تداول : ريسوت للأسمنت وقضايا الإفصاح والشفافية

29 نوفمبر 2022
29 نوفمبر 2022

[email protected]

أثار البيان الذي أصدرته الهيئة العامة لسوق المال مطلع الأسبوع الجاري بشأن اكتشاف «تحريفات جوهرية» في النتائج المالية لشركة ريسوت للأسمنت للربع الثالث من العام الجاري الكثير من التساؤلات حول مستوى الإفصاح لدى شركات المساهمة العامة ودور الهيئة في الرقابة على الشركات والإجراءات التي يمكن أن تتخذها الهيئة ضد مجلس إدارة شركة ريسوت للأسمنت تفعيلا لدور الهيئة ومسؤولياتها في حماية المساهمين في شركات المساهمة العامة بشكل خاص والمستثمرين في بورصة مسقط بشكل عام ورفع مستوى الثقة في البورصة.

وعلى الرغم من أن البيان الذي أصدرته الهيئة يوم الأحد الماضي أكد وجود تحريفات ضخمة في البيانات المالية لشركة ريسوت للأسمنت (قبل التعديل) وحمّل مجلس إدارة الشركة المسؤولية الكاملة بشأن هذه التحريفات إلا أن البيان لم يوضح الدور الذي يمكن أن تقوم به الهيئة تجاه الشركة أو مجلس الإدارة نتيجة لهذه التحريفات، كما أنه لم يشر إلى الدور الذي يمكن أن تقوم به الهيئة للمحافظة على حقوق المساهمين خاصة أن النتائج المعدلة أشارت إلى تسجيل الشركة في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري خسائر تعدّ الأكبر تاريخيا لتصعد إلى 90.9 مليون ريال عماني للمجموعة وإلى 93.6 مليون ريال عماني للشركة الأم مقابل خسائر بلغت 2.2 مليون ريال عماني للمجموعة و3.9 مليون ريال عماني للشركة الأم في الفترة المماثلة من العام الماضي، وتراجعت حقوق المساهمين في الشركة الأم بنهاية سبتمبر الماضي إلى 6.2 مليون ريال عماني مقابل 113 مليون ريال عماني في سبتمبر 2021 وهو ما يعني تآكل جزء كبير من رأسمال الشركة البالغ 20 مليون ريال عماني، وهو ما يتطلب تدخلا عاجلا من الهيئة لحماية ما تبقى من حقوق المساهمين.

إن إعادة شركة ريسوت للأسمنت إلى الربحية ينبغي أن يتصدر اهتمام الهيئة العامة لسوق المال والمساهمين، وكنتُ قد أشرت في مقال سابق نشرتُه في هذه الزاوية في شهر مارس 2021 عند انتخاب مجلس جديد لإدارة الشركة إلى أن «إعادة شركة ريسوت للأسمنت إلى الربحية ينبغي أن تكون على رأس أولويات المجلس الجديد، ليس فقط بهدف تعزيز حقوق المساهمين ولكن أيضا لأن وجود شركات أسمنت قوية في سلطنة عمان يحقق الاستقرار لواحد من أهم القطاعات الداعمة للبنية الأساسية»، وخلال العامين الماضيين حظي موضوع إعادة شركة ريسوت للأسمنت للربحية باهتمام كبير من قبل المستثمرين والمهتمين بأداء الشركة، وعلى الرغم من ذلك استمرت الشركة في تسجيل الخسائر مع تحميل جائحة كورونا كل ذلك، في الوقت الذي يعد فيه قطاع الأسمنت أحد القطاعات الحيوية في سلطنة عمان ودول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة وهو ما يعني أن فرص نجاح شركات الأسمنت كبيرة وواعدة.

البيان الذي أصدرته الهيئة يقودنا أيضا إلى قضية أخرى طالما تحدثنا عنها عبر هذه الزاوية وهي تراجع مستوى الإفصاح والشفافية لدى شركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة مسقط، وقد أشرنا أكثر من مرة إلى أن الإفصاحات التي تصدر عن بعض شركات المساهمة العامة غير كافية ولا تسهم في تأكيد الثقة في البورصة، ويؤكد البيان الذي أصدرته الهيئة العامة لسوق المال مطلع الأسبوع الجاري هذا الرأي، وانطلاقا من هذه الحادثة نتطلع إلى قيام الهيئة والبورصة بوضع معايير جديدة لشركات المساهمة العامة ترفع من مستوى الإفصاح والشفافية وتعزز ثقة المستثمرين في بورصة مسقط.