455455555
455455555
رأي عُمان

رجال في مواجهة الإعصار

03 أكتوبر 2021
03 أكتوبر 2021

حبست عمان أنفاسها أمس وحبست المنطقة معها الأنفاس فيما كان إعصار «شاهين» يعبر أراضي السلطنة وهو منتشٍ برطوبة بحر عمان التي زادت من قوته وقدرته الديناميكية على الحركة وعلى الدوران حول نفسه، كان يدور فتدور معه مياه البحر، وكلما زاد دورانه زادت قوته وسرعة الرياح المصاحبة له وتعاظمت قدرته التدميرية. ورويدا رويدا كان يتقدم بما يكتسبه من تلك القوة باتجاه سواحل السلطنة. وقبل أن تصل عين الإعصار وصل جداره الضخم والمكون من السحب الركامية التي أمطرت المدن العمانية بكميات كثيفة من الأمطار. وكانت تلك السحب الكثيفة عالية الارتفاع وشامخة باتجاه السماء «يصل ارتفاع/علو السحب الركامية في بعض مواضع جدار الإعصار إلى 16 كم».

كانت الرياح مزمجرة «وصلت سرعتها إلى 139كم/الساعة» وكان المطر يُسكب سكبا من السماء التي بدت وكأن أبوابها فتحت على مصراعيها «لينسكب» منها المطر؛ فتجاوزت كمية هطول المطر في بعض ولايات محافظة مسقط 150ملم».

ورغم المشاهد الصعبة التي وثقتها عدسات المصورين المحترفين والهواة التي تكشف حجم تأثيرات الإعصار على البنية الأساسية وكذلك على منازل المواطنين ومزروعاتهم وهذا مشهد يستحق أن نتحدث عنه بعد أن يتكشف المشهد بانجلاء الحالة المدارية إلا أن هناك مشاهد أخرى تستحق أن نتحدث عنها الآن في هذه اللحظة بالتحديد حيث إن الإعصار ما زال يتقدم باتجاه ولايات محافظتي شمال وجنوب الباطنة.. هذا المشهد هو مشهد الدور التاريخي الذي قامت به جميع مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية من أجل أن تمر الحالة المدارية بأقل الخسائر.. والخسائر في الحالات المدارية مفهومة ومتوقعة فهذا إعصار مداري، وكلمة إعصار لا بدّ أن تحيلنا إلى تصور مشهد الدمار والخراب الذي تحدثه الرياح وتحدثه شدة الأمطار وارتفاع أمواج البحر. وكذلك مشهد الوعي الكبير الذي اتسم به المواطنون والمقيمون على هذه الأرض والذي أسهم في أن تكون الخسائر عند حدها الأدنى بالنسبة لإعصار مداري.

ورغم أن العاملين في قطاعات منظومة إدارة الحالات الطارئة بشر مثلهم مثل غيرهم إلا أنهم ضربوا أروع الأمثلة في تحمل المسؤولية وفي التضحية بالنفس في سبيل إنقاذ الآخرين.. وطوال يوم أمس كانوا يلبون النداء مهما كان الخطر كبيرا.

كانت قطاعات المنظومة تعمل على هيئة خلية نحل متكاملة الأمر الذي يكشف عن الخبرة الكبيرة التي اكتسبتها مؤسسات السلطنة في التعامل مع الحالات الطارئة، وهذا في حد ذاته حسنة من حسنات «إن جاز التعبير» الكوارث الطبيعية التي مرت بها السلطنة خلال العقد الماضي. والواضح أنه مع كل حالة مدارية يكون التعامل مع الحالة وآثارها أكثر مهنية، وفي كل مرة تكون الخسائر أقل وإن كانت شدة الحالة أكبر.

وعي الناس كان معيارا مهما في تجاوز الجزء الأول من الحالة بخسائر أقل.. ذهبت بعض الأرواح، نسأل الله أن يتقبلهم بقبول حسن، ولكن المشهد العام في التعامل مع الحالة المدارية يكشف عن حرفية وخبرة في التعامل مع الحالة المدارية وعلى كل المستويات.

ورغم أن الإعصار ما زال في قوته وما زال يتغذى على رطوبة بحر عمان إلا أن التعامل لن يكون مختلفا عما كان في اليوم الأول. فشكرا للظروف التي علمتنا كيف نستطيع مواجهة التحديات والمحن. ونسأل الله أن تمر هذه الليلة «ليلة الاثنين» على خير ونتجاوز كل تحدياتها وأهوالها.