (رؤية برلمانية لتحقيق التوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي)، ويأمل من خلال هذه الوثيقة أن يحقق الاستخدام الآمن والمفيد للذكاء الاصطناعي.

وأشار سعادته خلال كلمته إلى أن الذكاء الاصطناعي يأخذ دورا محوريا في الاقتصاد العالمي، حيث يعد محركا أساسيا للنمو الاقتصادي وزيادة الإنتاجية؛ ومع تطور التكنولوجيا والرغبة في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي زادت براءات الاختراع في مختلف مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي؛ إذ كشف تقرير (WIPO) بأن معظم براءات الاختراع التي قدمت بشأن الذكاء الاصطناعي كانت في مجالات الاتصالات، النقل، العلوم الإنسانية والطبية، والخدمات المصرفية والمالية. كما كشفت العديد من الدراسات بأن استخدام وتطوير تقنيات الذكاء الاقتصادي في مختلف القطاعات سيُحدثُ أثرا ملموسا في اقتصاد الدول مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية العمل بنسبة تصل إلى 40%، وسيوفر قوة عاملة افتراضية قادرة على حل المشكلات، وسيستفيد الاقتصاد من ارتفاع معدل الابتكار مما سيزيد إيرادات الدول، كما تشير دراسه أجرتها (PwC) إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للعالم قد يرتفع إلى 14% بحلول عام 2030م نتيجةً لتطور استعمالات أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (PECDI) بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستعمل على تحسين عملية صنع القرار، وخفض التكاليف، وزيادة الإنتاجية في مختلف القطاعات، إضافة إلى أن ظهور تقنيات عديدة للذكاء الاصطناعي تؤدي إلى تأسيس شركات ناشئة قادرة على إنجاز الأعمال التي تقوم بها الشركات الرائدة. وهو ما يؤدي إلى زيادة المنافسة وتقليص الفجوة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة، كما يؤدي إلى زيادة معدل التوظيف في الشركات والقطاعات التي تعمل على تصنيع وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما سيزداد الطلب على الوظائف التي تطلب مهارات عالية، وبالتالي ارتفاع أجور العاملين فيها، في المقابل قد يواجه العمال الذين ينجزون أعمالهم بمهارات روتينية إلى خطر البطالة بسبب قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على إنجاز مثل هذه المهام.

وأضاف سعادته: إن مجلس الشورى بسلطنة عُمان ومن خلال عمل اللجان الدائمة رصد العديد من التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي وتحد من استخداماته، ونأمل أن تكون هذه التحديات، منطلقا لرؤيتكم بتحقيق التوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال أخذها بعين الاعتبار ومراعاتها.

كما أوضح المعولي أن الحديث عن الذكاء الاصطناعي باعتباره منطلقا نحو المستقبل لتنمية بشرية مستدامة، فإن الواجب يتطلب لفت الانتباه، والإشارة إلى أن له استخدامات قد تؤدي إلى زوال التنمية، والقضاء على البشرية. وليس أدل على هذا القول مما تقوم به قوى الاحتلال الغاشم في أرض غزة وفلسطين. أكثر من مائتي يوم من الدمار الشامل في إبادة جماعية، ومشاهد مروعة، تحار أمامها العقول والألباب. فأعداد الشهداء تجاوزت الثلاثين ألف شهيد بزيادة يومية مطردة، والجرحى يزيدون عن سبعين ألفا، ومما يندى له الجبين أن يكون أكثر هؤلاء الشهداء والمصابين من الأطفال والنساء والشيوخ الذين لا حول لهم ولا قوة. جثث تكتظ بها الشوارع والطرقات، مقابر جماعية، منعٌ لدخول المساعدات، تشريد لما يزيد عن مليون ونصف المليون إنسان، هدم ودمار لما يزيد على 70% من القطاع. وأخيرا ذلك الفيتو المخيب للآمال الذي استخدمته الولايات المتحدة الأمريكية بعدم قبول فلسطين كعضو كامل العضوية في هيئة الأمم المتحدة.

وفي ختام كلمته أكـد سعادة رئيس مجلس الشورى قائلا: إن ما يحدث في غزة والضفة وفلسطين عامة يحتاج منا إلى مواقف عربية واضحة تتسق مع عظم الأحداث والكوارث وتتناسب مع حجم المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وفي إطار أعمال المؤتمر السادس للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية استقبل فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية رؤساء المجالس والبرلمانات العربية المشاركين في المؤتمر السادس للبرلمان العربي؛ مؤكدا فخامته على المسؤولية الكبيرة الواقعة على عاتق البرلمانات العربية للدفع قدما بمسيرة التكامل العربي.

