الرياضية

منتخبنا يخرج بخفي حنين من كأس العرب .. إقصاء مبكر يعيد فتح الملف الكروي العُماني !

15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025

تحقيق - فيصل السعيدي

حلَّ وقع الإقصاء المبكر لمنتخبنا الوطني الأول لكرة القدم من منافسات النسخة الحادية عشرة لبطولة كأس العرب ٢٠٢٥ الجارية منافساتها حاليا على ملاعب العاصمة القطرية الدوحة حتى ١٨ ديسمبر الجاري، كالصدمة على الوسط الرياضي في سلطنة عمان الذي عاش كابوسا مريرا وتجرع مرارة الإقصاء المؤلم والمحزن لمنتخبنا الوطني من دور المجموعات.

وخرج الأحمر يجر أذيال الخيبة من مشاركته في البطولة العربية التي غادر أسوارها مبكرا من الدور الأول، بعدما اكتفى بحصد ٤ نقاط من مجمل ٣ مباريات خاضها في المجموعة الثانية أمام منتخبات السعودية والمغرب وجزر القمر على التوالي.

واستهل منتخبنا الوطني مشواره في البطولة بالخسارة أمام المنتخب السعودي الشقيق بهدفين لهدف، وبعدها تعادل سلبا أمام نظيره المنتخب المغربي في لقاء الجولة الثانية، قبل أن يختتم مشواره في دور المجموعات بفوز شرفي على حساب منتخب جزر القمر بهدفين مقابل هدف، بيد أنه لم يكن كافيا لحجز تذكرة التأهل لربع نهائي البطولة، ليبصم منتخبنا على تأشيرة خروجه من الباب الضيق ويودع المنافسات خالي الوفاض تاركا ألف علامة استفهام على المستويات والنتائج التي قدمها في هذه البطولة تحت قيادة مدربه البرتغالي كارلوس كيروش.

وخلّفت تبعات وتداعيات الخروج الحزين لمنتخبنا الوطني من دور المجموعات ببطولة كأس العرب ردود أفعال مختلفة على مستوى الوسط الرياضي في سلطنة عمان، وفي سياق التحقيق الصحفي الرياضي التالي نستعرض ردود فعل عدد من المدربين الوطنيين الذين أبدوا أسفهم وحسرتهم على خلفية الإقصاء المرير.

تطبيق الرسم التكتيكي

وأنحى المدرب الوطني سليمان خايف باللائمة عن اللاعبين وفتح النار على المدرب البرتغالي كارلوس كيروش واضعا إياه في مرمى الانتقادات، حيث حمّله مسؤولية الإخفاق المباشر في إقصاء منتخبنا الوطني مبكرا من دور المجموعات في بطولة كأس العرب ٢٠٢٥ بقطر، وبهذا الصدد علّق المدرب الوطني المخضرم قائلا: لاعبو منتخبنا لا يتحمّلون مسؤولية الإقصاء المبكر من كأس العرب، إنما يتحمّلها ربان السفينة كارلوس كيروش الذي فشل في قيادة الأحمر إلى بر الأمان نتيجة إصراره على تطبيق الرسم التكتيكي العقيم ٤- ٥- ١، والذي له عدة ارتدادات وتحولات لم يلقنها اللاعبون أو على الأرجح هو لا يعرفها أصلا!

على صعيد متصل أردف خايف قائلا: كما هو معلوم في أعراف وتقاليد كرة القدم عندما تلعب مدافعا عليك أن تلقن اللاعبين أساليب أخرى متشربة من بينها تفعيل سلاح الهجمات المرتدة السريعة، والتحول الهجومي الخاطف، عطفا على المرونة والانسيابية في تبادل المراكز. واستطرد: ثمة خطط وطرق أخرى للعب عند الحاجة للفوز وقلب الطاولة على الفريق المنافس، ولكن نحن لا نرى إلا أسلوبا واحدا يصر عليه المدرب كيروش، وأكبر دليل على ذلك فشل المدرب في التعامل مع حالة الطرد التي حدثت في صفوف المنتخب المغربي في الدقيقة ٥٣، على الرغم من أنه امتلك مساحة زمنية كافية للتفوق على الفريق المنافس، وانتظرنا طيلة الوقت أن يغير طريقة لعبه إلى ٤- ٣- ٢- ١ أو ٤- ٣- ٣، لكنه ظل وفيا لرسمه التكتيكي المعتاد ٥- ٤- ١، وبدا جليا أنه لا يجيد سوى هذه الخطة وطريقة اللعب فقط.

