أول ندوة علمية للموسيقى في الجزيرة العربية (1) .. هل تتكرر مرة أخرى؟

25 ديسمبر 2022
كلام فنون
25 ديسمبر 2022

ندوة موسيقى عُمان التقليدية التي نظمتها وزارة الإعلام في أكتوبر من عام 1985 عبر مركز عُمان للموسيقى التقليدية برعاية المغفور له صاحب السمو السيد فيصل بن علي بن فيصل آل سعيد وزير التراث القومي والثقافة (سابقا) هي الندوة العلمية الأولى في تاريخ الموسيقى العُمانية، ليس هذا وحسب، بل إن تلك الندوة كما كتب الدكتور عصام الملاح في مقدمة كتاب: الوثائق الكاملة للندوة الدولية لموسيقى عُمان التقليدية المنشور عام 1994 إنها «أول عمل علمي من هذا النوع في دول شبه الجزيرة العربية.. جاءت لتقدم خلاصة مشروع فريد للبحث الميداني الموسيقي».

إن مثل هذه الأعمال العلمية الكبيرة مهمتها لا تنتهي بعقدها مرة واحدة، إنها مثل الانفجار العظيم في مجالها أو هكذا يفترض بها أن تكون بسبب ما يتبعها وما ينتج عنها من عمل وأعمال، ذلك لأنها تفتح آفاقا جديدة، وتبقى المرجع أو ما يشبه المؤسسة تجتمع لممارسة مهمتها في نقد وتحليل النشاط الموسيقي في البلد والنظر في آليات التطوير، وبناء القدرات والمهارات، لهذا كان ولا يزال استمرارها من وجهة نظري على الأقل مسألة أساسية في إطار استراتيجية تطوير الموسيقى وعلومها المختلفة.

وفي سياق متصل استطاع مركز عُمان للموسيقى التقليدية منذ 1989 المحافظة على استمرارية نشر سلسلة من الإصدارات التعريفية والتحليلية في مجال الموسيقى التقليدية العُمانية والعربية، وما زلت اعتقد بإمكانية تطوير هذا التوجه وتوسيع تأثيره في الداخل والخارج، حيث كنت أطمح إلى تتويج ذلك بتأسيس مجلة مختصة بالموسيقى العُمانية، وقبل أن أتقاعد حاولت إصدار أول إعدادها، ولكن للأسف لم أحصل على بحوث مناسبة، فأجلتها لحين استكمال بعض الترتيبات الإدارية والمالية والتحريرية لهذا المجلة، وقد أصدر الزملاء فيما بعد نشره تحت نفس المحاور ونفس العنوان: «الموسيقى العُمانية»، وأمل أن يتطور العمل فيها إلى مجلة علمية موسيقية ذات تأثير على الفكر الموسيقي النظري والتطبيقي وبشكل خاص لنشر الدراسات والبحوث الميدانية ومتابعة المستجدات الموسيقية سواء في التأليف والأداء أو في مجال تكنولوجيا الموسيقى وتقنياتها المعاصرة، وهذا ما لم يتحقق حتى اليوم.

فكما هو ملاحظ فإن الندوة الدولية لموسيقى عُمان التقليدية عام 1985 ناقشت بشكل أساسي نتائج الجمع والتوثيق الميداني للموسيقى التقليدية العُمانية الذي أشرف عليه الدكتور يوسف شوقي مصطفى. وذكر الملاح في المقدمة المشار إليها أن أكثر من ثلاثين شخصية من كليات ومعاهد أوروبية وأمريكية وعربية، ينتمون إلى تخصصات مختلفة شاركوا فيها: «وبالإضافة إلى علماء الاثنوموزيكولوجيا، شارك عدد من الأنثربولوجيين، وعلماء الاجتماع الأنثروبولوجي، والمؤرخون، والمؤلفون الموسيقيون، والمتخصصون في التصنيف العلمي، وفي الرقص التقليدي والباليه، والفنون التقليدية، والدين، والفنون الجميلة، والصحافة ووسائل الإعلام.. كما لم تقتصر مناقشات الندوة على الموسيقى العُمانية وحدها، حيث تركزت مناقشات الطاولة المستديرة المصاحبة للندوة على محاور مثل: مشاكل تصنيف الموسيقى العربية، وموسيقى عُمان التقليدية في إطار سيمفوني، وقضايا تصنيف الموسيقى التقليدية».

وفي هذه المناسبة أبدأ هنا التعريف بواحدة من المحاضرات الثماني والعشرين التي قدمت في جلسات الندوة، وهي عبارة عن ورقة عمل للأستاذ الدكتور مانتل هود من الولايات المتحدة الأمريكية. إنها محاضرة مثيرة للاهتمام من وجهة نظري، وكانت بعنوان: «بصمات صوت الموسيقى التقليدية العُمانية».

إن تحديد مثل هذه البصمة تعتمد على وسائل تكنولوجية ساهم الدكتور هود في تطوير بعضها. والبصمة الموسيقية أو البصمة الصوتية حسب البروفيسور مانتل هود هي: «صورة طبعة printout للصوت الموسيقي بكامل عناصره، وهي تمثل الهوية الذاتية للتعبير الموسيقي».

بكل تأكيد أن هذا النوع من التكنولوجيا قد تقدمت كثيرًا منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، ذلك إن تكنولوجيا الموسيقى اليوم متنوعة ومتقدمة سواء على صعيد البرمجيات أو صناعة الآلات والتقنيات الصوتية الأخرى، واعتقد أننا بحاجة لتطوير هذا المجال في بلادنا، وعليه آمل أن يحظى بالاهتمام المناسب من المؤسسات ذات الصلة...

للمقال بقية