بشفافية : في تربية الأجيال 3
تؤكد المعطيات يوما بعد يوم أهمية تربية الأجيال، والانتباه إلى ما يُحيط بنا من متغيرات خطيرة أفرزت مؤشرات تدعو للقلق على حال المجتمع، وما أشار إليه المدعي العام أمس الأول في المؤتمر السنوي للادعاء العام حول (مؤشر الجريمة) خطير، وكفيل بأن يدق ناقوس الخطر، ويدعونا إلى الانتباه والحذر والوقوف وقفة جادة لما يحيط بنا وبالأجيال وتربيتهم، وانعكاسات ذلك على المجتمع بأسره.
ومن تابع حديث سعادة المدعي العام في المؤتمر، ونبرة صوته ودعوته الصادقة إلى الانتباه لما يحيط بنا؛ يدرك الحاجة إلى تكثيف الجهود فيما يتعلق بالحوادث التي تحصل في المجتمع خصوصًا فيما يتعلق بالجرائم بأشكالها المتعددة، فما كانت تلك الدعوة إلا نتاج أرقام تعكس واقع (الجريمة) بين أوساط المجتمع، وما كان ذلك النداء إلا رسالة لممثلي وسائل الإعلام لنقل الواقع المؤسف الذي يشير إليه مؤشر الجريمة، وعندما يكون ممثلو وسائل الإعلام ووسائل الإعلام ذاتها قد أخذت الرسالة على محمل الجد، فإنها ستفتح كما فتحت أكثر من مرة بمختلف وسائلها ملفات لبث التوعية بأشكال متعددة لتصل إلى أوساط المجتمع.
وعندما تكون وسائل الإعلام قد أخذت مسار التوعية ضمن رسالتها الإعلامية الصادقة وواجبها المهني، فإنها تأخذ بعين الاعتبار ما عليها من واجبات تجاه المجتمع، وما يحيط به من مخاطر نابعة من المتغيرات الحاصلة، ومن هنا يأتي دور المجتمع في الأخذ بما ينشر من جوانب توعوية ليعمل بها ويأخذها على محمل الجد.
يتداول بعض أفراد المجتمع بين فترة وأخرى عبارات (لا أتابع ولا أقرأ ما ينشر أو يبث بوسائل الإعلام المحلية) هذه العبارة لعلها تمثل واقع المجتمع الذي أصبح بالفعل لا يقرأ ولا يتابع، وعليه فإن عدم المتابعة أو اللامبالاة هي واحدة من الإفرازات السلبية التي أدت إلى نتائج يعيشها المجتمع في تزايد جرائم دخيلة على مجتمعنا، على الرغم من أن المختصين يرون جوانب أخرى غير ذلك، ولكن الرسائل التوعوية عبر وسائل الإعلام ابتعد عنها المجتمع، وعليه لم تصل إلى المستهدفين من هذه التوعية، لذلك على المجتمع أن يراجع ذاته وأحكامه فيما يبث عبر وسائل الإعلام المحلية المختلفة، فثمة ما بين السطور أو الكلمات ما يجب التمعن فيه، واستخلاص العبر من المؤشرات الخطيرة التي تدعونا إلى الانتباه لما يحيط بنا.
من واقع تجارب كثيرة، يتفاعل الكثيرون مع كل ما هو سلبي خصوصًا إذا ما كان فيه اتهام أو تجنٍ على شخصية معروفة أو مسؤول أو تقصير من جهة معينة وما شابه ذلك، بينما لا يتم التفاعل ومناقشة مؤشرات خطيرة على المجتمع، وهذا أمر في غاية الخطورة هو الآخر، فالجوانب التي قد يكون المجتمع بحاجة إلى الانتباه لها؛ لا يتفاعل معها، وبالتالي لا يتجنبها أو يأخذ حذره منها، إلى أن تستفحل أو كما يقال: «يقع الفأس على الرأس» وقانا الله وإياكم شرور هذا الفأس.
نعود في هذا الجانب إلى دور الشريك الأصلي في جوانب التربية وتربية الأجيال بشكل خاص، وكما لا يتفاعل المجتمع مع الجوانب التي تنشر كذلك نجد أن التربية والتعليم وكونها شريكًا في عملية تربية الأجيال، لم تعد أيضًا تُعطي الاهتمام الكافي بما ينشر أو يطرح حول ما يخص التربية والقيم، وضرورة أن يغرس في الأبناء القيم والعادات والتقاليد، والتحذير من الدخيل الخطير (التقنية) في تربية الأجيال، وكم تمنينا أن تتجاوب الوزارة مع ما يتم طرحه في هذا الشأن!.
تناولت في ثلاثة مقالات وعلى مدى ثلاثة أسابيع متتالية، ملفا يشغل بال الكثيرين، وما كشفه الادعاء العام أمس، يؤكد الضرورة الماسة إلى أن نعيد وضع الاستراتيجيات والحقائق على طاولة النقاش، والتوجه نحو إيجاد الحلول التي تنقذ واقع المجتمع مما يعيش فيه أو يحيط به من جوانب خطيرة، أدت إلى تزايد الجريمة، وكما قال المدعي العام: (نحرص جميعنا على أن نغلق أبواب ونوافذ منازلنا للحفاظ عليها، ولكن هناك نافذة توجد بكل بيت يجب الحذر منها)، ويقصد بالنافذة هنا التقنية التي احتلت جرائمها المركز الثاني من بين أنواع الجرائم التي تقع في أوساط المجتمع.
لذلك فإن كل شيء يدعونا إلى إعادة النظر فيما يحيط بنا، فكل شيء تغير أو على وشك التغير.