وتابع: انتظرنا التغيير الذي يفترض أن يقوم به بعد الطرد مباشرة، ويزج بأوراقه الهجومية الرابحة على غرار كل من: زاهر الأغبري والمنذر العلوي وصلاح الحيائي ومحمد الغافري، لكن مع الأسف أجرى التغيير في الدقيقة ٨٥ من عمر المباراة وبتغيير واحد وبالأسلوب نفسه.

وأتم خايف مساحة حديثه بالقول: هناك أسئلة نوجهها إلى الجماهير والمحللين الفنيين والنقاد الكرويين؛ مَن يتحمّل كابوس الإخفاق الذريع والإقصاء المرير والمبكر من دور المجموعات في بطولة كأس العرب هل اللاعبون أم المدرب؟ ما حدث يمكن وصفه بالعبث والفوضى التكتيكية العارمة التي اختلقها المدرب كيروش في مباريات منتخبنا الوطني بكأس العرب، لقد أحدث الكثير من التخبط والعشوائية في الرسم التكتيكي العقيم والمقيت.

ضعف الإعداد العام

بينما لخّص المدرب الوطني حسين بن موسى السعدي أسباب انتكاسة الأحمر وخروجه المبكر من منافسات النسخة الحادية عشرة لبطولة كأس العرب ٢٠٢٥ بقطر في ضعف الإعداد العام قبل البطولة وأورد أمثلة على ذلك مثل عدم توفر مباريات ودية قوية كافية ضد منتخبات أعلى مستوى، وعدم الاستقرار على تشكيلة ثابتة قبل الشروع في منافسات البطولة.

وعلل السعدي إقصاء منتخبنا بضعف التخطيط الفني طويل المدى، وانعدام الرؤية الواضحة بشأن خطط المنتخبات السنية، وعدم وجود ديمومة لمشروع يستهدف خلق وتنشئة أجيال كروية جديدة، مما ترتب عليه ندرة في المواهب.

وأبرز السعدي عوامل أخرى تسببت في الإقصاء المبكر من منافسات كأس العرب كالتأخر في اختيارات للمدربين، والإحلال والإبدال في جلد الأجهزة الفنية لمنتخبنا الوطني بشكل متكرر أصبح مألوفا للعادة.

كما أعزى السعدي الإقصاء المبكر إلى ضعف مخرجات ومفرزات دورينا المحلي غير المواكب لركب التطور الكروي المتسارع على حد وصفه وتعبيره، لافتا إلى أن عدد مباريات دورينا قليل ولا يلبي حجم الطموحات والتطلعات مقارنة بدوريات الدول المجاورة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن احتكاك اللاعبين في دورينا شبه معدوم، مما يحد من جاهزيتهم في المحك الدولي على كافة الأصعدة والمستويات فنيا وبدنيا وذهنيا ومعنويا.

وتطرق السعدي أيضا إلى ضعف الاستثمار في البنية التحتية لكرة القدم وخاصة في الأندية، مشددا بالقول إنه لا يوجد مشروع وطني واضح الأركان والمعالم بشأن تطوير الملف الرياضي في سلطنة عمان.

وعرج في السياق ذاته على عدم وجود الدعم الكافي لتجهيز اللاعبين بدنيا وفنيا منذ الصغر، مختتما مساحة حديثه بتبيان معضلة فنية أخيرة تتلخص في ضعف قراءة الجهاز الفني لبعض المباريات في بطولة كأس العرب، والتأخر في إجراء التبديلات الحاسمة، وعدم معالجة الأخطاء الدفاعية المتكررة، واللعب بحذر مبالغ فيه رغم الحاجة لتفعيل الشق الهجومي.

