السيارات الكهربائية ومشروع «صلالة» الجديد

16 سبتمبر 2025
16 سبتمبر 2025

شهدنا خلال هذا الأسبوع توقيع اتفاقية حق انتفاع لمشروع «المواد الكيميائية المتقدمة للبطاريات الكهربائية» الذي سيقام بالمنطقة الحرة بصلالة باستثمارات تصل إلى حوالي 188 مليون ريال عماني ضمن عدد من مراحل التطوير.

المشروع الجديد يمثل نقلة نوعية للقطاع الصناعي في سلطنة عُمان، ويعكس مدى التنوع الذي يشهده القطاع، وينسجم أيضا مع توجهات سلطنة عُمان لتحقيق الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050، كما أن المشروع من شأنه تلبية الطلب العالمي على هذه المنتجات في الوقت الذي يشهد فيه قطاع السيارات الكهربائية نموا لافتا.

خلال السنوات الماضية كان هناك جدل حول مستقبل السيارات الكهربائية نظرا للتحديات التي كانت تواجهها هذه الصناعة في ذلك الوقت، ولو رجعنا 10 سنوات إلى الوراء أي إلى عام 2015 لوجدنا أن عدد الشركات التي تعمل في إنتاج السيارات الكهربائية كان محدودا، وكان عدد الموديلات المنتجة قليلا جدا مقارنة بما أصبح عليه الوضع الآن، وكانت شركات الإنتاج في تلك الفترة في مراحل تطوير الإنتاج واختباره والعمل على إيجاد حلول للتحديات، وكانت سعة البطاريات التي يتراوح مداها بين 100 و200 كم واحدة من أهم التحديات التي تواجه صناعة السيارات الكهربائية وتحدّ من إقبال المستهلكين على شرائها خاصة مع سعرها المرتفع، أضف إلى هذا العديد من التحديات الأخرى المتعلقة بارتفاع أسعار السيارات، ومحدودية «الموديلات» المتاحة أمام المستهلكين، وعدم انتشار محطات الشحن بشكل واسع، غير أن السنوات الماضية شهدت تحولات عديدة في قطاع صناعة السيارات الكهربائية ومعداتها والبنية الأساسية الخاصة بها مع ارتفاع عدد الشركات المنتجة، وانتقالها من مرحلة الإنتاج التجريبي إلى الإنتاج التجاري بشكل واسع، وتم تطوير قدرات السيارات الكهربائية، والبطاريات ليتجاوز المدى لمعظم السيارات إلى ما بين 400 إلى 600 كم للشحنة الواحدة، وأصبح لدى المستهلك العديد من الخيارات سواء في التقنيات المستخدمة أو في مدى السرعة أو في الأسعار التي تراجعت بشكل كبير عما كانت عليه سابقا.

كما شهدت السنوات الماضية تطوير البنية الأساسية للسيارات الكهربائية، وزيادة عدد محطات الشحن السريع، وبذل العديد من الجهود لتشجيع المستهلكين على شرائها ضمن توجهات عالمية للحد من الانبعاثات الكربونية.

هذا التطور الذي شهده قطاع السيارات الكهربائية خلال السنوات العشر الماضية يجعلنا متفائلين بمزيد من التطوير لهذا القطاع خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يجعل «مشروع المواد الكيميائية المتقدمة للبطاريات الكهربائية» الذي سيقام بالمنطقة الحرة بصلالة واحدا من المشروعات الطموحة التي من شأنها المساهمة في نمو قطاع السيارات الكهربائية عبر «إنشاء قاعدة محلية لإنتاج مواد بطاريات الليثيوم، وفتح آفاق واسعة للاستثمار في مختلف مكونات منظومة البطاريات»، وبالتالي فإن هذا المشروع من شأنه دعم توجهات سلطنة عُمان نحو تحقيق الحياد الصفري الكربوني، وفي الوقت نفسه تنويع قاعدة المنتجات الصناعية المحلية، وتعزيز الاستثمار في قطاع الصناعات الخضراء.