تداول.. في استقبال عام جديد
من الحقائق المهمة التي لابد أن نتحدث عنها - ونحن نستقبل عاما جديدا - الإشارة إلى أن أسواق المال تعتبر شديدة الحساسية لأي خبر إيجابي أو سلبي، غير أن الأخبار السلبية تؤثر على بعض الأسواق أكثر من غيرها، وهو ما يستدعي أن يكون المستثمرون على وعيٍ تامّ بالأسواق التي يستثمرون فيها سواء كانت بورصة مسقط أو البورصات الخليجية أو العالمية، كما ينبغي أن يشمل هذا الوعي الأسهم التي يستثمرون فيها؛ فأسهم البنوك تختلف جذريا عن أسهم قطاعات الاستثمار أو الصناعة أو الخدمات أو غيرها من القطاعات الأخرى، وهذا يعني ضرورة أن يتابع المستثمرون القطاعات التي يستثمرون فيها مثلما يتابعون حركة الأسهم وحركة البورصات ومؤشراتها وأحجام تداولاتها.
ومع مطلع كل عام يضع المستثمرون لأنفسهم أهدافا يرغبون في تحقيقها، فنجدهم في سنة ما يستهدفون أسهم البنوك وفي سنة أخرى يركزون على أسهم الاتصالات أو النفط أو الطاقة، وأحيانا نجدهم يستهدفون الشركات المدرجة في عينة المؤشر الرئيسي للبورصة وحينا آخر نجدهم يركزون على أسهم الشركات المدرجة في القطاع المالي أو القطاعات الفرعية الأخرى؛ كل ذلك يتم بناء على أهدافهم من الاستثمار، غير أنه كلما حرص المستثمرون على تنويع محافظهم الاستثمارية استطاعوا تحقيق أهدافهم.
ومن المناسب – ونحن نستقبل عام 2023 – أن نلقي نظرة على أهم الأرقام خلال العام الماضي الذي شهد شدّا وجذبا على مستوى أسعار الأسهم وأحجام التداول وحركة المؤشرات والقيمة السوقية، ومن أبرز الأرقام التي نود التوقف عندها هي: ارتفاع أسعار أسهم 37 شركة مساهمة عامة وتراجع أسعار أسهم 55 شركة مساهمة عامة من أبرزها شركات الطاقة.
من أبرز الارتفاعات التي شهدها العام الماضي صعود سهم عمان كلورين بنسبة 184% من 200 بيسة إلى 568 بيسة، وارتفاع سهم جلفار للهندسة والمقاولات بنسبة 138% من 73 بيسة إلى 174 بيسة، وارتفاع سهم صناعة مواد البناء بنسبة 111% من 35 بيسة إلى 74 بيسة، وصعود سهم صناعة الكابلات العمانية بنسبة 64% من ريال و35 بيسة إلى ريال و700 بيسة، وارتفاع سهم البنك الوطني العماني بنسبة 47% من 196 بيسة إلى 289 بيسة، وهناك العديد من الأسهم التي سجلت صعودا لافتا خلال العام الماضي ومن المناسب أن ينظر المستثمر إلى هذه الأسهم ويحلل أسباب هذا الصعود وهل الأسهم التي سجلت هذا الصعود في عام 2022 قادرة على الارتفاع أكثر خلال عام 2023؟، وفي المقابل عليه أن يحلل أسباب تراجع الأسهم وهل وصلت إلى القاع لتبدأ مرحلة صعود جديدة خلال العام الجاري؟ خاصة أن عددا من الأسهم التي تراجعت أسعارها في عام 2022 قامت خلال العام بتوزيع أرباح على مساهميها وبالتالي عوّضت المستثمرين عن خسائرهم "غير المحققة" التي جاءت نتيجة لتراجع أسعار الأسهم.
وخلال العام الماضي قامت أكثر من 60 شركة مساهمة عامة بتوزيع أرباح على مساهميها بعد أن حققت نتائج مالية جيدة، واتجهت عدة شركات إلى توزيع أرباح مرحلية بالإضافة إلى الأرباح التي وزعتها بعد انتهاء سنتها المالية وهو ما ساهم في زيادة إقبال المستثمرين على أسهم هذه الشركات، كما أن هذه التوزيعات ساهمت في تنشيط بورصة مسقط وأشاعت جوّا من التفاؤل لم يقتصر على الشركات التي قامت بتوزيع أرباح على مساهميها بل شمل عددا من الشركات الأخرى خاصة الشركات القابضة التي لديها أسهم في هذه الشركات، وشهد عام 2022 أيضا انتقال عدد من الشركات إلى سوق المتابعة وهو ما يعني أن هذه الشركات وصلت إلى درجة الخطر نتيجة لارتفاع خسائرها وتآكل رؤوس أموالها.
ومن الأرقام الأخرى التي ينبغي أن يقف عندها المستثمرون وهم يضعون خططهم لعام 2023: ارتفاع المؤشر الرئيسي لبورصة مسقط بنسبة 17.6% أي 727 نقطة ليغلق على 4857 نقطة وهو واحد من أفضل مستوياته منذ الربع الأول من عام 2018، وسجل مؤشر القطاع المالي صعودا لافتا مرتفعا أكثر من 1325 نقطة أي بنسبة 20% وأغلق على 7903 نقاط، وشهد مؤشر قطاع الصناعة صعودا بنسبة 5.7% أي 350 نقطة، غير أن المؤشر الشرعي ومؤشر قطاع الخدمات سجلا تراجعا نتيجة للأداء المتقلب للشركات المدرجة في عينة هذين المؤشرين.
وهناك العديد من الأرقام الأخرى التي لا يتسع المجال للحديث عنها والتي من المهم أن ينتبه إليها المستثمرون وهم يضعون خططهم لعام 2023، وبشكل عام فإن المستثمرين مطالبون بقراءة النتائج المالية للشركات بشكل جيد قبل الاستثمار في الأسهم، إذ إن بعض الارتفاعات التي تشهدها أسعار الأسهم ليس لها علاقة بأداء الشركة وإنما ببعض المضاربات التي لا تخدم صغار المستثمرين، وكما أشرتُ في بداية هذا المقال هناك 37 شركة مساهمة عامة سجلت ارتفاعا في أسعار أسهمها خلال العام الماضي و55 شركة مساهمة عامة سجلت تراجعا في أسعار أسهمها وأكثر من 60 شركة مساهمة عامة قامت بتوزيع أرباح على مساهميها، وهي أرقام مهمة على المستثمرين أن ينتبهوا إليها وهم يضعون خياراتهم لعام جديد.
