بشفافية : الخطاب المتزن .. صوت العقل

21 ديسمبر 2022
21 ديسمبر 2022

عرف المجتمع العماني بتغليب صوت العقل والمنطق والبعد عن الغلو والتطرف والنعرات، وكان ولا يزال محافظا على هذا النهج الذي ترسخ على مدى عقود زمنية طويلة، حتى تأصلت هوية مجتمع يغلب عليه طابع التسامح والهدوء بعيدا عن الضجيج والمغالاة في التعاطي مع جوانب مختلفة من واقع الحياة والتعامل اليومي مع متغيرات حياتية عديدة.

وإذا ما نظرنا إلى أصالة المجتمع العماني ورسوخ هويته، نجد أن المجتمع يستمد نهجه وعقلانيته وبعده عن الغلو والتطرف والإرهاب من عدة أسس، أولها الدين الإسلامي المتسامح والنهج السياسي للقيادة في البلاد، إضافة إلى المسار الإعلامي الرصين للإعلام العماني الذي أسهم على مدى عقود في ترسيخ الهوية العمانية المتسامحة والبعيدة عن الغلو والتعصب.

على المستوى السياسي فقد انتهجت القيادة الحكيمة في ظل العهد المتجدد لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - نهجا واضحا في الخطاب المتزن والتأكيد على السياسة العمانية تجاه الغير.

كما عرف العالم السياسة العمانية، التي أكدت دائما على الحوار وضرورة حل الخلافات بالطرق السلمية وتغليب الحكمة وصوت العقل في أي خلاف يقع بين الدول، مع التأكيد المطلق على احترام سياسة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، الأمر الذي قابله احترام عالمي من قبل قيادات الدول وشعوبها.

وقد أسهمت السياسة الحكيمة التي تنتهجها سلطنة عمان في الشأن الداخلي والخارجي في تعزيز الاحترام المتبادل وتقوية علاقات سلطنة عمان مع الدول الشقيقة والصديقة في أنحاء العالم، عبر خطاب عرف بتوازنه ووضوحه للجميع.

وعلى المستوى الإعلامي فقد حافظ الإعلام العماني على مساره الذي لم يبتعد عن نهج المجتمع والقيادة بل إنه واكبها وعززها، بالكلمة والصورة والصوت، والتحليل والقراءة والتحقيق، وساهم في ترسيخ هوية المجتمع وابتعاده عن التطرف والغلو، وهذا ما أكده معالي الدكتور عبدالله الحراصي وزير الإعلام في ندوة «عمان هذا البلد وهذه الجريدة» التي أقيمت بمناسبة احتفاء جريدة «عمان» بمرور 50 عاما على تأسيسها اليوبيل الذهبي، بقوله: (إذا كان الجميع يتحدث اليوم عن قوة المجتمع العُماني وبُعده عن خطابات التطرف والغلو والإرهاب فلا يمكن أن نتجاوز دور الخطاب الإعلامي في صناعة هذه الشخصية وتمهيد مساراتها نحو المستقبل عبر تعزيز خطاب التعقّل وتقدير كل الأفكار والآراء دون تطرّف أو شطط في الفكر أو في القول، تمثيلًا للآية الكريمة «وقُولُوا للنَّاسِ حُسْنًا»)، وهذا بالفعل ما أسهمت به الجريدة على مدى عقود والإعلام العماني بشكل عام، عبر خطاب متزن عقلاني وهادئ.

إن حصاد سنوات من التنوير والفكر يجني المجتمع ثماره اليوم، من خلال ما تحقق ويتحقق من منجزات تنموية لم تكن إلا بتوفر الأمن والأمان الذي عملت عليه النهضة العمانية ورسخته، وإذا ما نظرنا إلى ما تحقق من أمن وأمان في ربوع البلاد فإن ذلك لم يكن أيضًا ليتحقق إلا بوعي مجتمعي مستنير.

اليوم يتعاظم دور الاعلام العماني في ترسيخ هذا النهج في ظل متغيرات على مستوى وسائل الإعلام وتعدد الخطابات الموجهة وما قد تتناقله وسائل الإعلام، لذلك فإن الإعلام العماني ومن يعملون في إطاره وبكافة الوسائل المقروءة والمرئية والمسموعة والإعلام الإلكتروني يتحمل مزيدا من الجهود في سبيل تعزيز هوية التسامح والتعقل والهدوء والبعد عن التطرف والإرهاب، من خلال خطاب إعلامي متزن ورصين يركز على الثوابت والنهج العماني المعروف.

كما يتوجب على المجتمع أن يعزز وعيه ويغرس في الأجيال نهج التعقل والهدوء وعدم الانسياق وراء بعض الخطابات الداعية إلى الكراهية والغلو والتزمت، فهناك متسع من الرحابة يكمن في لغة الحوار والنظر بعين العقل إلى كل المعطيات.

إن واقعنا يحتاج منا كل يوم أن ننظر إليه بتفاؤل، فهناك الكثير مما يتحقق في واقع حياتنا من منجزات وتقدم، يدعونا إلى الفرح والسعادة بعيدا عن تعكير الفكر وإشغاله بجوانب لا تجلب إلا الضيق.

لذلك يبقى الخطاب المتزن صوتًا للعقل الحكيم في التعاطي مع كافة جوانب الحياة.