وليد السعدي: كيروش بالغ كثيرا في التركيز على الشق الدفاعي

علّل المدرب الوطني وليد السعدي الإقصاء المبكر لمنتخبنا الوطني الأول لكرة القدم من دور المجموعات لبطولة كأس العرب بقوله: لقد تابعنا جميعًا منتخبنا الوطني في كأس العرب وبدا واضحًا للعيان أن منتخبنا لم يكن في المستوى الفني المأمول خلال المباريات التي خاضها إبان مشاركته في هذه البطولة، وفي اعتقادي الشخصي أن المدرب البرتغالي كارلوس كيروش أمعن التركيز كثيرا على الشق الدفاعي، وأهمل في المقابل الشق الهجومي، وهذا ما يفسر انتصاراتنا المحدودة تحت قيادته.

وأضاف: فنيا أرى أن مبالغة كيروش في نهج الكثافة العددية الدفاعية، والتعويل على سلاح المرتدات الخاطفة والتحولات الهجومية السريعة طمسا هوية الأحمر الفنية، وأخلا بشكله وأسلوبه، وأفقداه مرونته التكتيكية المعهودة داخل المستطيل الأخضر.

وتابع السعدي قائلا: ربما تأثر منتخبنا الوطني أيضا بغياب محترفينا الذين ينشطون في الدوريات الخارجية نظرا لعدم إدراج منافسات بطولة كأس العرب في أجندة أيام الفيفا، ولكن هذا ليس بالمسوغ الكافي لأن غالبية المنتخبات المشاركة مرت بذات الظرف المماثل ولم تتمكن من تفريغ لاعبيها المحترفين في الأندية الخارجية حالها حال منتخبنا الوطني تماما.

وأكمل السعدي قائلا: في نهاية المطاف تعددت الأسباب والإقصاء واحد ولعل السبب الأبرز يكمن في تكتيك المدرب كيروش الذي أخل بتجانس وتناغم الفريق وأفقده هويته الفنية داخل المستطيل الأخضر، مما أدى لعدم بلوغ الدور الثاني في منافسات كأس العرب.

وفي سياق متصل أردف السعدي قائلا: مستويات بعض اللاعبين أيضا لم تكن في أزهى فتراتها، ويعزى الأمر برمته إلى التبعات والتداعيات النفسية المتراكمة جراء عدم الصعود لمونديال ٢٠٢٦، ما نجم عنه حالة من الاضطراب المعنوي الذي سبق المشاركة في بطولة كأس العرب، وبدا جليًّا أيضًا عدم تمكن منتخبنا الوطني من استثمار حالة الطرد في صفوف المنتخب المغربي خلال المباراة الثانية التي خاضها في البطولة والسبب يعود لضعف المنظومة الهجومية في منتخبنا ككل وعدم القدرة على خلق الفرص وافتقاد منتخبنا لحلول التصويب المباشر على المرمى، ناهيك عن افتقاره لبعض الخصال والخصائص التكتيكية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: افتقاره لسلاسة وانسيابية التحرك دون كرة، وعدم ممارسة الضغط الأمامي المتقدم في مناطق الخصم، وكذلك الحلول على مستوى المهارات الفردية كانت بمثابة سلاح غائب حد كثيرا من صناعة الفارق الفني المطلوب في مباريات منتخبنا الوطني ببطولة كأس العرب.

وزاد: أضف إلى ذلك التعاقب مؤخرا على تغيير الأجهزة الفنية لمنتخبنا الوطني مما زعزع استقرار المنظومة الفنية للأحمر، وخلق صعوبات جمة في التوافق والتعاطي مع أفكار ورؤى المدربين الذين تعاقبوا على تدريب الأحمر مؤخرا في غضون فترة زمنية وجيزة، لذا من الصعب توجيه أصابع اللوم والاتهام للاعبين إذ لا يمكن التكيف والتأقلم بمرونة مع واقع هذه المتغيرات التي عصفت بالأحمر وأخلت بانسجامه واتزانه التكتيكي خلال الآونة الأخيرة.

