بشفافية.. الهجن.. قطاع واعد

15 مارس 2022
15 مارس 2022

حققت سباقات الهجن على مدى سنوات تحولا كبيرا في مفهوم واقعها السائد ـ كهجن تتسابق في الميدان ـ إلى قطاع حيوي واعد أسهم في تكوين منظومة متكاملة، عززت جوانب اجتماعية واقتصادية وتراثية، بفضل الاهتمام الكبير بهذا القطاع في سلطنة عمان منذ عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ وتواصله في العهد الجديد لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ حيث شهد هذا القطاع في عهده الزاهر الميمون المضي نحو مزيد من التطور والاهتمام والرعاية الكريمة، وذلك من خلال الدعم الكبير، والاهتمام بشؤون هذا القطاع، إيمانا بما يحمله قطاع الهجن من جوانب تدخل في عمق تشكيلة المجتمع العماني، وباعتباره قطاعا صنع لنفسه مكانة وسط قطاعات واعدة تحقق للمواطن مجالا للعيش والعمل والتجارة، وفي الوقت نفسه تحافظ على هوية عمانية فريدة بتفاصيلها، وعمقها التاريخي.

ولقد تابع المجتمع النشاط الحاصل في قطاع الهجن، خصوصا في الموسم الحالي، وما أعطى لهذا القطاع الزخم والتفاعل هو أنه حظي برعاية من صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، الذي رعى في هذا الموسم قرابة 3 مهرجانات للهجن، بينها ختام مهرجان الاتحاد العُماني لسباقات الهجن في نوفمبر الماضي، ورعايته ختام مهرجان البشائر السنوي في دورته الخامسة في مارس الجاري، ورعايته اليوم (الأربعاء) ختام مهرجان سيف الاتحاد العماني لسباقات الهجن، حيث اكتسبت هذه المهرجانات رونقا مختلفا لما حظيت به من اهتمام ورعاية، حيث رفعت هذه الرعاية من معنويات المهتمين بهذا القطاع وأدخلت في نفوسهم الاعتزاز والتشجيع على مواصلة الجهود لبذل المزيد من الاهتمام بالهجن.

إن قطاع الهجن بسلطنة عمان يمتلك ركائز النجاح المتمثلة في ثلاثة جوانب وهي: الدعم الحكومي، والخبرات في التضمير والتدريب، والسلالات الأصيلة، وبتوافر الركائز الثلاث في منظومة قطاع الهجن، بالإمكان النهوض بهذا القطاع ليسهم بشكل أكثر تأثيرا في توسيع حجم قاعدة الاستفادة من هذا القطاع في تنشيط قطاعات التنمية في المجتمع.

وعند التعمق في أهمية هذا القطاع، ندرك أن منظومة سباقات الهجن استطاعت اليوم أن توفر مئات فرص العمل للشباب العماني، من خلال الانتقال من مستوى (عزبة) إلى (مؤسسة) توفر وظائف للشباب، بمرتبات مجزية، وحوافز، ومسميات وظيفية، كما حقق قطاع الهجن أهمية اقتصادية للقطاع المصرفي من خلال ما يتم عقده من صفقات بيع لنوعيات مميزة من الهجن، وتوسع دائرة الاستفادة ليدخل القطاع الزراعي كشريك في الاستفادة، خصوصا المزارع العماني عبر (عقود) طويلة المدى بين مضمري وملاك الهجن، والمزارعين لتوفير التغذية المناسبة للهجن. وتوسعت قاعدة الاستفادة من هذا القطاع لتشمل العيادات البيطرية التي بدورها تدخل في منظومة قطاع سباقات الهجن من خلال عقود لتوفير الرعاية البيطرية للهجن والأدوية والمستلزمات الطبية، كما تشمل منظومة الاستفادة محال بيع الأعلاف من خلال عقود تزويد عزب ومؤسسات الهجن، وكذلك يستفيد سائقو الشاحنات من الشباب العماني من هذا القطاع عبر عقود نقل الهجن على المستوى المحلي والخارجي، إضافة إلى الحركة الاقتصادية التي تصاحب كل مهرجان حيث تنتعش الولاية التي يقام بها مهرجان الهجن، وتنتشر الأسواق المفتوحة التي يبيع فيها العماني منتجات محلية متمثلة في المواشي والمنتجات الغذائية والصناعات الحرفية ومستلزمات الهجن.

وإذا ما نظرنا إلى اتساع قاعدة الاستفادة من هذا القطاع، فإنه يتضح جليا ما لهذا القطاع من أهمية تتمثل في إسهامه في منظومة اقتصادية اجتماعية واسعة تحقق تبادل المنافع، وحركة اقتصادية مهمة، نواتها (مؤسسة الهجن) وأفرعها تمتد لقطاعات أخرى وأفراد.

وإضافة إلى الجوانب الاقتصادية والحياة اليومية، تمثل الهجن إرثا عمانيا خالدا، توارثته الأجيال جيلا بعد جيل، فالهجن العمانية الأصيلة كانت مصدرا من مصادر الفخر للإنسان العماني ولا تزال، ورافقت حياته عبر التاريخ، فكانت رفيقة دربه وزاده ومركبه الذي ينقله من مكان إلى مكان، ولم يتخل عنها الإنسان العماني، فهي لا تزال رفيقة دربه ومصدر اعتزازه.

وفي ظل الرعاية الكريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ فإن حاضر هذه الرياضة بخير، ومستقبلها زاهر.