سلامة الطلبة في الحافلات المدرسية

29 أكتوبر 2025
29 أكتوبر 2025

أصبح من الضروري إيجاد لائحة منظِّمة تُلزم أطراف العلاقة الثلاثة (وزارة التربية والتعليم، وسائق الحافلة، والبيت) بضمان سلامة تنقّل الطلبة من وإلى مدارسهم يوميًّا، خاصة بعد تزايد الحوادث المأساوية التي تعرّض لها عدد من الطلبة في الحافلات المدرسية منذ بدء العام الدراسي الجاري، وما تبعها من تفاعل واسع في المجتمع مع تلك الحوادث والإجراءات التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم لضمان سلامة الطلبة في الحافلات.

إنّ ما يحدث في الحافلات المدرسية ليس ظاهرة جديدة على هذا العام، بل هي مشكلات تتكرر باستمرار، ولم يتم حتى الآن إيجاد الحلول الجذرية لها على الرغم من الإجراءات التي تُتخذ بين فترة وأخرى.

ولا يمكن تحميل المسؤولية لطرفٍ دون آخر، إذ إنّ الأطراف الثلاثة المرتبطة بعملية نقل الطلبة في المدارس الحكومية (المدرسة، وسائق الحافلة، وأولياء الأمور) تتحمل مسؤولية مشتركة.

فتتمثل مسؤولية الوزارة في وضع اشتراطات خاصة بسائقي الحافلات المدرسية، تبدأ من السلوك الأخلاقي والسجل الشخصي، مرورًا بالثقافة المرورية والخبرة في القيادة، وانتهاءً بمدى الالتزام بتطبيق القوانين والأنظمة.

أما سائق الحافلة، أو من تم التعاقد معه تحديدًا، فعليه واجب كبير في تحقيق السلامة للطلبة، بعد أن آلت إليه مسؤولية نقلهم، وتكمن هذه المسؤولية في الالتزام التام بما ورد في العقد من اشتراطات وإجراءات السلامة المطلوبة.

بينما تقع على الأسرة مسؤولية غرس مبدأ احترام قائد الحافلة في نفوس الأبناء، وحثّهم على الجلوس في المقاعد وعدم التسبب في الفوضى داخل الحافلة، لما لذلك من أثر في تشتيت ذهن السائق وتعريض الجميع للخطر، إلى جانب توعيتهم بالسلوك الآمن أثناء الصعود والنزول من الحافلة.

وبالعودة إلى مسؤوليات وزارة التربية والتعليم في هذا الشأن، فإن من الضروري التركيز على وضع لائحة قانونية ملزمة لسائقي الحافلات لا تقتصر على عمر الحافلة أو حجمها أو نظافتها، بل تمتد لتشمل التأكد من كفاءة السائق وسجله المروري ومدى أهليته لتحمّل هذه المسؤولية، فمهما كانت الحافلة جديدة ومزوّدة بوسائل السلامة، يبقى العنصر البشري هو الأهم في منظومة النقل المدرسي.

ويمكن للوزارة التنسيق مع شرطة عُمان السلطانية للتعرف على السجل المروري للسائقين، إذ تمتلك الشرطة قاعدة بيانات شاملة للمخالفات، مما يساعد على اختيار الكفاءات المناسبة لقيادة الحافلات المدرسية بأمان.

ويُلاحظ أن بعض أصحاب الحافلات المدرسية المتعاقدين مع الوزارة يقومون بتأجير الحافلات لسائقين آخرين غير معروفين للمدرسة أو أولياء الأمور، وقد يتغيّر السائق أكثر من مرة خلال الشهر، وهو أمر يثير القلق ويستدعي وقفة حازمة لضمان الالتزام بالعقود، وتحسين جودة النقل المدرسي عبر المتابعة والمراقبة المستمرة.

إنّ سلامة الطلبة أثناء تنقّلهم عبر الحافلات المدرسية مسؤولية وطنية مشتركة، تتطلّب حلولًا دائمة ومستدامة من خلال تطبيق القوانين ومتابعة الالتزام بها، وتفعيل الشراكة بين الأطراف الثلاثة (الوزارة، والأسرة، والسائق) للوصول إلى الغاية المنشودة: أن تكون رحلة أبنائنا إلى مدارسهم رحلة آمنة كل يوم.