وأكمل السعدي: ختاما نقدم الشكر لنجم المنتخب علي البوسعيدي على الفترة التي قضاها في صفوف المنتخب الوطني، لقد أبلى بلاء حسنا طيلة فترة دفاعه عن قميص الأحمر، وربما اتخذ قرار "تعليق حذائه" في توقيت صعب جدا، ولكن هذا هو حال كرة القدم فلكل بداية نهاية.

عبدالعزيز الريامي: الإقصاء جاء نتيجة تراكم مجموعة من العوامل الفنية

قلّل المدرب الوطني عبدالعزيز الريامي من سهام النقد الموجه لمنتخبنا الوطني في أعقاب إقصائه المبكر من دور المجموعات في بطولة كأس العرب ٢٠٢٥ الجارية منافساتها حاليا في العاصمة القطرية الدوحة، وفي هذا الشأن علّق الريامي قائلا: من وجهة نظري أن منتخبنا الوطني خرج بـ"خفي حنين" من بطولة كأس العرب بعد أداء تنافسي مشرّف لم يخلُ من الروح القتالية، لكنه افتقد للفاعلية والنجاعة الهجومية المطلوبة في اللحظات الحاسمة.

وأضاف: جاء الخروج نتيجة تراكم مجموعة من العوامل الفنية التي أثّرت مباشرة على مردود الفريق داخل الملعب، وتمثلت أبرز العوامل في غياب الابتكار الهجومي الخلّاق وشح صناعة الفرص، وعدم القدرة على اختراق دفاعات الخصوم، بالرغم من التفوق النسبي في الاستحواذ.

وتابع قائلا: عانى المنتخب أيضا من بطء واضح في التحول الهجومي، ما أفقده عنصر المفاجأة والسرعة الانتقالية التي تصنع الفارق في مثل هذه البطولات، وعلى المستوى الدفاعي ارتكب لاعبو منتخبنا أخطاء فردية مؤثرة في مساحات متقدمة منحت المنافسين أفضلية لم ينجح منتخبنا في تعويضها.

وفي سياق متصل شدد الريامي بالقول: تتوزع مسؤولية الإقصاء المبكر من منافسات كأس العرب بين اللاعبين والجهاز الفني بقيادة المدرب كيروش؛ فاللاعبون ارتكبوا أخطاء فادحة في التمركز وافتقدوا عامل التركيز، بينما لم ينجح الجهاز الفني في توظيف العناصر بالشكل الأمثل أو استثمار التبديلات لإحداث تأثير إيجابي في مجريات اللعب.

واسترسل: أدّى غياب الهوية الفنية الواضحة في التحولات إلى تقليل فعالية منتخبنا الوطني في اللحظات الحاسمة.

وتعقيبا على سبل معالجة تلك الإشكالات القائمة علّق الريامي قائلا: ولمعالجة تلك الإشكالات، تبدو الحاجة ملحة لإعادة بناء هوية اللعب بالاعتماد على سرعة التحول والضغط المنظم، مع منح اهتمام أكبر لتحسين جودة الإنهاء والصناعة عبر تدريبات متخصصة، كما يتطلب الأمر اختيار العناصر الأكثر جاهزية، وتحسين إدارة المباريات من حيث قراءة الخصوم وتوقيت التغييرات، إضافة إلى تقليل الأخطاء الفردية من خلال تدريبات دفاعية موجهة.

وأكمل: بهذه الخطوات، يمكن لمنتخبنا العودة أكثر قوة وجاهزية وصلابة نفسية وذهنية خلال الاستحقاقات والمشاركات المقبلة، وتعويض إخفاق الخروج المبكر ومحو كابوسه المريب بصورة تعكس قيمة كرة القدم العمانية وتلبي آمال وطموحات وتطلعات جماهيرها على النحو المطلوب.

مقبول البلوشي: التطوير الحقيقي يجب أن يكون من القاعدة إلى القمة

أفصح مدير منتخبنا الوطني السابق مقبول بن محمد البلوشي بأن مشاركة منتخبنا الوطني في كأس العرب الجارية منافساتها حاليا على ملاعب العاصمة القطرية الدوحة قد كشفت حقائق فنية مهمة، وفي هذا الصدد لفت قائلا: رغم الخروج المبكر لمنتخبنا الوطني من الدور الأول في بطولة كأس العرب، فإن المشاركة كشفت حقائق فنية مهمة تتجاوز مجرد النتيجة، وتضع الكرة العُمانية أمام أسئلة تطوير حقيقية لا يمكن تجاهلها.

