صنّاع الأفكار الإبداعية

13 فبراير 2024
13 فبراير 2024

وأنا أهمُّ بدخول دهاليز «معًا نتقدم» في يومه الثاني، شدتني عبارة «صنّاع الأفكار» فتوقفت قليلا مع تلك العبارة التي لا أخفي سرا إن قلت إنني أسمعها وأشاهدها لأول مرة تحت قبة ملتقى تنظمه الحكومة للاستماع إلى صوت المواطن وسبر تجربته ورضاه عن الخدمات المقدمة له في مختلف القطاعات، شدتني كلمة صناعة وأفكار كل على حدة؛ فالأفكار كما كنت أحسب لم ترقَ بعد -خصوصا في بعض أجزاء الوطن العربي الكبير- إلى أن تكون مقبولة فضلا عن أن تكون صناعة تسهم في الناتج المحلي للدولة ويصبح ممتهنها ذا حرفة تدر عليه دخلا جيدا حالها حال الكثير من الوظائف والمهن وربما تفوق تلك الأفكار الإبداعية بكثير الوظائف التقليدية.

سألت من يعنيهم الأمر عن صنّاع الأفكار في هذا المنتدى الذي احتشدت فيه كافة أطياف المجتمع للاستماع والسؤال والحوار عن بعض الشؤون والشجون التي تؤرق الوطن والمواطن فقيل لي بأنها مبادرة أطلقتها الأمانة العامة لمجلس الوزراء ضمن ملتقى «معًا نتقدم» من أجل تمكين طاقات المواطنين وتوجيه ابتكاراتهم وأفكارهم الإبداعية لدعم المشروعات والقرارات والسياسات الحكومية بما يلبّي تطلعات المجتمع ومستهدفات رؤية عُمان ٢٠٤٠، وحُدد لها محوران هما تعزيز الهوية الوطنية والانتماء والمحور الآخر أدوات التواصل بين الحكومة والمجتمع.

ما شدني هو إقبال الناس وخصوصا فئة الشباب على التسجيل في هذه المسابقة رغم قصر مدة إعلانها حيث أشارت الأرقام إلى أن المنصة الإلكترونية للمسابقة شهدت استقبال (461) فكرة مقدمة من قبل (1300) مشارك ضمن الفرق المسجلة، اجتازت (268) فكرة التصفيات الأولية، ترشحت (5) أفكار في كل محور، وتم اختيار الفائز الأول في كل فئة.

خلال المنتدى طرح سؤال الصناعات الإبداعية وموقع سلطنة عُمان على خارطة هذه الصناعة ليجيب سعادة السيد وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة بأنها ركيزة من ركائز الاستراتيجية الثقافية وأن الوزارة تعكف على العمل على خارطة للصناعات الإبداعية وسيتم تدشينها الأسبوع المقبل.

عقب الملتقى بحثت مطولا عما تعنيه «الصناعات الإبداعية» من معنى ومدى اعتناق دول العالم لمفهوم الإبداع الذي يمكن تحويله إلى صناعة منتجة تدر دخلا على الفرد والدولة، فوجدت أنها ترتكز على التراث والفن والإعلام وأن منظمة اليونسكو ضمنت النشر والموسيقى والسينما والمهن الحرفية والتصميم، ضمن هذه الفئة وهي بصفة عامة تختلف من بلد إلى آخر حسب الإرث الحضاري والتاريخي والمعرفي لكل أمة على حدة. وحسب بعض الأرقام التي أعلنتها الأمم المتحدة فإن الاقتصاد الإبداعي في العالم يسهم حتى اللحظة بما يزيد على ٦ في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وبعائدات سنوية تزيد على ٢ تريليون دولار وترفد الدول بما يزيد على ٥٠ مليون وظيفة وتسهم هذه الصناعة في التقليل من عبء توفير الفرص الحكومية وتسهم في تشغيل الكثير من رواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

بانتظار الأسبوع المقبل وما سيتم الكشف عنه من تفاصيل خارطة الصناعات الإبداعية في سلطنة عمان والدور الذي يمكن أن تقوم به الحكومة من وضع التشريعات والقوانين والتشجيع على مثل هذا النوع من الاشتغال الفكري والإبداعي وتنمية الإبداع والابتكار في كافة مجالات الفنون والآداب والدور المؤمل من القطاع الخاص والشركات المساندة في تعزيز هذه الصناعة والأخذ بيد الشباب المبدعين ممن قد يتجهون إلى تحويل أفكارهم الإبداعية إلى صناعة تدر عليهم دخلا خصوصا وأن سلطنة عمان تشتهر بتراثها الغني وفنونها المختلفة وطبيعتها الساحرة وإرثها الحضاري الضارب في القدم والتي يمكن تحويل كل تلك الأفكار إلى صناعات إبداعية يمكن أن تكون قوة ناعمة يستفاد منها في تعريف العالم بسلطنة عمان بماضيها وحاضرها ومستقبلها.