تداول: كيف يحمي المستثمرون أنفسهم من تراجعات الأسواق؟

20 سبتمبر 2022
20 سبتمبر 2022

شهدنا خلال الأسابيع الماضية تراجعا واضحا في أسعار العديد من الأسهم في بورصة مسقط خاصة تلك التي حققت صعودا لافتا في شهري يوليو وأغسطس الماضيين ودفعت تلك الارتفاعات المؤشر الرئيسي للبورصة والمؤشرات القطاعية لتسجيل مستويات قياسية جديدة، وتمكن المؤشر الرئيسي من الارتفاع 409 نقاط في يوليو و53 نقطة في أغسطس، وصعد في 4 أغسطس إلى 4667 نقطة مسجلا أفضل مستوى له منذ منتصف مايو من عام 2018، غير أنه شهد بعد ذلك موجة هبوط دفعته للتخلي عن المستويات القياسية التي سجلها قبل ذلك وأغلق بنهاية تداولات الأسبوع الماضي دون مستوى 4500 نقطة.

إن ارتفاع الأسهم لمستويات قياسية ثم هبوطها بعد ذلك؛ حالة تتكرر كثيرا في أسواق الأوراق المالية، وخلال فترتي الصعود والهبوط يربح مستثمرون ويخسر آخرون، غير أن الأسواق التي تتمتع بمستويات عالية من ربحية الشركات والسيولة والشفافية تستطيع تجاوز الخسائر التي تحققها الأسهم خلال فترة وجيزة لتبدأ موجة صعود أخرى بعد ذلك.

في مقال الأسبوع الماضي ناقشنا أهمية الوعي الاستثماري لدى المتعاملين في البورصة بحيث تكون لديهم القدرة على تحليل أسباب تراجع الأسهم وأسباب صعودها والتصرف بيعًا أو شراء بناء على أداء الشركات وليس مسايرة لموجة البيع التي تشهدها الأسواق من حين لآخر نتيجة لأسباب سياسية أو اقتصادية لا علاقة لها بأداء الشركة والقطاع الذي تعمل فيه، واليوم في هذا المقال نؤكد أهمية الوعي الاستثماري بوصفه أحد أهم العناصر التي تحمي المستثمرين من تقلبات البورصات.

وكما يعلم الجميع فإن الاستثمار في أسواق الأوراق المالية محفوف بالمخاطر، فكما أن هناك فرصا واعدة في أسواق الأوراق المالية هناك أيضا خسائر يتعرض لها المستثمرون وإغفال هذه الحقيقة يدفع المستثمرين لبيع "جنوني" عند تراجع الأسعار وشراء "جنوني" أيضا عند ارتفاعها وهو ما يكبدهم خسائر فيما بعد؛ وكان يمكن تجنب هذه الخسائر لو بقَوا هادئين. فاختيار الوقت الصحيح للشراء ثم الوقت المثالي للبيع يعدّ استراتيجية مهمة للمستثمرين في أسواق المال؛ تجنبهم – قدر الإمكان – مخاطر التراجعات التي تشهدها الأسواق.

ولعل تدعيم ثقة المستثمرين وتأصيلها لديهم هو أحد العناصر التي تسهم في حماية المستثمرين أثناء هبوط البورصات المالية، وفي الحقيقة لا يمكن دعم ثقة المستثمرين إلا من خلال مزيد من الإفصاح والشفافية، كما أن الجهات المشرفة على أسواق المال مطالبة بزيادة التوعية بشأن سلوكيات المستثمرين أثناء صعود البورصات وهبوطها، وتطوير التشريعات ذات الصلة بحماية حقوق المساهمين، وحث الشركات على مزيد من الإفصاح والشفافية خاصة أثناء الصعود المستمر للأسهم وأثناء هبوطها الحاد.

وفي نفس الوقت فإن المستثمرين مطالبون بانتقاء الأسهم التي يستثمرون فيها بناء على أهدافهم من الاستثمار إن كان قصيرا أو طويل المدى، وعلى المستثمرين الأفراد التركيز على الأسهم التي يستطيعون التخارج منها بسهولة وفي أي وقت حتى لا يضطروا للبيع دون الأسعار العادلة، كما أن عليهم تنويع محافظهم الاستثمارية، وقبل كل شيء عليهم استشارة المتخصصين وقراءة النتائج المالية ومتابعة إفصاحات الشركات التي يستثمرون فيها أولا بأول، وهكذا يستطيعون إلى حد كبير تجنّب المخاطر التي تحيط بالاستثمار في الأسواق المالية.