انطلاق النسخة الثانية من مؤتمر عُمان الوقفي.. ديسمبر المقبل
23 أكتوبر 2025
تغطية - ماجد الندابي
23 أكتوبر 2025
بمشاركة نخبة من الخبراء والقيادات التنفيذية -
أعلنت مؤسسة بوشر الوقفية بالشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم، عن تفاصيل النسخة الثانية من مؤتمر عُمان الوقفي 2025، التي ستقام يومي 9 و10 من ديسمبر المقبل في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، تحت شعار «الوقف وتعزيز التنويع الاقتصادي»، وذلك بمشاركة نخبة من الخبراء والقيادات التنفيذية والمختصين في المجال الوقفي والاقتصادي من داخل سلطنة عُمان وخارجها.
وأكد مالك بن هلال بن حمود اليحمدي رئيس مجلس إدارة مؤسسة بوشر الوقفية رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر، أن نجاح النسخة الأولى من المؤتمر شكّل دافعا قويا للاستمرار في تنظيم النسخة الثانية، موضحا أن المؤتمر في جوهره منصة اقتصادية بحثية تهدف إلى ربط القطاع الوقفي بالقطاع الاقتصادي، وليس مجرد استعراض تاريخ الأوقاف أو الجوانب الشرعية فقط.
وأوضح اليحمدي أن النسخة الأولى التي أقيمت العام الماضي تحت عنوان «الابتكار الجامعي» حققت نجاحا فاق التوقعات، مشيرا إلى أن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا الدعم الكبير من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وعلى رأسها معالي الدكتور وزير الأوقاف والشؤون الدينية، والدكتور أحمد الكعبي، اللذان كانت لهما لمسات مؤثرة أسهمت في إبراز المؤتمر بصورة مشرفة.
وبيّن أن فكرة المؤتمر في نسخته الثانية عرضت على معالي وزير الأوقاف والشؤون الدينية الذي بارك المبادرة وأضاف عليها ملاحظات وتوصيات تطويرية، ما أسهم في بلورة رؤيته الحالية التي تمثل نقلة نوعية في مسار المؤتمرات الوقفية.
وقال اليحمدي: إن المؤتمر في نسخته السابقة كان ينظر إليه على أنه فعالية محلية، إلا أن النسخة الجديدة تسعى لتكون إقليمية الطابع بمشاركة واسعة من خبراء ومتحدثين من مختلف دول العالم الإسلامي، بل ومن خارجه أيضا، لتبادل التجارب الرائدة في مجال الاقتصاد الوقفي.
وأشار إلى أن اختيار عنوان النسخة الحالية «الوقف وتعزيز التنويع الاقتصادي» جاء بعد دراسة دقيقة لاهتمامات المنطقة الخليجية، موضحا أن أغلب دول الخليج تعمل حاليا على تنويع مصادر الدخل بعيدا عن الاعتماد على النفط، وهو ما يتقاطع مع «رؤية عُمان 2040» وسائر الرؤى الخليجية مثل رؤية السعودية 2030.
وقال: «رأينا أن الوقت مناسب لربط الوقف بمسار التنويع الاقتصادي، فالوقف يمكن أن يكون شريكا فاعلا في كل القطاعات: السياحي، الصناعي، الغذائي، الصحي، والتعليمي. اليوم نرى مساجد ومستشفيات ومصانع وقفية، مما يدل على اتساع آفاق الاستثمار الوقفي».
وأعلن اليحمدي أن مؤتمر عُمان الوقفي 2025 سيقام يومي 9 و10 من ديسمبر المقبل في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، بتنظيم من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ومؤسسة بوشر الوقفية، مشيرا إلى أن المؤتمر هذا العام يحظى برعاية من الحكومة، وهو ما يعكس الثقة الرسمية بالمؤتمر ودوره في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز مفاهيم التنمية الوقفية المستدامة.