وأوضح البلوشي: تكمن أولى الحقائق في سير المنتخب في البطولة، إذ قدّم مباريات منضبطة تكتيكيًّا، وظهر بشكل جيد من حيث التنظيم الدفاعي والانضباط داخل الملعب، لكنه افتقد للعامل الحاسم في البطولات القصيرة متمثلا في القدرة على التسجيل وصناعة الفارق في لحظات الحسم.

وأضاف: منتخبنا لم يكن الحلقة الأضعف فنيًّا في مجموعته الثانية ببطولة كأس العرب، لكنه لم يكن في الوقت عينه الحلقة الأكثر جرأة هجوميًّا؛ فصناعة الفرص لم تُترجم إلى أهداف، وهو سيناريو تكرر أكثر من مرة خلال السنوات الماضية وليس وليد هذه البطولة فقط.

وعرج البلوشي على ذكر أن المشكلة الحقيقية لم تكن في مباراة واحدة، ولا في لاعب بعينه، ولا حتى في مدرب فقط، بل في منظومة كروية كاملة لا تُنتج لاعب الحسم بشكل كافٍ، خصوصًا في مركز المهاجم وصانع اللعب.

وأضاف: في بطولات مثل كأس العرب، التفاصيل الصغيرة تصنع الفارق، وغياب الفاعلية الهجومية يعني الخروج مهما كان التنظيم الدفاعي جيدا، ومن هذا المنطلق نحتاج لتطوير كرة القدم في سلطنة عمان.

وتابع قائلا: الدرس المستفاد من هذه البطولة هو أن التطوير الحقيقي يجب أن يكون من القاعدة إلى القمة، وليس عبر حلول مؤقتة، وتكمن أبرز احتياجات المرحلة القادمة في بناء هوية فنية وطنية واضحة تلتزم بها المنتخبات والأكاديميات، والتركيز على تطوير أداء المهاجمين واللاعبين الحاسمين في فئات المراحل السنية. علاوة على ذلك ربط العمل في الدوري المحلي بتطوير اللاعب، وليس فقط النتائج، ومنح المدرب الوطني أدوات تقييم وتطوير، لا الاكتفاء بالحكم عليه بالنتيجة، والاستثمار في الجانب الذهني للاعبين، خاصة في لحظات الضغط والحسم.

وأكمل: خروج منتخبنا من كأس العرب ليس فشلًا بقدر ما هو تشخيص صريح لواقع المنظومة؛ فالمنتخب يعكس ما يُنتج في الداخل، وأي تطوير حقيقي يبدأ من إصلاح الأساس، حتى لا تتكرر الأسئلة نفسها بعد كل بطولة، وعلينا أن نعي جميعا أن كرة القدم لا تُبنى بقرار، بل بمنظومة واضحة الأطر والمعالم وصبر وعمل طويل المدى.

مجيد النزواني: خروجنا ليس مفاجئا ومنتخبنا عانى من أزمة هوية تكتيكية!

بيَّن المدرب الوطني مجيد النزواني مواطن الخلل التي أدّت لخروج منتخبنا الوطني صفر اليدين من بطولة كأس العرب في نسختها الحادية عشرة المقامة منافساتها حاليا على ملاعب العاصمة القطرية الدوحة، وفي هذا الإطار أوضح قائلا: شهد خروج المنتخب الوطني من الدور الأول في كأس العرب الأخيرة موجة واسعة من النقاشات. ورغم أن الكثيرين اختصروا لب القضية في أداء اللاعبين أو الخطط التكتيكية للمدرب، فإن الواقع يشير إلى أسباب أعمق وأكثر تركيبًا، تتجاوز مجرد القرارات الفنية داخل الملعب، ومن بينها غياب استراتيجية طويلة المدى حيث لا توجد خطة ثابتة لرؤية أين نريد أن يكون المنتخب بعد ٥ أو ١٠ سنوات، إذ تتغير الخطط بتغير الإدارات والمدربين، مما يجعل كل جيل يبدأ من جديد.

