هوامش ومتون :من أجل آفاق أكثر اتّساعا

31 مايو 2023
31 مايو 2023

قليلة هي المهرجانات المسرحيّة العمانيّة، وعندما يُقام أحدها، فإن إقامته تُعدّ من الأحداث الثقافية النادرة، وفي الأسبوع الماضي قادتني قدماي، وحرصي على متابعة الأنشطة، إلى مسرح جامعة التقنية والعلوم التطبيقية في الخوير لحضور فعاليات مهرجان (آفاق العربي للمسرح الجامعي) بنسخته التاسعة، وهو من المهرجانات المسرحيّة المستمرّة، فلم يتوقّف منذ انطلاق دورته الأولى عام 2011م، سوى فترة توقّف الأنشطة، أيّام تفشّي الجائحة، والمعروف عن مهرجانات المسرح الجامعي أن المشاركة فيها تقتصر، بالنسبة للعروض، على فرق تتشكّل داخل الجامعات، من طلبتها، الذين يقدّمون تجارب شابة، يشارك فيها طلبة هواة يمتلكون مواهب مسرحية، وغالبا ما يشرف على هذه التجارب فنّانون أكاديميون يعملون في الكليات، ورغم أن تخصّصات الجامعة المستضيفة علميّة، لكنّها تحرص على إقامته بشكل سنوي، وهذا أمر يُحسب لها، لأنّها تعده جزءا من النشاط الذي تقوم به كون الجامعة مؤسسة تعليمية لها أدوار ثقافية، وتوعوية فاعلة في المجتمع، وتأتي إقامة المهرجان من ضمن إسهاماتها في الحراك الثقافي، لاسيّما أن المسرح الجامعي خرّج الكثير من الفنانين، وكثيرا ما كشفت هذه المهرجانات عن طاقات شبابية تغذّي المسارح العربية، فهناك طلبة يمتلكون مواهب مسرحية قادتهم الظروف إلى الانخراط في دراسة تخصصات علمية بعيدة كل البعد عن المسرح وشجونه وفنونه، لذا يجدون في هذه العروض متنفّسات لمواهبهم، وبالوقت نفسه يتمكّن الطلبة من مشاهدة عروض مسرحية إدراكا من الجامعة بدور المسرح كونه واجهة تنويرية وتثقيفية.

وإلى جانب مهرجان آفاق، هناك مهرجانات جامعية مسرحية، كالمهرجان المسرحي الجامعي، لكليات العلوم التطبيقية، ومهرجان المسرح الجامعي لجامعة السلطان قابوس، التي احتضنت فعاليات المهرجان المسرحي الرابع لجامعات ومؤسسات التعليم العالي بدول مجلس التعاون عام 2016 م.

ويأتي هذا المهرجان للتذكير بأهمية المسرح الجامعي، لاسيما وقد اتخذ طابعا عربيا بمشاركة خمس دول عربية قدّمت ستة عروض من بينها عرضان عمانيان حيث قدّمت الجامعة التقنية والعلوم التطبيقية فرع مسقط مسرحيّة (ميلاد) وقدّمت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية فرع المصنعة مسرحية (الخشاب)، والعروض الأربعة الأخرى قدّمتها مصر، والعراق، وتونس، والأردن حيث قدّم المعهد العالي للفنون والحرف من المملكة الأردنية الهاشمية، مسرحية (قطار الباقورة)، وجامعة حلوان المصريّة مسرحية (صاحب سعادتك)، وجامعة مؤتة التونسية مسرحية (رشفة فن)، واختتمت جامعة القادسية العراقيّة بعرض (جندر مان)، وأعقبت العروض جلسات تطبيقية شارك فيها نقاد عمانيون قاموا بتحليل العروض ومناقشتها.

ومما يحسب للمهرجان دعوته لعدد من نجوم الدراما الخليجية والعربية، وقد لبّى البعض دعوة المهرجان رغم أنّه كان مدعوا لمهرجان الدوحة المسرحي الذي أقيم بالتزامن مع مهرجان آفاق، وبنجوم المسرح تضاء سماء المهرجانات المسرحية والسينمائية، ومن بينهم: بشير غنيم ومن المملكة العربية السعودية، ومحمد المنصور وطارق العلي ود.خليفة الهاجري ود.ابتسام الحمادي من دولة الكويت، وشيماء سبت وعبد الله الملك من مملكة البحرين، وحسام داغر ود.محمود كحيلة وعمرو قابيل من جمهورية مصر العربية، ود.عبد الكريم عبود وماجد لفته من جمهورية العراق، ورفيق علي أحمد، من لبنان، إلى جانب أعضاء لجنة التحكيم التي ترأسها أسعد فضة من الجمهورية العربية السورية، وصلاح الملا من دولة قطر، وقاسم أسطنبولي من دولة لبنان، والملاحظ أن اللجنة خلت من عضو من البلد المضيف، وعلمت أنّ هذا لم يفت على اللجنة المنظّمة، لكنّ عضو اللجنة العماني اعتذر، لتعرّضه لوعكة صحية قبل انطلاق فعاليات المهرجان، ولم تستطع لجنة المهرجان تدارك الأمر، واستبداله بمحكّم عماني، فغاب الحضور العماني في لجنة التحكيم، مثلما غاب نجوم المسرح والدراما العمانية، باستثناء عدد قليل لم يتجاوز أصابع الكفّ الواحدة، فيما غصّت القاعة التي احتضنت العروض بالجمهور، ومعظمه من طلبة الجامعة، ولا نعرف سبب غياب النجوم العمانيين، فهل أن إدارة المهرجان لم تقدّم دعوات لهم أسوة بالخليجيين والعرب؟ أم أن مشاغل الحياة حالت دون حضورهم، أم أن وسائل الإعلام لم تقم بدورها بشكل أوسع وأفضل، في التعريف بالمهرجان وضيوفه وعروضه؟ ففاتت على بعض الفنانين فرصة الحضور، ولقاء ضيوف سلطنة عمان، والاطلاع على التجارب المسرحية الشابة.

وعلى العموم، يعدّ استمرار مهرجان آفاق العربي للمسرح الجامعي، بحد ذاته منجز، ومع استمراريته نتمنى الاستفادة من التجارب السابقة، والعناية باختيار العروض التي هي العمود الفقري لكلّ مهرجان مسرحي، ويكفي أن الشباب اجتهدوا، ولكلّ مجتهد نصيب.