أهمية مشاركة المرأة في المجالس البلدية
ينطلق دور المجالس البلدية في ترسيخ الغايات التي رسمتها الأولويات الوطنية والمشاركة في تنفيذها وصياغة الأولويات المجتمعية، وتعزيز الهوية والثقافة الوطنية من منطلق الصلاحيات التي أسندت إليهم في تطوير المجتمع وتنميته، وحسب الأهداف الاستراتيجية لأولوية تنمية المحافظات والمدن المسـتدامة في رؤية عمان 2040 التي ركزت على «إيجاد مجتمعات ممكنة تسهم في صياغة أولوياتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والبيئية وتعمل ضمن إطار اللامركزية الإدارية والاقتصادية»، بالإضافة إلى أن الأدوار المنوطة بالمجالس البلدية تعزز من إيجاد استثمار مستدام للتراث والثقافة والسياحة، الذي يسهم بدوره في نمو الاقتصاد الوطني، فضلا عن أن تعزيز المشاركة الوطنية لأفراد المجتمع في انتخابات المجالس البلدية والإداء بأصواتهم للمترشحين المستحقين للعضوية والفاعلين في مجتمعاتهم تندرج ضمن تحقيق المواطنة المسئولة التي تسهم في إيجاد شراكة مجتمعية مؤسسية متكاملة تعزز الهوية والمواطنة والترابط والتكامل الاجتماعي، لذلك فـإن المجالس البلدية لها شأن كبير في تحقيق أهداف رؤية عمان 2040 وتحقيق التنمية المستدامة في المحافظات.
وحيث إن المرأة العمانية شريكة في التنمية وقد أدّت دورًا واضحًا في إعداد رؤية عمان 2040، تحت الرعاية السامية، فقد مكنّها ذلك من حصول ثقة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي أكد على أهمية تنشيط دورها في مختلف المجالات التنموية، ونستشرف ذلك الاهتمام المبارك في خطاب جلالته بمشاركة المرأة العمانية في التنمية الشاملة للبلاد كدعامة مهمة في البناء الوطني، فذكر في خطابه :«إنّ شراكة المواطنين في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني، ونحرص على أن تتمتع فيه المرأة بحقوقها التي كفلها القانون وأن تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها، مؤكدين على رعايتنا الدائمة لهذه الثوابت الوطنية التي لا نحيد عنها ولا نتساهل بشأنها».(خطاب جلالة السلطان هيثم بن طارق 23/2/2020م).
وأكد على مبادئ الشراكة والمساواة وفق ما جاء في النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (6 /2021)، استناداً إلى المادة (15) التي نصت على أن «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وتلتزم برعاية الطفل، والأشخاص ذوي الإعاقة والشباب والنشء، وذلك على النحو الذي يبينه القانون» ، وأشار جلالته - حفظه الله ورعاه- على تلك المبادئ في أكثر من مناسبة على أنّ المرأة شريكة الرجل في تحقيق تنمية الوطن، ليؤكد الرسالة العظمى التي تؤديها المرأة العمانية كونها تشكل نصف المجتمع العماني كمًا ونوعًا، مؤكدًا على تعزيز مكانتها وحماية حقوقها، موجهًا رسالة إنسانية للعالم بأكمله حول أهمية دور المرأة في نهضة الأمم.
وفي سياق ما وصلت إليه المرأة العمانية من تقدم في مختلف أجهزة الدولة الرسمية، مما مكنها الوصول إلى مراتب عالية من التقدم الاجتماعي والعلمي والاقتصادي والمهني وفي مجال البحث العلمي والابتكار، وإبراز مكانتها ومشاركتها في المحافل المحلية والدولية، والمساهمة في دفع عجلة التنمية المستدامة من خلال ممارسة دورها في إدارة المؤسسات الأهلية، وجمعيات المرأة العمانية في جميع ولايات السلطنة، بالإضافة إلى مشاركتها بشكل فاعل في القطاع الخاص وإدارة الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتقلدها مناصب قيادية لمؤسسات مهنية وتعليمية، بالإضافة إلى عضويتها في مجلس الدولة التي بلغت ما يقارب 18%، وعضويتها في مجلس الشورى التي بلغت 2.3% وعضويتها في المجلس البلدي حيث بلغت نسبة مشاركتها 2% في الفترة الأولى (2012 - 2015)، وارتفعت نسبة تمثيلها في الفترة الثانية (2016-2020) لتبلغ 3%، فإن مشاركة المرأة في المجالس البلدية لا تقل أهمية من مشاركتها في المجالات الأخرى، حيث يبرز دورها الوطني وفقًا لاختصاصات المجلس البلدي في المشاركة في صياغة أولويات مجتمعها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والبيئية كونها أقرب لاحتياجات الأسرة والمجتمع، وذلك من خلال مشاركتها في إعداد البرامج الاجتماعية التي تكفل مساعدة الفئات المستحقة ورعاية الأيتام وذوي الإعاقة، ودراسة القضايا الاجتماعية والظواهر السلبية في المحافظة، واقتراح الحلول المناسبة لها بالتعاون مع الجهات المختصة، الى جانب المشاركة في إيجاد الحلول اللازمة لتوفير فرص عمل للباحثين عن عمل، والمشاركة في اقتراح برامج لمساعدة المتضررين من الكوارث الطبيعية والأنواء المناخية بالتنسيق مع الجهات المختصة، واقتراح البرامج التوعوية والتثقيفية واقتراح الإجراءات المناسبة لحماية البيئة وسلامتها، والمساهمة في اقتراح الضوابط واللوائح البلدية اللازمة والتي تخدم المحافظة، والمشاركة في إدارة وتنظيم الأسواق المحلية، ودراسة مشروعات خطط التنمية في المحافظة، واقتراح المشروعات الإنمائية فيها، وإبداء المقترحات حول المخططات العمرانية، فضلًا عن دورها في المشاركة في تحديد احتياجات المحافظة من المرافق العامة، والخدمات الحكومية، وإبداء التوصيات في مجال إقامة المهرجانات الثقافية والترفيهية والسياحية، ومتابعة تنفيذ المشروعات الخدمية والتنموية في المحافظة، بالإضافة إلى دورها في تعزيز التواصل مع المجتمع المحلي والإدارات التعليمية والاجتماعية ومؤسسات القطاع الخاص للوقوف على ملاحظاتهم ومقترحاتهم بما يهدف إلى خدمة وتطوير المحافظة.
وبالتالي تنعكس ممارستها لأدوارها المنوطة بها في المجلس البلدي في تمكينها وتعزيز مساهمتها بشكل مباشر في صناعة القرار، ورسم السياسات والخطط الوطنية وتنفيذها، وتنمية المجتمع المحلي في المحافظة ونمو الاقتصاد الوطني، من هذا نحفز الناخبين والناخبات لتفعيل دورهم الوطني والمشاركة بأصواتهم، واختيار الشخص المناسب القادر على تمثيلهم بشكل إيجابي، وأن يكون للمرأة العمانية الفاعلة نصيب من ذلك الاختيار.
