بشفافية :دقت ساعة العمل..

09 أغسطس 2023
09 أغسطس 2023

دقت ساعة العمل للتوجه بكل عزم لإيجاد حلول جذرية لملف «الباحثين عن عمل»، فالأرقام التي تتزايد يوما بعد يوم تشكل معضلة واقعية لا تقبل التأجيل أو غض النظر، ومشروع التشغيل يجب أن تدور عجلته في القطاعين العام والخاص، إن كانت هناك إرادة حقيقية وعزم لحل هذا الملف، وهذا الأمر لا جدال فيه، ويؤمن الجميع به.

ومع إيمان المجتمع باهتمام الحكومة بملف الباحثين عن عمل، إلا أنه يقف حائرا أمام الدور الذي تقوم به وزارة العمل في هذا الجانب، فطابور الباحثين عن عمل يطول، تغذيه منابع عدة، أولها استمرار مسلسل المسرّحين، وعشرات الآلاف من الخريجين من الدبلوم العام ومؤسسات التعليم العالي سنويا ليس أخيرا، وهناك من ينضمون إلى طابور الباحثين عن عمل ممن تتعثر مشاريعهم التي تواجه هي الأخرى مرحلة صعبة قبل أن تغلق ومن ثم لا يكون أمام صاحب المشروع إلا أن يقف بانتظار فرصة عمل!

وبقدر ما يؤمن به المجتمع من اهتمام فإنه يأمل أن يلمس حلولا على أرض الواقع، فتزايد أعداد الباحثين عن أمل في فرصة عمل أمر يقض مضاجع المجتمع، بحيث بلغ درجة قياسية وتكاد لا توجد أسرة عمانية، إلا وبينها باحث أو باحثة عن عمل أو مسرح أو مسرحة من الوظيفة وفي بعض الأسر أكثر من شخص، مما يستدعي التحرك سريعا من قبل المعنيين بوزارة العمل، والبدء بوقف مسلسل التسريح أولا، واتخاذ خطوات للوصول إلى إحداث توازن بين عدد الوظائف التي يستطيع أن يحتلها العماني، فيما يشغلها حاليا الوافد وفي القطاعين.

وإذا ما كان الحديث عن توفير فرص عمل جديدة للمنخرطين في طابور الباحثين عن عمل، فإنه ليس من التشاؤم إذا قلنا إن الرؤية على المدى القصير أو المتوسط لا تشير إلى بوادر لتوافر الفرص، مع بقاء الحلول حبيسة الأدراج لدى وزارة العمل، على الرغم من حلول تستطيع من خلالها التحرك بصفتها الجهة المنظمة للعمل بين الأطراف ذات العلاقة «الباحث عن عمل ـ المشغل ـ الجهات »، خاصة مع صدور قانون العمل الجديد، الذي يشرع للوزارة أن تمارس أدوارها وفق أعلى مستوى، فسوق العمل بحاجة إلى تحرك حقيقي ومغادرة المعنيين ممن أوكلت اليهم مسؤولية «توفير فرص العمل» المكاتب إلى ميادين العمل، وما أكثرها ولكنها تحتاج لمن يزورها ويقف على واقعها، لأن الجلوس في المكاتب ومقرات الوزارة أو عقد اجتماع مع رجال الأعمال وأصحاب الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص لن يوفر فرص عمل، ولن يوصل للحقيقة والواقع لمتطلبات السوق وفرص الوظائف والأعمال.

كذلك على مستوى القطاع الحكومي لا تزال هناك فرص عديدة يستطيع أبناء الوطن أن يشغلوها ويثبتوا جدارتهم واستحقاقهم في نيل فرصة عمل يستطيعون من خلالها توفير سبل العيش وتأسيس مستقبل مطمئن لهم. وإلا ما كان القطاع العام قد استوعب خلال سنوات مضت -ولا يزال- أعدادا كبيرة بكافة القطاعات.

وبالعودة للقطاع الخاص، ومن باب (الواجب الوطني) في الشراكة الحقيقية من أجل الوطن، فإنه على مستوى مؤسسات القطاع الخاص لدينا مناطق صناعية وبها مصانع على مستويات عدة وبمجالات متنوعة، ومناطق اقتصادية وأسواق وشركات على كافة المستويات، ولدينا حقول نفط وغاز في ربوع الوطن العزيز، فهل يعقل أن كل هذه المؤسسات وكل هذا الكم من المشاريع ليست قادرة على استيعاب القوى العاملة الوطنية؟ وهل تثق وزارة العمل بما لديها من معلومات وإحصائيات وكشوفات عن القوى العاملة الوافدة لدى هذه المؤسسات وما تشغله من مناصب ووظائف، وهل حقيقة لا يوجد عماني قادر على شغل موقع العامل الوافد ؟!

اعتقد أن الوضع بحاجة إلى مزيد من الصرامة والوقفة الجادة، خاصة وأن الأمر يتعلق بمستقبل قوى وطنية وكوادر ينهك الزمن قوتها وقدرتها وكفاءتها.

إن واقع الأعداد الكبيرة للباحثين عن عمل تفرض نفسها كحقيقة دامغة، فليس من السهل أن يشاهد رب أسرة أبناءه يوميا أمامه وهم يحملون شهادات من مؤسسات تعليمية ويشاهدهم أمامه يتجرعون مرارة البحث والانتظار، وليس من السهل أن يسمع الأجيال ممن يقعدون الآن على مقاعد الدراسة أن أمامهم بعد التخرج طابورا يقفون فيه لانتظار فرصة عمل.

كثيرة هي الجوانب التي تدعو إلى أن تدق ساعة العمل لدى المسؤول نحو التحرك بعزم وجدية لحل هذا الملف الشائك، وطرح الحلول المستدامة القادرة على استيعاب أبنائنا في مختلف ميادين العمل .