بشفافية :رحل شاهين ويبقى الإنسان والأرض

05 أكتوبر 2021
05 أكتوبر 2021

لا مجال إلا للبناء وإعادة التخطيط والتعمير، الأرض والإنسان هنا، وكل الحالات عابرة كما عبر شاهين.

عبر شاهين ولم تعبر مشاهد القرى والمناطق المتأثرة التي أحاطت بها المياه من كل صوب بالخابورة والسويق والمصنعة، منازل ومزارع وطرق وأسواق غمرتها المياه وجدران محطمة وأسر ظلت لوقت طويل على سطوح المنازل، اتصالات مقطوعة والخدمات الأساسية من ماء وكهرباء تكسرت خطوط توصيلها، وطرق محطمة.

مضى الإعصار وخلف ما خلف وراءه من حطام، وجاء أبناء عمان الأوفياء ليعيدون ما تحطم إلى سابق عهده، وإن تطلب ذلك جهدا ووقتا إلا أنه لا خيار إلا إعادة ما تضرر لوضعه الطبيعي وجبر خواطر النفوس التي فقدت أرواحا غالية عليها في هذه الظروف، وفقدت ممتلكات وتضررت أخرى بشكل كبير.

الخابورة والسويق والمصنعة أكثر الولايات تضررا، وشعر الأهالي فيها بالألم وهول الموقف وصعوبة الحدث، ولكن ذلك الشعور والرعب استشعر به أبناء السلطنة قاطبة من شمالها إلى جنوبها، فبينما كان أهالي الولايات المتأثرة يعيشون الموقف والليلة العصيبة بعبور الإعصار وهم يبتهلون إلى الله بأن يلطف، كانت عمان كلها ترفع أكف الدعاء بأن يحفظ من على تلك الولايات، فقلوب أبناء عمان واحدة وإن باعدتهم المسافات، فكل المسافات تتقلص عندما يكون الألم في جزء من جسد هذا الوطن العزيز.

تقف عمان اليوم وقفة رجل واحد وهي تتعامل بمنظومة واحدة، فقد تفضل جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وأمر بتشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين وممتلكاتهم المختلفة في المحافظات التي تأثرت مباشرة بمركز الحالة المدارية، وذلك بهدف توفير شتى أشكال الدعم والمساعدة اللازمين للتخفيف من حدة تلك التأثيرات عليهم في أسرع وقت ممكن، وتوجيه جلالته ـ ايده الله ـ بضرورة الإسراع في إصلاح البنية الأساسية التي تضررت نتيجة هذه الأنواء، بالإضافة إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات لسرعة إعادة الخدمات الأخرى المتضررة.

أوامر جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ ترجمت بشكل سريع وفوري فقد عقدت اللجنة الوزارية لتقييم الأضرار اجتماعها الاول بولاية السويق أمس الأول وناقشت أعمال اللجان القطاعية العاملة تحت إدارة اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة، واتخاذ القرارات التي من شأنها وضع الأولوية في حماية الأرواح وإعادة الحياة الطبيعية للمتأثرين بشكل مباشر وسريع وذلك من خلال توفير الاحتياجات الأساسية للإعاشة وإعادة تشغيل الخدمات الأساسية في الولايات المتأثرة واتخذت العديد من الإجراءات التي من شأنها الإسراع في تضمن عودة الأوضاع إلى طبيعتها بإرجاع الخدمات الأساسية والتعامل بشمولية وتكاملية وضمان سلامة الإنسان والمواطن على وجه الخصوص أثناء إعادة الخدمات الصحية والخدمية.

بيد واحدة وقلب واحد يعمل الجميع ومن كل القطاعات العسكرية والمدنية والأهلية لإعادة الخدمات الأساسية إلى طبيعتها وتوفير ما يلزم للمواطنين في الوقت الراهن وحسب وضع كل حالة، والهدف الأول هو الإنسان وكرامته وراحته، فلكل شيء أولوية والأولوية التي تعمل عليها كافة الجهات الآن هي سلامة أرواح الناس من خلال الوصول إليهم بكل الطرق المتاحة وإنقاذ من يلزم إنقاذه وإخلاء من يستوجب إخلاءه إلى مراكز الإيواء التي انتشرت بكثير من في الولايات الثلاث ومن ثم البدء في إعادة الجوانب الأساسية الخدمية منها على وجه الخصوص.

وإضافة إلى الجهود الحكومية يمضي العمل وسواعد أبناء عمان الأوفياء تتوافد على الخابورة والسويق والمصنعة يحملون ما جادت به أياديهم، ويبادرون جنبا الى جنب مع الجهات الرسمية لإصلاح الأضرار والعمل على توزيع المساعدات وبعض المؤن الغذائية والمستلزمات المعيشية.

هذه الوقفة الأصيلة هي السمة التي تتكرر لتؤكد من جديد على أن أبناء عمان متلاحمون كالجسد الواحد إذا تداعى جزء منه تداعت معه كل أجزائه، والخابورة والسويق والمصنعة جزء من هذا الوطن العزيز وأهالي هذه الولايات أهل للجميع وسيواصل أبناء عمان هبتهم رسميا ومجتمعيا لتعود الأوضاع إلى طبيعتها.

عبر (شاهين)، والإنسان خليفة في الأرض، وكما بنى أبناء عمان على مر العصور مدنهم وقراهم ومنازلهم، سيبنون من جديد ما تحطم، وسيزرعون الأرض من جديد، وستنعم أسواق السلطنة ودول أخرى بما تنتجه السويق والمصنعة والخابورة، وسيعود الجمال كما كان والوجه الأخضر لجمال هذه الولايات سوف يشرق من جديد ليمرح الأطفال في حقول الباطنة وتعود الحياة إلى طبيعتها.