وكان مجلس عُمان قد شارك في أعمال الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر التي شهدت مراجعة الوثيقة الخاصة بالمؤتمر عبر مناقشات تتعلق بحوكمة الذكاء الاصطناعي في الدول العربية، منها إقرار بنية تشريعية متطورة لوضع ضوابط استخدامات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة استراتيجيات وخطط وطنية لتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي، وإنشاء أنظمة إنذار مبكر للتقييم المستمر لمخاطر الذكاء الاصطناعي، كما ناقشت الاجتماعات التحضيرية ترشيد الوعي المجتمعي بشأن تحديات ومخاطر الذكاء الاصطناعي، ومراعاة خصوصية وثقافة وأخلاق المجتمعات العربية، وتوطين صناعة الذكاء الاصطناعي في الدول العربية وتوظيفه في العمل البرلماني العربي، والمشاركة الدولية للتوصل إلى اتفاقية دولية ملزمة لتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي.

وضم وفد مجلس عمان المشارك في أعمال المؤتمر والاجتماعات التحضيرية سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى، وبمشاركة كل من المكرم سالم بن مسلم قطن، نائب رئيس مجلس الدولة، والمكرمة الدكتورة سناء بنت سبيل البلوشية، والمكرم الدكتور محمد بن سليمان الراشدي، أعضاء مجلس الدولة، وسعادة حميد بن جمعة الشامسي، وسعادة سالم بن حمود الغماري، وسعادة سيف بن خالد الريسي، وسعادة عبدالله بن سرور الكعبي، وسعادة الدكتور علي بن ناصر الحراصي أعضاء مجلس الشورى.

من جانبه أكد سـالـم بن مسلم بن علي قطن نـائب رئيـس مـجـلس الـدولـة على أن نهج وسعي سلطنة عُمان يقوم على دعم ومساندة كافة أشكال التعاون والتضامن في مختلف القضايا العربية مما يعَد انعكاسا لرؤية قيادتنا في مساندة الجهود العربية للنهوض بالعمل المشترك خدمة لأمن واستقرار الدول العربية.

وأضاف: تسعى سلطنة عُمان إلى مد جسور التعاون وتطوير علاقاتها مع مختلف الدول والشعوب، بما يمكّن من تنسيق المواقف العربية ويعززها في المحافل الدولية لتوحيد الجهود الرامية لنصرة قضايا أمتنا العربية، وما هذا اللقاء الذي يحمل في مضمونة التوظيف الآمن لما يسمى بالذكاء الاصطناعي إلا عنصر مهم يصب في مصلحة أمن وطننا العربي. وذلك لما لهذا التقدم التقني التكنولوجي في العالم من انعكاسات مختلفة منها الإيجابي ومنها ما يتطلب منا الاستعداد لمواجهته بالأدوات ذاتها شريطة أن يكون من صناعاتنا وذلك للتقليل من سلبياته.

وأشار نائب رئيس مجلس الدولة إلى أن ما يدور في المنطقة من أحداث وحروب ألقت بظلالها على الشعوب العربية والعالم عموما بمثابة نتيجة لما أظهرته من ازدواجية في المعايير وتباين المواقف والسياسات، أكدت بما لا يقبل مجالا للشك أن ما يسمى بحقوق الإنسان والقانون الدولي والمبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة، أصبحت تطبق وفقا لرغبة القوى النافذة فقط وعلى من ترغب تلك القوى وأن معيار الإنسانية ليس له مكان عندها.

وأوضح بأن سلطنة عمان ومن على هذا المنبر، تؤكد موقفها الراسخ في دعم الحق المشروع للشعب الفلسطيني في الحياة، وبما يكفل له الحرية والكرامة وتقرير المصير.

إننا اليوم وكل يوم، نؤكد على الوقوف الصادق مع النفس، بل مع الضمير الإنساني الحر، في الدعوة إلى كبح العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني وفتح الممرات الإنسانية وتسهيلها، لدخول جميع الاحتياجات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة، ورفع الحصار المفروض عليه.

مؤكدا أن الشعب الفلسطيني يواجه معاناة إنسانية شنيعة، ينفطر لها القلب حسرةً وألمًا، وعدم اتخاذ إجراء حاسم لوقف هذا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الفلسطيني، بذريعة الدفاع عن النفس.