تداول : حتى نحمي الشركات من التعثر

26 أكتوبر 2021
26 أكتوبر 2021

لا يخلو أي اقتصاد من وجود شركات متعثرة غير أن وجود شركات مساهمة عامة متعثرة قد يضاعف التحديات التي تواجهها الاقتصادات الوطنية؛ نظرا لأهمية شركات المساهمة العامة في الاقتصاد وما توفره من فرص عمل وإسهاماتها في القيمة المضافة المحلية وتنشيط قطاعات الخدمات والصناعة والتجارة والسياحة وغيرها من القطاعات الأخرى، وقد لاحظنا خلال السنوات الأخيرة ازدياد أعداد الشركات المتعثرة سواء ضمن شركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة مسقط أو الشركات الأخرى غير المدرجة في البورصة نتيجة للعديد من الأسباب التي يرجع بعضها إلى أسلوب إدارة الشركة أو إلى ازدياد المصروفات مقابل تراجع الإيرادات، أو تراجع الطلب على منتجات الشركة، كما أن جائحة كورونا ساهمت في زيادة الأعباء التي تواجهها الشركات.

وعندما ننظر إلى أوضاع شركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة مسقط نجد أن لدينا حوالي 15 شركة مساهمة عامة يمكن تصنيفها ضمن الشركات المتعثرة نظرا لتآكل رؤوس أموالها بنسب مختلفة؛ بعض هذه الشركات تقاوم الضغوط للاستمرار في عملها خاصة أن كثيرا منها لا تستطيع الحصول على تمويل مناسب لعملياتها التشغيلية بسبب تآكل رؤوس أموالها والتراجع المستمر في أدائها المالي، وعند مقارنة هذا الرقم بإجمالي عدد الشركات المدرجة في البورصة نجد أنه يمثل أكثر من 10% من إجمالي عدد شركات المساهمة العامة، وهو ما يستدعي مزيدا من الاهتمام؛ انطلاقا من الأهمية الاقتصادية لشركات المساهمة العامة كما أشرتُ إلى ذلك سابقا.

وبالإضافة إلى ذلك فإن وجود شركات متعثرة مدرجة في البورصة يقلص الخيارات المتاحة أمام المستثمرين الراغبين في شراء أسهم جيدة تحقق لهم عائدا، وفي الوقت نفسه فإن المساهمين في الشركات التي تحولّت إلى شركات متعثرة قد خسروا أموالهم، وتشير إحصائيات التداول إلى أن أسهم بعض الشركات المتعثرة هبطت إلى ما بين 50 بيسة و20 بيسة مقارنة بالقيمة الاسمية البالغة 100 بيسة، كما أن هناك 26 شركة مساهمة عامة يتم تداول أسهمها بأقل من القيمة الاسمية وهو ما يستدعي أن تراجع هذه الشركات أداءها، ونعتقد أنه من المناسب قيام إدارة البورصة والهيئة العامة لسوق المال بعقد اجتماعات دائمة مع هذه الشركات لبحث الأسباب التي أدت إلى تراجع أسهمها لأن تراجع أسهم الشركات دون قيمتها الاسمية يؤثر سلبا على البورصة والمساهمين في الشركات ويشير بوضوح إلى أن الشركات في طريقها لأن تصبح شركة متعثرة.

إن اتخاذ السبل الكفيلة بتقليص عدد الشركات المتعثرة في وقت مبكر وقبل وصول الشركات إلى مرحلة التعثر أمر ضروري لتجنيب الاقتصاد والعاملين في الشركات والمساهمين فيها التأثيرات السلبية التي تنتج عن تعثر الشركات، ولعله من المناسب أن تكون هناك مراقبة دورية من قبل الهيئة العامة لسوق المال وإدارة بورصة مسقط للأداء المالي لمختلف الشركات المدرجة في البورصة أولا بأول، ومتابعة مستوى ديونها، والتأكد من قدرتها على الوفاء بهذه الديون وحث الشركات - إن كانت نتائجها المالية سلبية - على إيجاد السبل الكفيلة بالعودة إلى الأرباح، وفي مرحلة لاحقة قد يكون التدخل في تغيير مجالس الإدارة والإدارات التنفيذية أو دخول الصناديق الاستثمارية الحكومية كمساهمين رئيسيين في الشركات قد يكون مجديا لإنقاذ الشركات وإعادتها بنجاح إلى الاقتصاد الوطني

كما ينبغي على مجالس الإدارة والمساهمين بحث نجاحات الشركات أو إخفاقاتها في الأسواق المحلية وأسواق التصدير وما تواجهه من منافسة محلية أو خارجية، وما تبذله من جهود للحد من التأثيرات الاقتصادية العالمية وتقلبات الأسواق على منتجاتها أو خدماتها، ونرى أن النتائج المالية لشركات المساهمة العامة التي تنشرها الشركات بشكل دوري تعتبر مدخلا لبحث تحديات الشركات وإيجاد حلول لها حماية للبورصة والمساهمين والعاملين في الشركات والاقتصاد الوطني ككل.