تداول : أين نحن من تنظيم سوق الفوركس؟

26 أكتوبر 2022
26 أكتوبر 2022

shfafiah@yahoo.com

شهدت السنوات الأخيرة مزيدًا من الاهتمام بسوق الفوركس أو سوق العملات الأجنبية أو ما يمكن تسميته بالبورصة العالمية للعملات الأجنبية، وعلى الرغم من أن تداول العملات الأجنبية شائع منذ فترة ليست بالقصيرة إلا أن السنوات الأخيرة شهدت مزيدًا من الاهتمام بهذا المجال نظرًا لانتشار وسائل التقنية الحديثة، ويُقدّر حجم التعاملات اليومية في سوق الفوركس بنحو 5 تريليونات دولار وتستقطب ملايين الأشخاص حول العالم.

حظِيَت سوق الفوركس خلال السنوات الماضية بمزيد من الاهتمام على المستوى العالمي وتم تأسيس العديد من الشركات التي تعمل في هذا المجال وفق تنظيم يضمن حقوق الشركات العاملة من جهة وحقوق المتعاملين في سوق الفوركس من جهة ثانية، كما تم تطوير السوق من خلال تنويع المنتجات واستحداث المنصات الإلكترونية التي تساهم في تسريع التداولات وتحقيق المكاسب التي يتطلع إليها المستثمرون.

وعلى الرغم من أهمية سوق الفوركس والمكاسب المتوقعة منها للاقتصاد الوطني والشركات والأفراد المتعاملين فيها إلا أنه من الملاحظ أن الجهات المختصة لدينا لم تلتفت حتى الآن إلى هذه السوق بحيث تضع التشريعات المنظمة لها وتشجّع الشركات العمانية على الاستثمار في هذا المجال، ولعل هذا هو ما شجّع كثيرًا من الشركات والمنصات الوهمية التي تنتشر إعلاناتها في مختلف منصات التواصل الاجتماعي على التواصل مع الكثير من الأفراد الراغبين بالاستثمار في هذا المجال خاصة أن الشركات أو المنصات الوهمية تبتكر العديد من الأساليب التي توهم الناس بالأرباح الطائلة التي يمكن أن يجنوها إذا استثمروا معهم، وهو ما شجّع الكثيرين على تحويل أموالهم إلى حسابات خارج سلطنة عمان ظنًّا منهم بأن هذه الشركات حقيقية وسوف يستلمون عوائد على هذه الأموال قريبًا، إلا أن الحقيقة هي أن الأموال التي تم تحويلها تبخّرت، ولم ولن ترجع إلى أصحابها أبدًا.

طبعًا ودون أدنى شكّ فإن أي شخص يحوّل أمواله إلى شركات خارج سلطنة عمان يرتكب خطأ فادحًا إن لم يتأكد من أن هذه الشركة حقيقية أو وهمية، ولكن في المقابل هناك جهات مختصة لدينا عليها واجب التوعية من هذه المخاطر وتحذير الأفراد من الوقوع في فخّ الشركات والمنصات والإعلانات الوهمية، كما أن عليها واجب سنّ التشريعات المنظمة لهذا القطاع وتمكين الشركات الراغبة بذلك من العمل في القطاع وهو ما سيتيح مجال أكبر لشركات الوساطة المالية التي تراجع دورها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة وفقدت الكثير من الكفاءات المتخصصة في القطاع، كما تراجعت أعدادها من 23 شركة في عام 2010 إلى 9 شركات فقط حاليًا، ولعل أحد أبرز هذا التراجع هو محدودية الأعمال والمنتجات التي يمكن للشركات العمل فيها وتحقيق الأرباح والمكاسب للمستثمرين فيها.

إن سنّ التشريعات المنظمة لسوق الفوركس من جهة والتوعية بمخاطر الشركات والمنصات الوهمية من جهة ثانية سوف يساهم إلى حد كبير في الحفاظ على الثروات المالية المتوفرة لدى الأفراد، وفي الوقت نفسه إتاحة المجال أمام الشركات العمانية للعمل في هذا القطاع وتنويع منتجاتها بالشكل الذي يحقق لها النمو والاستمرار والمساهمة الجيدة في الاقتصاد الوطني.