وأعزى النزواني الأمر أيضا إلى ضعف الاستثمار في فئات المراحل السنية، حيث لا توجد خطط بعيدة المدى، مشيرا في السياق ذاته إلى أنه يتم الاعتماد على المواهب الفردية التي تظهر لفترة ثم تُستهلك أو تحدث لها إصابة وتؤثر على أداء المنتخب دون أن تُغذّيها قاعدة قوية.

وأشار النزواني بأصابع اللوم والاتهام إلى ضعف مستوى الدوري المحلي الذي يعاني منذ سنوات من مشكلات تجعل لاعبيه يصلون للمنتخب دون جاهزية فنية وبدنية وذهنية عالية بالرغم من جهود التفريغ التي قللت نسبيا من حجم المشكلة.

ولفت النزواني أيضا إلى ضعف نسق المنافسة بالدوري المحلي؛ حيث إن اللاعب في سلطنة عمان لا يلعب موسما عالي الوتيرة مثل نظرائه في السعودية أو المغرب، ما يعني تفاوتًا كبيرًا في النواحي الفنية والبدنية والذهنية، معرجا أيضا على مشكلات احترافية يعاني منها اللاعب العماني الذي ما زال غير محترف بالكامل من ناحية الانضباط الغذائي واللياقة البدنية ونمط الحياة، فضلا عن الالتزام التدريبي. وهذه العوامل تعد بمثابة فجوة أساسية تظهر بوضوح في البطولات الكبرى.

وتطرق النزواني إلى محدودية فرص الاحتراف الخارجي ومدى تأثيره المباشر على تصدير المواهب الكروية العمانية خارج محيط ونطاق الدوري المحلي كعبدالرحمن المشيفري وخالد البريكي وعصام الصبحي، وعندما تحين فرصة الاحتراف الخارجي نجد أن الظروف والمعطيات لا ترقى لرفع سقف الآمال والتوقعات عاليا، على اعتبار أن الاحتراف ينحصر في دائرة ضيقة ومحدودة لا تلبي حجم الطموحات والتطلعات المعقودة على هؤلاء اللاعبين، إذ تنحصر في نطاق دوريات دون المستوى المأمول فنيا؛ فاللاعب الذي يعيش أجواء احترافية قوية يعود للمنتخب بثقة وسرعة قرار ووعي تكتيكي أعلى بكثير.

علاوة على ذلك عرج النزواني على ما يعرف بأزمة الهوية التكتيكية، لافتا إلى أن منتخبنا لم يمتلك في السنوات الأخيرة هوية لعب ثابتة يعرف بها في الملعب، مشيرا إلى أن غياب الهوية التكتيكية يجعل كل مدرب يبدأ من الصفر، واللاعبون يدخلون كل معسكر بأسلوب جديد تقريبا، والسبب يعود لكثرة تغيير المدربين (برانكو- تشيلافي- رشيد- كيروش)، والأمر نفسه ينطبق على الأندية العمانية التي وصل بها الحال إلى أن يتم تغيير ٤ أو ٥ مدربين في بعض الأندية خلال موسم واحد.

وتابع: هناك أسباب أخرى تتعلق بمنظومة الرياضة بشكل عام في السلطنة وكرة القدم بشكل خاص ومنها ضعف بعض الأكاديميات وتركيزها على الجوانب الربحية أكثر من جوانب التأسيس العلمي الصحيح، وضعف دوريات المراحل السنية وقصر روزنامتها الزمنية، وقلة عدد المباريات التي يلعبها اللاعب في هذه الدوريات.

على صعيد متصل أضاف النزواني بالقول: كثرة التوقفات في مسابقة الدوري وخاصة في السنوات الأخيرة، واعتماد بعض الأندية على لاعبين كبار في العمر دون منح الفرص للوجوه الشابة سببان أيضا يمكن اختزالهما ضمن أسباب انتكاستنا الكروية التي تؤدي لإقصائنا مبكرا من منافسات أي بطولة خارجية نخوضها.

