11125
11125
ولايات

حارة بني شيبان.. ملتقى للقوافل قبل الإسلام

21 مايو 2021
انفردت بمركزها التجاري القديم ..
21 مايو 2021

أدم - ناصر الخصيبي

تضم ولاية أدم بمحافظة الداخلية العديد من المواقع التاريخية والأثرية منها القلاع والحصون والأبراج والأفلاج والعيون والجوامع والمساجد والأسواق والحارات القديمة وغيرها والتي تعكس تاريخ الولاية الخالد ليشهد التاريخ عنها ويفتخر بها أبناؤها لتبقى في ذاكرتهم ويتناقلها جيل بعد جيل لما شاهدوا فيها من آثار وكنوز تستحق أن نقف عليها بامتداد التاريخ الإنساني.

وحارة بني شيبان بولاية أدم إحدى الحارات القديمة عكست ماضي الولاية بتاريخها وتراثها القديم وملتقى للقوافل في الجاهلية فقد كتب عنها لما تضمه من مفردات تاريخية وتنثره من عبق خالد فهي من أقدم الحارات بالولاية اكتسبت مكانة خاصة بين أفراد الولاية باعتبارها التاريخ العريق لها فهي تضم ما يقارب من 70 بيتا تميزت عمارتها بأنها أخذت الطابع التجاري بوصف الحارة السوق التقليدية القديمة للولاية.

وللتعرف على حارة بني شيبان كانت لنا وقفة مع زكريا بن يعقوب الشيباني الذي نشر مؤخرا إصدارا قدم فيه معلومات تاريخية مدعما بالصور التوضيحية عن الحارة وباللغتين العربية والإنجليزية موضحا فيه: حارة بني شيبان انفردت بمركزها التجاري القديم، حيث عرفت بسوقها العريق «سوق أدم» أقدم أسواق العرب في الجاهلية وملتقى القوافل التجارية في رحلة الشتاء والصيف، وهي تعود إلى فترة عصر ما قبل الإسلام، والتي تعتبر أحد الأماكن المهمة في ولاية أدم، وتشتهر بصياغة الذهب والفضة، وصناعة الأسلحة، ويغلب عليها الطابع التجاري بوصفها السوق التقليدية القديمة للولاية.

مشيرا إلى أن دراسات الباحثين تشير إلى مجيء أهالي حارة بني شيبان ضمن أوائل القبائل للاستيطان في ولاية أدم، واختار أهلها المؤسسون من بني شيبان موقعها الاستراتيجي بعناية ودقة متناهية لبناء وتشييد صرحهم المعماري، فهي تقع في شرق مركز ولاية أدم على تلة طبقية مرتفعة عما حولها من المناطق جعل منها عامل حماية محكما لصد هجوم الأعداء عبر الأزمنة المختلفة، ولعب دورًا كبيرًا في حمايتها من جريان الأودية والشعاب المحيطة بالولاية.

مبينا الشيباني بأن حارة بني شيبان تتميز بممراتها المقوسة في الطرقات العامة والمداخل، وكذلك السوق التقليدي والذي يوجد به عدد من المحلات التجارية المتميزة بصغر حجمها وكثرة رفوفها والتي تصل عددها إلى 29 دكانا في الطابق الأول تعلوها البيوت في الطابق الثاني والتي تقدر بقرابة 70 بيتا متلاصقة ومتداخلة مع بعضها البعض.

أما عن مساجد الحارة فيوجد بها ثلاثة مساجد (مسجد السوق الكبير، ومسجد السوق الصغير، ومسجد راشد)، كما يوجد بها مدرسة لتعليم القرآن الكريم وسبلة عامة وثلاثة أبراج دفاعية (برج الصباح، وبرج ذخير، وبرج عامر المطابق للبيت العود). وتنتشر آبار المياه العامة والخاصة في جنبات وأزقة الحارة ومساكنها والتي يقدر عددها بعشرة آبار مائية. أما بُرج عامر فيبدو مطابقا للبيت العُود (البيت الكبير) لصاحبه الشيخ عامر بن سالم الشيباني، والذي يعتبر أكبر بيت أثري في الولاية حيث تصل مساحته أكثر من 800 متر مربع.

موضحًا الشيباني كذلك بأن المصادر تشير إلى أن حارة بني شيبان كانت مركزا تجاريا نشطا لالتقاء التجار والقوافل التجارية القادمة من الشام وعكاظ واليمن والحجاز في عصر الجاهلية، وكذلك المناطق الشمالية والشرقية والوسطى من بحر عمان قديمًا واشتهر أهلها بممارسة عدد من الأنشطة التجارية مثل صياغة الذهب والفضة وبيع وخياطة الملابس ودباغة الجلود بالإضافة إلى محلات بيع المواد الغذائية والتموينية كالتمور والحبوب والقهوة والسكر والبهارات والأسلحة التقليدية.

وحول ما يميز مساكن الحارة وأزقتها أنها سميكة مبنية من مواد محلية كالطين والحجارة ومادة الصاروج الذي يبرز في بعض المساكن والجدران والأقواس والأعمدة بالممرات وأعمدة مسجد السوق الكبيرالذي بني عام 718 هجري. وفي بدايات عصر الإسلام تم بناء أول مسجد بالحارة يسمى مسجد السوق الصغير، ومع توسع الإسلام وتزايد أفواج المعتنقين لهذا الدين الحنيف وزيادة عدد الأهالي تم بناء مسجد السوق الكبير ملاصقا لمسجد السوق الصغير ليتسع للمصلين في الحارة والوافدين إليها للتجارة والتبضع، وإقامة حلقات العلم.

كما استخدم أهالي الحارة الطين والحجارة ومادة الصاروج في تشييد حارتهم وبناء جدران بيوتهم، كما استخدموا سعف وجذوع النخيل والطين والصاروج في تغطية وبناء أسقف البيوت. ومعظم المساكن بالحارة عبارة عن طابقين الأول عادة ما يتكون من المحلات التجارية وفناء لاستقبال الضيوف وغرف للتخزين ومطابخ وأماكن لطحن الرحى وتربية الحيوانات مثل: الأغنام والأبقار، بينما يحتوي الطابق الثاني على غرف السكن والنوم.

متطرقا الشيباني في إصداره إلى أنه كان سوق حارة بني شيبان عامرًا بالحركة التجارية، وكانت الحياة تدب في بيوت الحارة وأزقتها حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وفي التسعينيات وتواكبا مع عصر نهضة عُمان المباركة بدأ أهالي الحارة بالخروج منها وقاموا ببناء البيوت العصرية الإسمنتية خارج حارتهم العريقة. وبعد أن قل الاهتمام بالحارة بدأت بيوتها بالاندثار وازداد تهالكها وتهدمت جدرانها يوما بعد يوم.

وحول اهتمام أهالي الحارة وأبنائها أشار الشيباني في إصداره إلى أنه ومن منطلق أهمية المحافظة على التراث والإرث الحضاري للأجداد ومنجزاتهم قام شباب حارة بني شيبان بالتنسيق مع الجهات الرسمية ممثلة بوزارة التراث والسياحة وبلدية أدم، بتنفيذ معسكرات لإزالة الأتربة والمخلفات وفتح الطرق والممرات وصيانة الحارة لتسهيل مرور السياح والزوار في أزقة الحارة.