أداة إنتاجية واستثمارية
وأكد المهندس محمد بن سالم البوسعيدي الرئيس التنفيذي للمؤسسة على أن اختيار شعار المؤتمر لم يأتِ مصادفة، بل ليعكس التحوّل الاستراتيجي الذي تشهده سلطنة عُمان في إعادة تفعيل الدور التنموي للأوقاف كمحرّك اقتصادي قادر على الإسهام في تحقيق أهداف «رؤية عُمان 2040»، من خلال تنويع مصادر الدخل الوطني، وبناء شراكات استراتيجية مع القطاعين العام والخاص، بما يعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني واستدامته.
وأضاف أن المؤتمر يشكّل منصة رائدة تجمع نخبة من القيادات والخبراء والمستثمرين وممثلي المؤسسات الوقفية والحكومية والخاصة من سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون والعالمين العربي والإسلامي، لمناقشة مستقبل الأوقاف في ظل التحولات الاقتصادية العالمية، واستعراض التجارب الناجحة في الاستثمار الوقفي، وطرح حلول مبتكرة تسهم في تعظيم الأثر التنموي والاجتماعي للأوقاف.
وأوضح البوسعيدي أن المؤتمر يهدف إلى إعادة تقديم الوقف كشريك تنموي واستثماري، لا يقتصر دوره على الجانب الخيري التقليدي، بل يتجاوز ذلك ليكون مؤسسة إنتاجية مبتكرة تواكب متطلبات العصر وتسهم في تمويل مشاريع اقتصادية واستراتيجية في قطاعات التعليم والصحة والزراعة والسياحة والتقنيات الحديثة.
وقال: إن الرؤية الجديدة للقطاع الوقفي في سلطنة عُمان تسعى إلى تمكين الأوقاف من أن تكون جزءا من منظومة الاقتصاد الوطني، عبر استحداث أدوات مالية واستثمارية معاصرة، وتطوير الهياكل المؤسسية بما يضمن الحوكمة والشفافية والكفاءة التشغيلية، مؤكدا أن الأوقاف تمتلك مقومات كبيرة تجعلها قادرة على أن تكون رافدا اقتصاديا مستداما ومصدرا للابتكار الاجتماعي.
وبيّن أن المؤتمر يأتي متناغما مع توجهات الحكومات الخليجية نحو تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، مؤكدا أن سلطنة عُمان تمتلك بنية تشريعية وتنظيمية راسخة تؤهلها لتطوير القطاع الوقفي وتعظيم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات القادمة.
أهداف المؤتمر
وأشار البوسعيدي إلى أن من أبرز أهداف مؤتمر عُمان الوقفي 2025 ربط الأوقاف بخطط التنويع الاقتصادي، وتمكينها من الإسهام في تنمية القطاعات الحيوية من خلال استثمارات نوعية مستدامة، كما يسعى المؤتمر إلى ابتكار نماذج استثمارية وقفية قابلة للتنفيذ ومؤثرة اقتصاديا، عبر استعراض التجارب الرائدة محليا وإقليميا ودوليا، وتقديم حلول عملية تضمن العائد والاستدامة في آنٍ واحد.
وأضاف أن المؤتمر يهدف كذلك إلى تعزيز الشراكات بين القطاع الوقفي والقطاع الاستثماري، وبناء روابط مؤسسية فاعلة بين الجهات الوقفية والبنوك الإسلامية والشركات الاستثمارية، بالإضافة إلى تحفيز الوعي المؤسسي بأهمية الأوقاف كرافد اقتصادي مستدام من خلال جلسات تخصصية وورش عمل تطبيقية تستهدف صنّاع القرار والخبراء والمهتمين.
وأوضح أن المؤتمر يسعى أيضا إلى إظهار الوقف كمكون استراتيجي في خطط التحول الوطني، بما يتماشى مع أولويات الرؤى الوطنية والبرامج الاقتصادية الحكومية، مشيرا إلى أن الأوقاف لم تعد محصورة في مجالات البر التقليدي، بل أصبحت عنصرا أساسيا في تعزيز الأمن الاجتماعي وتحقيق التنمية الاقتصادية.