وذكر النزواني أن خروج المنتخب الوطني من الدور الأول ليس مفاجأة، بل هو نتيجة طبيعية لتراكم عدد من العوامل الهيكلية والفنية والإدارية، وإذا أردنا أن يعود المنتخب للمنافسة يجب أولا بناء جيل جديد من الفئات السنية عن طريق تفعيل مراكز تكوين البراعم ودعمها واختيار أفضل الكوادر التدريبية وفق منهج علمي صحيح مشفوعا بمتابعة من دوائر التطوير بالاتحاد العماني لكرة القدم، وتكوين منتخبي براعم مواليد ٢٠١٢ و٢٠١٣، ومنتخبي ناشئين مواليد ٢٠١٠ و٢٠١١ مواكبة للتغييرات والتحديثات التي طرأت على نظام الاتحاد الآسيوي لكرة القدم فيما يتعلق ببطولاته للمراحل السنية لتكون سنوية بدلا من كل سنتين.

وفي سياق متصل شدد النزواني على أهمية تطوير الدوري المحلي بشكل جذري، والسعي جاهدا لزيادة فرص الاحتراف الخارجي، وترسيخ هوية لعب واضحة، واعتماد منظومة تحليل وتطوير حديثة، وتحويل الأندية إلى شركات لتعتمد على نفسها تدريجيا في الإدارة والتمويل والتسويق وغيرها من الجوانب.

وأكمل: من المهم أيضا إرساء خطة وطنية طويلة المدى لا تتغير بتغيّر الأشخاص وهذا يتطلب تدخل وزارة الثقافة والرياضة والشباب لرسم خريطة طريق تنهض بكرة القدم في سلطنة عمان، مع الحرص على تقديم الدعم بمختلف أنواعه للأندية والمنتخبات مما يساعد في النهوض بكرة القدم العمانية.

إبراهيم البلوشي: انعدام الاستقرار الفني أثّر سلبا على المنتخب

تطرق المدرب الوطني إبراهيم بن إسماعيل البلوشي لتبيان الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى إقصاء منتخبنا الوطني مبكرا من منافسات النسخة الحادية عشرة لبطولة كأس العرب ٢٠٢٥ بقطر، وفي هذا الشأن علّق قائلا: في بادئ الأمر نتقدم بجزيل الشكر لنجوم الأحمر الذين قدموا كل ما لديهم وفق القدرات والإمكانات المتاحة، وبلا أدنى شك الكل يطمح بأن يرى منتخب بلاده في المقدمة وعلى منصات التتويج، ولو عدنا لأهم الأسباب التي أدت إلى خروج المنتخب الوطني من كأس العرب وقبلها التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم ٢٠٢٦ وكأس الخليج سيتبين لنا أن انعدام الاستقرار الفني الناجم عن تغيير الأجهزة الفنية في منتخبنا الوطني، وقصر فترة الإعداد وعدم خوض مباريات عديدة للوقوف على الأداء والمستوى لكل اللاعبين والاكتفاء بتجربتين دوليتين وديتين مع منتخبي السودان وساحل العاج كانتا غير كافيتين، في الوقت الذي كان فيه منتخبنا يستعد لبطولة بها منتخبات أكثر خبرة وتمرسا عن منتخبنا الوطني، كلها أسباب وعوامل رئيسية أدّت إلى نكسة الإقصاء المرير من دور المجموعات في بطولة كأس العرب.

واستطرد: الكرة العمانية مليئة بالنجوم والمواهب التي بحاجة لاكتشافها وإعطائها الفرصة لخوض تجارب قوية للوقوف على مستويات هؤلاء اللاعبين، وأفضل ما قدمه المدرب كيروش في هذه البطولة المهاجم ناصر الرواحي والمدافع الصلب مصعب الشقصي اللذان سيكون لهما شأن كبير وقيمة فنية مضافة في المستقبل القريب.

وأتم: الاتحاد العماني لكرة القدم يتحمّل جزءا كبيرا في المستويات والنتائج التي ظهر بها منتخبنا الوطني في بطولة كأس العرب، ولا نغفل أيضا مسؤولية اللاعبين ووسائل الإعلام والجماهير، فهم شركاء في النجاح والفشل ولكن بمستويات أقل تأثيرا.