دعوة لمراجعة مؤشرات القيمة السوقية لبورصة مسقط

02 أبريل 2024
02 أبريل 2024

تعد القيمة السوقية أحد المؤشرات المهمة لبورصة الأوراق المالية، وكلما ارتفعت القيمة السوقية للبورصة ازداد اهتمام المستثمرين بها، وأيّ تراجع للقيمة السوقية من المفترض أن يحفّز المسؤولين عن البورصة وشركات المساهمة العامة للبحث عن أسباب ذلك.

ويتم قياس القيمة السوقية من خلال ضرب رأسمال الشركة في سعر إغلاق السهم، وبناء على هذا فإن أسباب ارتفاع القيمة السوقية للبورصة تعود إلى عدد من العناصر من أبرزها: ارتفاع سعر السهم أثناء التداول، وقيام الشركة برفع رأسمالها، وقيام البورصة بإدراج شركات جديدة، وفي المقابل فإن تراجع أسعار الأسهم وقيام الشركات بتخفيض رأسمالها وقيام البورصة بشطب الشركات وإلغاء إدراجها يدفع القيمة السوقية الإجمالية للبورصة للتراجع.

عندما نراجع إحصائيات القيمة السوقية الصادرة عن بورصة مسقط نجد أن الرقم الرئيسي الذي يتم التركيز عليه هو القيمة السوقية الإجمالية للأوراق المالية المدرجة في البورصة والتي تشمل الشركات المقفلة والسندات والصكوك بالإضافة إلى شركات المساهمة العامة، وعلى سبيل المثال بلغ إجمالي القيمة السوقية لبورصة مسقط مع نهاية مارس الماضي: 23 مليارا و924 مليون ريال عماني، من بينها 10 مليارات و609 ملايين ريال عماني القيمة السوقية للشركات المقفلة، و4 مليارات و216 مليون ريال عماني القيمة السوقية لسوق السندات والصكوك، في حين أن شركات المساهمة العامة التي تعد هي العمود الفقري للبورصة تبلغ قيمتها السوقية 9 مليارات و98 مليون ريال عماني، مشكّلة حوالي 38.1% من إجمالي القيمة السوقية للبورصة، في حين تمثل الشركات المقفلة 44.3% وسوق السندات والصكوك 17.6%، أي أن الشركات المقفلة والسندات والصكوك تشكل أكثر من 60% من إجمالي القيمة السوقية لبورصة مسقط، وهو أمر يؤثر على التحليلات ذات العلاقة بالقيمة السوقية للبورصة من عدة جوانب ويقدم قراءات غير واقعية للمستثمرين عن حجم البورصة والتغيرات التي تشهدها من حين لآخر.

وعلى سبيل المثال فإن إدراج شركة مقفلة برأسمال 500 مليون ريال عماني سوف يرفع القيمة السوقية للبورصة، وإذا تم شطب هذه الشركة سوف تخسر البورصة 500 مليون ريال عماني من قيمتها السوقية، كما أن تحوّل شركة مقفلة (مدرجة في البورصة ضمن الشركات المقفلة) إلى شركة مساهمة عامة لا يؤثر على القيمة السوقية الإجمالية للبورصة إلا بمقدار ارتفاع السهم أو تراجعه، وفي كل هذه الحالات نجد أن القيمة السوقية لم تعكس حالة البورصة، بل قد تؤثر خسارة البورصة لـ500 مليون ريال عماني من قيمتها السوقية (عندما يتم شطب شركة بهذا المقدار) على معنويات المستثمرين، في حين أن الحقيقة تشير إلى أن شاشات التداول خضراء وكل الأسهم مرتفعة غير أن شطب هذه الشركة هو الذي جعل البورصة تخسر كل هذه القيمة.

وبناء على هذا فإنه من المناسب أن تقوم بورصة مسقط بمراجعة مؤشرات القيمة السوقية في النشرات اليومية والأسبوعية التي تصدرها بحيث يتم التركيز على شركات المساهمة العامة فقط، ويتم ذكر القيمة السوقية للشركات المقفلة والسندات والصكوك في التقارير الشهرية دون جمعها مع القيمة السوقية الخاصة بشركات المساهمة العامة، ومن خلال هذا الإجراء نستطيع معرفة مستوى النمو الحقيقي لبورصة مسقط والتغيرات التي تشهدها بشكل يومي، وكما يعلم الجميع فإن تنظيم تداول أسهم شركات المساهمة العامة والإشراف على الشركات المدرجة وحماية مصالح المستثمرين فيها هي أبرز الأهداف التي تأسست البورصة من أجلها، أما إدراج الشركات المقفلة فهو من باب تنظيم هذا القطاع وبالتالي لا يوجد أي معنى للحديث عن قيمتها السوقية ليتم إدراجها في النشرات الصادرة عن بورصة مسقط، والأمر نفسه ينطبق على السندات والصكوك التي نتطلع إلى تطوير تداولها لتكون في سوق مستقلة تتيح لها مجالات أرحب للنمو.

إن دقة الإحصائيات ذات العلاقة بقطاع سوق رأس المال والقطاعات الاقتصادية الأخرى من شأنها توفير معلومات واقعية عن حجم أي قطاع اقتصادي وبالتالي تتيح المجال أمام جهات الاختصاص لتطويره، كما تتيح المجال أمام الباحثين والمهتمين للوقوف على حقيقة القطاع وتقديم مقترحاتهم لتنميته والنهوض به بالشكل الذي يرفع مساهمته في الاقتصاد الوطني.