آن للاستنزاف «المليوني» أن يتوقف !

22 أغسطس 2023
22 أغسطس 2023

بعد سنوات طويلة.. من مسلسل (الخسائر) عاد التفاؤل المجتمعي تجاه تحسن أداء الطيران العماني، عبر سلسلة من الإجراءات بدأت الحكومة باتخاذها تدريجيا لوقف مسلسل الخسائر والديون المليونية التي يتكبدها (الناقل الوطني) سنويا، فهذه الخطوات الجادة والمتسارعة تفتح لمرحلة جديدة، من شأنها أن تكبح ما تتعرض له هذه المؤسسة من خسائر منذ عدة سنوات، وتفتح المجال على مصراعيه أمام تعميم هذه الوقفة الجادة من الحكومة تجاه غيرها من الشركات التي تتعرض للخسائر.

الانطلاقة الأولى تجاه وقف مسلسل الخسائر بدأت بتعيين استشاري متخصص ينظر في أوضاع الطيران العماني، والذي على ما يبدو أنه قد لامس بعض مواضع الاستنزاف (المليوني)، إيذانا ببدء صفحة جديدة للتعافي تدريجيا.

نهاية الأسبوع الماضي بدأت إجراءات عالية المستوى، في هذا السياق حيث تم حل الجمعيتين العموميتين لشركتي الطيران العُماني ومطارات عُمان، وانتخاب مجالس إدارة جديدة واعتماد الهيكل التنظيمي الجديد لشركة الطيران العُماني واللجان الجديدة لمجلس الإدارة، وإجراء تعيينات وتحديثات، إضافة إلى ما اتخذ من خطوات تنفيذية لبرنامج الاستدامة المالية، مجمل هذه الخطوات يمكن القول إنها بداية لسلسلة من الإجراءات الرامية إلى معالجة أوضاع الناقل الوطني، للوصول إلى نقطة التعافي (لا ربح ولا خسارة)، تمهيدا لبدء تحقيق الأرباح.

وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات الإصلاحية جاءت بعد مدة زمنية، إلا أنها تعد خطوة في الاتجاه الصحيح، وبداية العلاج هو التشخيص، وعملية التشخيص قد بدأت فعليا، ولن تستغرق طويلا، لكنها بكل تأكيد تحتاج إلى نفس عميق.. فما سبق من إجراءات ستتبعها إجراءات أخرى، بعضها تم الإفصاح عنه في مؤتمر صحفي عقد مؤخرا، حيث تم الإعلان عن عدد من الخطوات سيتم اتخاذها، تتمثل في إعادة دراسة بعض خطوط الرحلات التي يسيرها الطيران العماني حاليا، ووقفها متى ما تثبت عدم جدواها الاقتصادية، والدخول في مرحلة من التكاملية والتعاون مع مؤسسات في المجال ذاته، واتخاذ قرارات وخطوات من شأنها أن تسهم في وضع حد لسلسلة الخسائر التي يتعرض لها الطيران العماني منذ سنوات طويلة.

وبما أن هذه الإجراءات أدخلت التفاؤل في نفوس أبناء المجتمع، بتصحيح أوضاع الشركة ووقف الخسائر التي تقابل بالكثير من الاستياء لما يحدث كونه ناقلا وطنيا، ومدعوما من الحكومة، ولكنه ـ للأسف ـ يتعرض للخسائر، ويأمل المجتمع في أن يكون الطيران العماني في مصاف أفضل شركات الطيران على مستوى المنطقة والعالم، ويحقق الآمال الاقتصادية التي أنشئ من أجلها.

إن الطيران العماني ليس الشركة الحكومية الوحيدة التي لم تحقق أرباحا وتتعرض للخسائر، وما يحصل من إجراءات لوقف حالة الخسائر بالطيران العماني، يفتح المجال للبدء في تلمس مواضع الاستنزاف في غيرها من الشركات، لكي لا تهدر غيرها من الملايين.

ولدينا أمثلة كثيرة في هذا المضمار الاقتصادي خاصة في الشركات المملوكة للحكومة، وهنا دعوة لجهاز الاستثمار العماني لإعادة النظر في ما يسمى (التخارج) من بعض الشركات وبيع أسهمها نتيجة لما تحققه من خسائر، أما موضوع التخارج خاصة من شركات عملاقة تعمل بمجالات حيوية ذات أبعاد وطنية واجتماعية واقتصادية تتمثل في تقديم خدمات ومنتجات لا يستغنى عنها السوق العماني فيحتاج إلى إعادة النظر، وبدلا من التخارج أو بيع أصول هذه الشركات ونسبة كبيرة منها لدول واستثمارات أجنبية، تحتاج إلى وقفة لجس مواضع الخلل في تلك الشركات والبحث عن أسباب خسائرها لا بيعها والتخارج منها.

إن منبع التفاؤل المجتمعي تجاه كل تحرك حكومي، لانتشال واقع شركة حكومية من الخسارة إلى مستوى الربحية، يحركه وقف هدر المقدرات المالية التي تصرفها الحكومة من أجل تحسين أداء بعض الشركات الحكومية، مما يعزز حجم الثقة في أن لدينا من الكوادر المسؤولة القادرة على أن تحدث التغيير، وهنا لا نعني أن من كان على هذه المواقع غير جدير بالثقة أو الكفاءة، ولكنه اجتهد وقدم وجاء من بعده من يستطيع أن يحقق المزيد، لذلك نحن أبناء اليوم وننظر إلى المستقبل بمزيد من التفاؤل والثقة لغد أكثر إشراقا وإيجابية.

سهيل النهدي محرر وصحفي من أسرة تحرير عمان