الحكومة أم القطاع الخاص .. من يحل مشكلة الباحثين عن عمل؟

02 سبتمبر 2025
02 سبتمبر 2025

في كل مرة يدور فيها الحديث عن مشكلة الباحثين عن عمل يرمي فريقٌ المسؤولية عن ارتفاع أعداد الباحثين عن عمل على الحكومة؛ فتُصدر وزارة العمل قرارات تُعيد الكرة إلى ملعب القطاع الخاص، فيما يظل الباحثون عن عمل تائهين من مقابلة إلى أخرى، ومن امتحان إلى آخر، ومن برنامج تدريبي لآخر، لتمضي السنوات واحدة تلو الأخرى، ويذهب حماس الشباب ووقتهم وما اكتسبوه من علم ومعرفة وخبرة على مدى سنوات دراستهم سدى بين هذه الوزارة وتلك الشركة. 

رضِيَ الباحثون عن عمل براتب الـ 325 ريالا عمانيا، غير أن الشركات لم ترض بذلك، واستغلت توافرَ أعداد كبيرة جدا من الباحثين عن عمل في عرض فرص للتدريب بدون أجر، أو بأجر زهيد فيما يقوم المتدرب بمهام الموظف على أمل أن يتوظف يوما ما؛ فيكمل الـ 3 أو الـ 6 أشهر المتفق عليها ليأتي متدرب آخر يقوم مقامه يبحث هو الآخر عن فرصة عمل بهذه الشركة ليحصل في النهاية على شهادة تدريبية جديدة يضمها إلى عشرات الشهادات التي حصل عليها منذ غادر مباني الجامعة أو الكلية التي تخرج فيها، وإذا عاتب الشركةَ قال له رئيسُها: لقد منحناك فرصة العمر لتتدرب لدينا. 

تمضي الأشهرُ واحدا تلو الآخر، وتمر السنون سنة تلو أخرى، ولا تجد قضية الباحثين عن عمل أي حل، واليوم أصبحت لدينا مشكلتان رئيسيتان: إحداهما قضية الباحثين عن عمل، والأخرى قضية المسرّحين التي تزداد يوما بعد آخر، وأصبحت إحدى القضايا التي يتم تداولها بين أروقة المحاكم. الشركات تزعم أنْ لا مشاريعَ لديها، لكنها تطلب مزيدا من مأذونيات العمل لتوظيف القوى العاملة الوافدة فيما تزداد قضية المسرحين تعقيدا في الوقت الذي يرتفع فيه الطلب على الوظائف، ويقل المعروض منها أمام شبابنا الباحث عن عمل يحفظ كرامته، ويُسهم به في بناء وطنه. 

من المعنيُّ بحل قضية الباحثين عن عمل؟ هل الحكومة أم القطاع الخاص؟ سؤال لم يجد إجابة رغم أن قضية الباحثين عن عمل موجودة منذ إنشاء لجنة متابعة التعمين في أواخر عام 1997 مرورا بندوات التشغيل التي انطلقت ابتداء من عام 2001 تحت شعار «نعمل»، وأسهمت في إيجاد العديد من الحلول، وتأسيس برنامج «سند»، غير أن ازدياد مخرجات التعليم المدرسي والتعليم العالي يتطلب متابعة دائمة، وحلولا حقيقية، وتوسعة القطاعات الاقتصادية، وإنشاء الشركات الكبرى في قطاعات التقنية والخدمات والقطاعات الصناعية، وتعزيز إسهامات قطاع التطوير العقاري في هذا المجال خاصة مع النمو الذي يشهده القطاع حاليا. 

في الأسابيع الماضية أعلنت وزارة العمل عن توفر 811 فرصة وظيفية في القطاع الحكومي، غير أن عدد المتقدمين لهذه الفرص تجاوز الـ 70 ألفا، وهو ما يشير إلى أعداد كبيرة من الباحثين عن عمل علينا استيعابهم سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص؛ لأنهم هم أمل عُمان ومستقبلها، وهم الذين سوف يُسهمون في تحريك الاقتصاد، ونشر التنمية، وتأجيل حل هذا الملف من سنة لأخرى سوف يضاعف تحدياتنا الاقتصادية والاجتماعية. فهل ستتحمل وزارة العمل ووزارة الاقتصاد والوزارات والجهات الحكومية الأخرى مسؤولياتها الوطنية والاجتماعية والاقتصادية لإغلاق هذا الملف الذي لا يزال يبحث عن حل منذ سنوات عديدة؟ 

محمد بن أحمد الشيزاوي