شركات الوساطة.. واقع وتحديات

27 سبتمبر 2022
27 سبتمبر 2022

تعتبر شركات الوساطة المالية إحدى الواجهات الرئيسية لقطاع سوق رأس المال، فمن خلالها يتعرف المستثمرون على بورصة الأوراق المالية ومن خلالها يضخ المستثمرون أموالهم في البورصة وهي الركن الأساسي في إقناع أصحاب رؤوس الأموال باستثمار أموالهم في البورصة، وربما أيضا هم الذين يدفعون المستثمرين للابتعاد عن البورصة، إن لم يقدموا للمستثمرين النصائح الضرورية، وإن لم يهتموا باستثماراتهم، وإن لم يعطوا المستثمر ما يستحق من عناية واهتمام.

ولعل السؤال الرئيسي في هذا الإطار هو: هل تمتلك شركات الوساطة الإمكانيات التي تدعم الاستثمار في قطاع سوق رأس المال؟ وهل لديها القدرة على إقناع أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في بورصة مسقط؟ وهل لدى الشركات دوائر مختصة بإعداد البحوث والتقارير وتقديمها للمستثمرين لاتخاذ قراراتهم الاستثمارية؟.

يبدو من خلال الواقع الحالي أن أغلب الشركات ليست لديها القدرة على استقطاب المستثمرين وتلبية تطلعاتهم وتوفير ما يحتاجون إليه من نصائح أو بحوث أو تقارير عن أداء الشركات باستثناء ما تصدره شركات المساهمة العامة في كل ربع سنوي أو ما تفصح عنه من أخبار عبر الموقع الإلكتروني لبورصة مسقط، وبالتالي فإن شركات الوساطة تضع نفسها في زاوية ضيقة للغاية وتكتفي بتنفيذ أوامر البيع والشراء التي يكلفها بها المستثمرون في البورصة.

والواقع يقول أيضا إن عدد شركات الوساطة تراجع اليوم إلى 9 شركات فقط مقابل أكثر من 20 شركة قبل ذلك، صحيح أن بعض الشركات شهدت اندماجات خلال السنوات الماضية لكن حتى هذه الشركات أصبحت اليوم تعاني من تراجع أدائها المالي أو من خسائر متراكمة فضلا عن أن بعض هذه الشركات لم نجد لها - من خلال التقارير الدورية التي تنشرها على الموقع الإلكتروني لبورصة مسقط - أي توجهات حقيقية لإحداث نقلة في قطاع سوق رأس المال، ويبدو أنها تقنع نفسها بشكل دوري على أن تظل مجرد وسيط يقوم ببيع وشراء الأسهم للمستثمرين وليست شركات قوية قادرة على قيادة القطاع إلى مزيد من النمو والتحسن.

ورغم هذا نجد أن بعض الشركات تتحرك بشكل واضح، ولعل هذا هو ما يفسر أن شركة مثل المتحدة للأوراق المالية وهي شركة قطاع خاص استحوذت في الفترة من يناير حتى أغسطس الماضيين على نحو 26% من إجمالي قيمة التداول، كما أن شركة أوبار كابيتال وهي شركة ذات استثمارات محلية وعالمية استحوذت على 19.7% من إجمالي قيمة التداول، وحلت الشركة الدولية للأوراق المالية وهي شركة مساهمة عامة في المرتبة الثالثة مستحوذة على نحو 14% من إجمالي قيمة التداول، أي أن الشركات الثلاث استحوذت على نحو 60% من إجمالي قيمة التداول في بورصة مسقط خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، وهو ما يطرح المزيد من التساؤلات حول دور الشركات الأخرى خاصة شركات المساهمة العامة التي كادت تختفي من المشهد.

إن إعادة الحيوية إلى قطاع سوق رأس المال بشكل عام وبورصة مسقط بشكل خاص يتطلب تفعيل دور شركات الوساطة المالية، وهي كما قلنا دعامة أساسية لقطاع سوق رأس المال وواجهة أساسية للاستثمار في هذا القطاع، ورغم أن هناك العديد من التحديات التي تواجه هذه الشركات كما تواجه أيضا الاستثمار في البورصة؛ إلا أننا نرى أن شركات الوساطة لديها الإمكانيات لدعم الاستثمار في القطاع غير أنه قبل ذلك على الشركات أن تؤمن بقدراتها على صناعة المشهد واستقطاب المزيد من الاستثمارات إلى بورصة مسقط وهي استثمارات سوف تنعكس في المقام الأول على الشركات ذاتها وستسهم في عودتها إلى تحقيق الأرباح ومحو الخسائر التي تكبّدتها في السنوات الماضية.