بشفافية: الوجه الحقيقي

19 أكتوبر 2021
19 أكتوبر 2021

الصورة المشرقة والمشرفة التي رسمها أبناء عمان في ولايات شمال الباطنة خلال تعرض ولاياتها للإعصار وأضراره، من خلال الملحمة الوطنية العظيمة في وقفة الأوفياء مع بعضهم البعض، وتآزرت فيها الجهود الحكومية والأهلية هي الوجه الحقيقي لعمان وغيرها من الوجوه التي تظهر بين حين وآخر ليست إلا صور عابرة لا تمثل المشهد الحقيقي لوطننا العزيز.

ففي مشهد التآزر الوطني وعندما كانت عمان بمؤسساتها وإمكانياتها وقواها البشرية والمؤسسية حاضرة منذ اللحظة الأولى في الولايات المتضررة، وعلى الجانب الآخر ينظر المواطن في الولايات الأخرى في ربوع الوطن العزيز للمشهد بنفس الألم الذي كان يشعر به أهالي الولايات الأكثر تأثرا بالإعصار وينتظر الفرصة ليهب في إعادة ما تضرر ويشارك في ملحمة البناء ويساهم بما تجود به نفسه، تستحضر الأذهان الحجم الحقيقي لعمان القوية الشامخة التي وقفت أمام نوائب الدهر صامدة لا تلين وتؤكد من جديد أنها قوية بمؤسساتها وقيادتها وشعبها.

إن آثار الإعصار وقوته وحجم تأثيره واتساع مساحته الجغرافية التي امتدت من الساحل والسهل إلى الجبل ليست بسيطة وكمية الأمطار التي هطلت هائلة، ولكن العزيمة والحرص على إعادة الأوضاع إلى طبيعتها وصدق العمل من قبل مؤسسات الدولة بمسؤوليها وموظفيها وكل من كان ولا يزال له دور في إزالة الأضرار وإصلاح ما تدمر وبفضل المتابعة المستمرة ومن الوهلة الأولى للقائد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وتوجيهاته المستمرة للحكومة على بذل المزيد من الجهود و سرعة التوجيهات في تنفيذ وإسناد المشاريع التي من شأنها التخفيف من آثار الأضرار على المواطنين وإعادة بناء ما تضرر بالبنى الأساسية ساهم بشكل سريع في تلاشي التأثيرات وعودة الحياة إلى طبيعتها في معظم الجوانب.

مشهد الولايات المتضررة بالإعصار تبدو صورتها مختلفة تماما عن ما كان عليه الوضع قبل أسبوعين، فالمدارس فتحت أبوابها ونفضت عنها أضرار الإعصار، والطلبة عادوا إلى مدارسهم بروح معنوية عالية، واستأنفت الأسواق ممارسة نشاطها من جديد، وعادت معظم الطرق لتمد شرايين الوصل بين المناطق والقرى، وعاد التيار الكهربائي لينير ليال السويق والخابورة بعد انقطاع، والمياه عادت لتسقي وتروي القرى والمناطق ومن لم تعد إليه المياه يتم توصيلها بصهاريج تغذي جميع السكان والأحياء.. مظاهر الحياة الأساسية عادت معظمها والعمل الميداني لحصر الأضرار وتسليم الإعانات المالية و توزيع المستلزمات يتواصل.

لقد تنفست الأرض من جديد، وعاد نبض الحياة بإيقاع متسارع، وكما يقال بأن الميدان يترجم الأفعال، فقد اثبت الميدان أفعال أبناء عمان فقد أعادوا الجمال إلى مكانه بتلك الولايات، وها هي الخطى تتسارع للاستفادة من هذه التجربة رغم مرارتها لتكون درسا يستفاد منه ليكون ضمن رصيد الخبرات في التعامل مع مثل هذه الظروف، فقد عقد المسؤولين بالمؤسسات الحكومية العزم على الاستفادة من الأحداث لإعادة الأوضاع أفضل مما كان، وتهيئة لطرق بمواصفات جديدة، و تحاول بقدر الإمكان وضع حلول مستدامة بعدم تأثرها مستقبلا بالأودية والأمطار، وإعادة تخطيط الأحياء السكنية بمواصفات تضمن عدم تعرضها مستقبلا لتأثيرات المياه والأودية، وكذلك الحال في كثير من الجوانب تمضي للاستفادة من التجارب المرة وتحويلها إلى دروس واقعية يستفاد منها للتخطيط المستقبلي .

مظاهر الحياة الطبيعية عادت وبدأ الإنسان الشعور بها، خصوصا عندما بدأت الخدمات مثل الكهرباء والمياه بالعودة، ففي يوم أمس عاد التيار الكهربائي إلى آخر الأحياء المتبقية بقرحة الخضراء بولاية السويق وبذلك نستطيع القول بأن الحياة عادت بشكل طبيعي، وتبقى الآن مرحلة جديدة وتواصل الحصر للأضرار وفي هذا الجانب أيضا هناك جهود تبذل وتمضي بطريقة صحيحة.