محاور المؤتمر
وحول محاوره، أوضح البوسعيدي أن المؤتمر سيتناول أربعة محاور رئيسية، تمثل الأبعاد المختلفة التي يمكن من خلالها للأوقاف أن تسهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام، فالمحور الأول، بعنوان «الوقف كأداة استراتيجية لدعم سياسات التنويع الاقتصادي»، يناقش الإمكانات الاستراتيجية للأوقاف في دعم الخطط الوطنية، والسياسات التي تتبناها بعض الدول لتوظيف الأوقاف كوسيلة لتعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق الأهداف التنموية.
أما المحور الثاني، «الابتكار في الاستثمارات الوقفية»، فيركّز على استكشاف فرص استثمارية مبتكرة تسهم في تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاستدامة المالية، من خلال بناء هياكل استثمارية وقفية متعددة القطاعات تشمل الصناديق الوقفية المشتركة والمحافظ الاستثمارية المتنوعة والصكوك الخضراء الوقفية، مع عرض نماذج حقيقية لإسهام الأوقاف في قطاعات الصناعة والسياحة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة والصحة.
ويتناول المحور الثالث، «النماذج المالية الوقفية المبتكرة في الاقتصاد الإسلامي»، أبرز الأدوات والنماذج المالية الحديثة التي يمكن توظيفها في تنمية الموارد الوقفية، مثل العملات الرقمية والبلوكتشين، مستعرضا تجربة «وقفي بنك التركي» كنموذج رائد في تجميع الموارد وتنميتها وتوجيهها نحو مشاريع استراتيجية تساهم في تحقيق التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة.
أما المحور الرابع، فيتناول «دور الأوقاف في تمكين ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة»، حيث يركّز على دور الوقف في تمويل المشاريع الناشئة والمبتكرة عبر موارد وقفية مخصصة، وبناء شراكات فاعلة مع حاضنات ومسرّعات الأعمال، واستحداث أدوات تمويل حديثة مثل رأس المال الوقفي الجريء لدعم رواد الأعمال وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
الانتقال من الفكر إلى التطبيق
وقال البوسعيدي: إن المؤتمر لا يقتصر على النقاشات النظرية، بل يسعى إلى إحداث أثر عملي ملموس من خلال بناء شبكة تواصل مستدامة بين المؤسسات الوقفية والبنوك الإسلامية ورواد الأعمال والمستثمرين، لتشكيل منظومة تمويلية متكاملة تدعم الاقتصاد الوطني، وأضاف أن المؤتمر سيعمل على استعراض التجارب الناجحة في توظيف الأوقاف كأداة إنتاجية واستثمارية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، بما يسهم في نقل الخبرات وتوسيع دائرة التعاون والشراكة في هذا المجال الحيوي.
وأشار البوسعيدي إلى أن النسخة الثانية من المؤتمر تأتي استكمالا للنجاح الذي حققته النسخة الأولى في عام 2024، والتي أقيمت تحت شعار «الابتكار والاستدامة»، وشارك فيها أكثر من 500 مشارك من داخل السلطنة وخارجها، إلى جانب 44 مؤسسة وقفية و45 جهة حكومية وخاصة، و24 متحدثا من الخبراء والقيادات التنفيذية.
وبيّن أن النسخة السابقة شكّلت محطة مهمة في مسار تطوير القطاع الوقفي، إذ تناولت موضوعات الابتكار في الاستثمارات الوقفية والتجارب الدولية في الاستدامة، كما شهدت ورش عمل تطبيقية في مجالات الحوكمة وإدارة المخاطر والاستثمار الوقفي المعاصر وقياس العائد الاجتماعي على الاستثمار.
وأضاف: إن الجلسة الخاصة التي جمعت الرؤساء التنفيذيين للبنوك الإسلامية والمؤسسات الوقفية الكبرى وممثلي وزارة الأوقاف والبنك المركزي وهيئة الخدمات المالية، أسهمت في مناقشة التحديات المالية التي تواجه القطاع، وطرحت حلولا مبتكرة لتعظيم العوائد وتنمية الأصول الوقفية، ما جعلها خطوة مهمة في تعزيز التكامل بين القطاعين الوقفي والمالي في السلطنة.
