بشفافية :تأجيل قبل وبعد الإجازة ...

26 أبريل 2023
26 أبريل 2023

تسبق كل إجازة ساعات (مهدرة) من العمل، فقبل أي إجازة بمناسبة دينية أو وطنية يطغى مشهد قلة الموظفين في الأقسام والدوائر خاصة في المؤسسات الحكومية، وتتضاءل وتيرة إنجاز المعاملات، وتتعطل الكثير من المعاملات والمصالح بسبب التأجيل، حتى غدت هذه الظاهرة متعارفا عليها، وكأن أبواب هذه المؤسسات الخدمية قد أُوصدت أمام المراجعين، ويتكرر ذلك المشهد بعد العودة من الإجازة، حيث تدعو هذه الظاهرة إلى ضرورة الالتفات إليها ومعالجتها.

إن العمل (عبادة)، والإخلاص فيه يشمل تأديته بكامل ساعاته والإنجاز دون تأجيل، فلو وضع أي موظف نفسه في موقف المراجع الراغب في إنجاز معاملة معينة قبل إجازة العيد على سبيل المثال، لرفض أن تؤجل معاملته وطالب بإنجازها في موعدها، لذلك فإن الإخلاص في العمل وتأديته على أكمل وجه مطلب أساسي في تعامل الناس فيما بينهم، كما أن الإهمال و«التسيب» في العمل لهما تداعيات سلبية على المستوى المجتمعي.

وتتعدد أوجه إهمال العمل قبيل الإجازات، بين مستأذن لقضاء أمر معيّن وبين مؤجّل للمعاملات وبين زيارات للمكاتب والأقسام الأخرى، إضافة إلى ما يحصل في بعض المدارس من تلميح للطلاب وتهيئتهم لعدم القدوم إلى المدرسة في الأيام التي تسبق الإجازات الطويلة، وهذا الجانب له تداعيات سلبية على تنشئة الأجيال واعتيادهم على تطبيق هذا النهج في مراحل حياتهم التعليمية والتي بدورها ستنعكس على سلوكهم في الحياة العملية مستقبلا.

إن حل هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر في العديد من المؤسسات تحتاج أولا إلى ضمير حي من قبل الموظف، ومن ثم معالجة ذلك عن طريق المتابعة الإدارية من المسؤولين، خاصة في الأيام التي تسبق الإجازات الطويلة، ومحاولة إيجاد وسائل توقف تمدد هذه الظاهرة بين الموظفين وإهمالهم للعمل قبل الإجازات.

إن إهمال العمل والتغيب عنه والانصراف قبل انتهاء ساعات العمل أمور يسهل اكتشافها من خلال الازدحام المروري الذي تشهده الطرقات قبل موعد خروج الموظفين المعتاد، إضافة إلى غيرها من أوجه إهمال العمل والتغيب عنه، وكلما تزايدت هذه الظاهرة أسهم ذلك في مظهر آخر من مظاهر التكاسل والإهمال الذي من المفترض ألا يكون له وجود في قاموس تقدم المجتمعات وتطورها.

وعلى الرغم من انتشار هذه الظاهرة فإن هناك العديد من الوظائف والمهن التي لا تحتمل التأجيل في أدائها، ويتطلب العمل فيها إنجاز العمل يومًا بيوم دون تأجيل، حيث اعتاد العاملون في هذه المهن على أن المستفيد من خدماتهم لا يتقبل التأجيل، لذلك فإنهم يؤدون واجبهم بإخلاص وتفان سواء في الأيام العادية أو الأيام التي تسبق الإجازات.

إن المرحلة التي نعيشها تحتاج إلى جهود أكبر للعمل من أجل الوطن وخدمة المواطن وتقديم أداء وظيفي حقيقي بجودة وإتقان وإخلاص، ومراعاة الضمير في العمل وإنجازه وتخليص معاملات المراجعين وتقديم الأفضل في ساحات العمل التي من المفترض أن نتنافس في ميادينها لتقديم الأجود والأنفع لنا ولوطننا.