بشفافية :حتى لا نفقد بوصلة الشراكة
كل مرحلة من مراحل البناء الوطني تحتاج إلى موقف صادق من الجميع تجاه تحقيق الأهداف الوطنية الرامية إلى مزيد من التقدم والاستقرار للوطن والمواطن، ولا يمكن الوصول إلى تحقيق تلك الأهداف دون شراكة حقيقية مبنية على أسس نابعة من المسؤولية تجاه الوطن ومواطنيه ومنجزاته والحفاظ على ما تحقق من تقدم في كل المجالات، عبر شراكة من قبل جميع الأطراف (الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد أنفسهم)، وتغليب المصلحة الوطنية والتخلي عن «الفردانية» والمصلحة الشخصية فقط.
مطلع الأسبوع الجاري نظمت غرفة تجارة وصناعة عمان جلسة نقاشية جمعت وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للنقل مع عدد من رجال الأعمال بقطاع النقل، وعلى الرغم من أنني من مؤيدي عقد مثل هذه الحلقات التي يستمع فيها كل طرف للآخر للوصول إلى بناء جسور من التفاهم وتوضيح وجهات النظر بين الأطراف التنفيذية والتنظيمية والتشغيلية، فإن مناقشات الحلقة لم تتعمق إلى الأبعاد الوطنية المرجوة من هذا القطاع باعتباره من أهم القطاعات الحيوية التي تسهم في تعزيز مصادر الدخل الوطني والمساهمة في تشغيل الباحثين عن عمل، على الرغم من تأكيد وكيل النقل في حديثه على محور النهوض بقطاع النقل ليكون واحدا من القطاعات التي تسهم في تشغيل الباحثين عن عمل وإيجاد فرص عمل جديدة للعمانيين في هذا القطاع، إضافة إلى تنظيم قطاع النقل البري ليكون قطاعا إنتاجيا يراعي ديمومة استمراره والنهوض به ويضمن عدم التأثير على المشاريع الوطنية عبر تنظيم هذا القطاع وسن القوانين التي تنظمه، بما في ذلك تحديد «الأوزان» المعتمدة وحجم مخالفة ذلك وتأثيراته على بنية الطرق وتآكلها.
ولا شك أن القطاع الحكومي يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية تجاه تنظيم القطاعات بمراعاة كافة الجوانب ، انطلاقا من مسؤوليتها الأكبر في إيجاد التشريعات التنظيمية التي تأخذ في الاعتبار كافة الجوانب التي توازن بين كافة الأطراف وتضمن الاستفادة من القطاع في تحقيق العائد للوطن والمواطن.
كما أن القطاع الخاص أيضا لديه مسؤولية تجاه تحقيق الأهداف الوطنية على المستويَين الأدنى والمستقبلي، ولكن -للأسف الشديد- اتسمت النقاشات خلال الجلسة النقاشية بـ(الفردانية)؛ أي أن كل صاحب مؤسسة أو فرد في القطاع يطرح مناقشة محدودة في إطار ما يمكن أن يحل مشكلته هو فقط وما يحدث بعد ذلك لا يهمه!
إن المرحلة تتطلب من الجميع أن يتعاون، خاصة القطاع الخاص وأصحاب الأعمال، والتركيز للوقوف مع توجهات الحكومة لتشغيل الباحثين عن عمل وإيجاد فرص عمل لهم والإيمان بقدراتهم، لأن ذلك يدخل في إطار الشراكة الوطنية القائمة على تكاتف الجميع من أجل مصلحة الوطن والمواطن.
إن على القطاع الخاص الذي تعول عليه البلاد، أن يكون مساندا للجهود الحكومية في التشغيل، وتغيير واقعه الحالي الذي لا يلبي متطلبات الشراكة الحقيقية في تحمل جزء من المشاريع الوطنية خاصة فيما يتعلق بتشغيل الشباب.
وحتى لا نفقد الشراكة الوطنية فإن التضحية من أجل شمولية الأهداف الوطنية تعد غاية تتطلبها المرحلة الحالية لإيجاد رؤية تشاركية يعمل فيها الجميع من أجل تغليب مصلحة الوطن.
