1121
1121
ولايات

تنوف .. قرية عمانية تتنفس التاريخ من عذوبة الماء وخضرة الطبيعة

21 مايو 2021
21 مايو 2021

نزوى - أحمد الكندي:

تعتبر قرية تنوف التابعة لولاية نزوى من القرى السياحية الجميلة التي تتميّز بتوسّع رقعتها الزراعية مما جعلها متنفّساً ومكاناً ملائماً للزيارة وقضاء أوقات مع الطبيعة الخلابة التي تغلّفها حيث يجد السائح والزائر لها متعة في قضاء يومٍ بعيداً عن صخب المدن وضوضائها؛ وتزدان القرية هذه الأيام بعيون المياه وشلالات الأفلاج التي أعقبت الأمطار الأخيرة الأمر الذي أضفى عليها بُعداً جمالياً آخر وفي السطور التالية نصحبكم في رحلة بسيطة لهذه القرية للتعرّف على تفاصيل ومفردات حياتها وأهم ما تتفرد به كقرية نموذجية سياحية.

الموقع الجغرافي:

تقع قرية تنوف شمال ولاية نزوى حيث تبعد عنها قرابة خمسة عشر كيلومتراً في منتصف المسافة بينها وبين ولاية بُهلا ويعتبر موقعها الجغرافي في سفح الجبل الأخضر موقعاً فريداً حيث يحتضنها سفح الجبل من الجهة الشمالية مما منحها ميزة الاستفادة من مياه الأمطار التي تهطل على الجبل لتحتويه كخزان جوفي يغذي الولاية برمّتها وأدى إلى ازدهار الزراعة وتنامي المساحات المزروعة بها منذ قديم الزمان ولا زالت تحافظ على مكانتها ويمارس الكثير من الأهالي مهنة الزراعة بالإضافة إلى تربية الماشية ونحل العسل لوجود مقوّمات النجاح والتميّز.

رقعة زراعية:

تنتشر في كل جنبات القرية الرقعة الزراعية حيث يلاحظ الزائر لهذه القرية للوهلة الأولى اهتمام الأهالي بالزراعة وتتنوع المزروعات فيها وتنامي مساحة الرقعة الزراعية حيث استثمر الأهالي عوامل عديدة في ذلك من بينها خصوبة التربة ووفرة المياه ووجود المساحات الصالحة للزراعة لذلك تنوّعت المزروعات لتشمل النخيل بمختلف أصنافها والفواكه كالبرتقال والمانجو والعنب والموز والسفرجل والبطيخ بالإضافة إلى مختلف أنواع الخضار وخاصة الموسمية غزيرة الإنتاج كالخيار والبطاطا والجزر والطماطم والليمون والفلفل والثوم والبصل والورقيات كالفجل والبقدونس والجلجلان والنعناع كما يتم كل موسم زراعة مساحات كبيرة بالقمح العماني المُحسّن الذي يُزرع في شهر أكتوبر ويُحصد في شهر مارس على أن تستثمر الفترة الثانية من أبريل إلى سبتمبر في زراعة أصناف أخرى لتحقيق فوائد اقتصادية وزيادة خصوبة التربة؛ ولكون القرية من القرى الرئيسة بالولاية في تربية الماشية كان للأعلاف نصيب من المزروعات كالبرسيم العماني والعلف الجاف والذرة البيضاء؛ وتشتهر القرية بتربية سلالات من الماشية تتميّز بجودتها خاصة الأغنام والخرفان والأبقار فيما بدأ بعض المزارعين في تربية الدواجن البيّاضة واللاحمة مستفيدين من الدعم الذي تقدّمه وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه؛ ونظراً لتفرّد القرية بخصوبتها ووجود عوامل نجاح الثروة الزراعية فقد تم إنشاء مزرعة للبحوث الزراعية تُعنى بتحسين سلالات المزروعات بشتّى أنواعها وتساهم في رفد المزارعين ببعض الشتلات والتقاوي التي تساعدهم على مواصلة دورهم في الحفاظ على الرقعة الزراعية.

آثار تاريخية:

لعبت تنوف في السابق دوراً في تاريخ السلطنة وكانت مركزاً للعديد من الأحداث في التاريخ العماني لذلك توجد بعض الآثار التاريخية وبعض من نماذج العمارة ما تزال قائمة لعل من أبرزها أطلال حصن تنوف الذي يقع عند بوابة الطريق المؤدي إلى الجبل الأخضر قديماً ويتميّز باتساعه وكونه يطل على فلج تنوف بل أن فلج تنوف يخترق الحصن ليسقي مزارع القرية وبجانب الحصن يقع مسجد الشرع الذي بُويع فيه الإمام سالم بن راشد الخروصي عام 1331 هـ الموافق 1913 م وقد أعيد ترميمه مطلع الألفية الحالية مُحافظاً على طابعه المعماري القديم؛ كما تحتضن القرية ضريح العلاّمة الإمام نور الدين السالمي صاحب ديوان جوهر النظام وديوان مدارج الكمال ومؤلفات أخرى في النحو والفقه والعَروض والتاريخ والعقيدة وأحد علماء العصر حيث استوطن القرية وتوفى بها عام 1332 هـ الموافق 1914 م ؛ ومن بين الآثار الباقية حتى الآن مسجد الصفاة الذي ما زال محافظاً على معماره القديم ومحرابه الذي يتميّز بالنقوش الجميلة بالإضافة لوجود بعض الأبراج الدفاعية الأثرية.

منجزات حديثة

حظيت القرية بعددٍ من المنجزات الحديثة تواكباً مع النهضة التي شهدتها السلطنة حيث شهدت القرية افتتاح أول مدرسة عام 1986 وهي مدرسة نور الدين السالمي حيث حملت اسم العلامة الذي سبق الحديث عنه كما تم افتتاح مدرسة أخرى حملت اسم القرية وهي مدرسة تنوف للبنات حيث تقدّم هاتان المدرستان الخدمات التعليمية للقرية وروافدها بالإضافة إلى افتتاح مركز صحي يقدّم خدمات الرعاية الصحية الأولية للمواطنين والمقيمين بالقرية كما توجد محطة للبحوث الزراعية لتقديم الخدمات الزراعية والحيوانية للمزارعين ومربي الماشية والنحل كما تم شق ورصف مجموعة من الطرق الحديثة التي تربط القرى ببعضها لتسهيل تنقل المواطنين وهناك مخططات سكنية منظّمة شهدت وجود مباني حديثة بمواصفات متميزة شاهداً على العمران الحديث كما تتميز القرية بوجود الاستراحات والمزارع التي تتيح للزائرين قضاء أوقاتاً جميلة بين أحضان الطبيعة كذلك وجود بعض المنتزهات الطبيعية من مثل منتزه عين الجروة ومتنزه وادي المصلّة الذي يطل على ضفاف الوادي والسد الحديث المنفذ قريباً بجهود الأهالي كما تم خلال عام 1988 إنشاء سد كبير للتغذية الجوفية بالوادي الهجري للحفاظ على فائض المياه خلال مواسم هطول الأمطار ويغذّي القرية وكذلك يضمن تدفق المياه لفلج دارس بولاية نزوى حيث تقع أم الفلج في قرية تنوف؛ وعلى مسافة خمسة كيلومترات من سد وادي تنوف وفي عمق الوادي الهجري تقع قرية الفرع الصغيرة التي تعتبر منطقة ملائمة لممارسة رياضة المشي والتخييم والاسترخاء لما تتميز به من وجود برك مائية مناسبة للسباحة واعتدال جوها فأصبحت مقصداً لهواة المشي والمغامرة .