جماليات الخط العربي وصِلة الحرف بالخزف يعيدان التجارب في الفنون الإسلامية
برؤية جمالية مشتركة شهدت ساحة الخط في مهرجان الفنون الإسلامية بالشارقة أمس عدة معارض حمل الأول عنوان «زهور على حروف» للفنان الإيراني حسین کوندوز إضافة إلى معرض «زوايا الإبداع» لمصعب الدوري ومحمد النوري من العراق، ومحمد فاروق الحداد من سوريا، وحمل المعرض الآخر عنوان «أنوار القلوب» للفنانة نجاة مكي جسدت امتدادًا لثقافات حضارية سابقة، وهي رسالة تحمل مضمونًا، وتخاطب الوعي الإنساني بإدراك القيم الجمالية الموجودة في الطبيعة بهدف المحافظة على رموزها وأشكالها، وتطويع ما بها من جمال في أعمال فنية تحمل رؤية جمالية، وكذلك مواكبةً لتطوّرات العصر، وجرى استخدام خامات وأدوات تحمل خصائص متعدّدة، فنغمات الخطوط ودرجاتها وترتيب تتابعها وكيفيّة تآلفها تمثل جانبا مهمًّا للشكل العامّ بما يناسب البناء التشكيلي لكلّ عمل، وتتركّز الفكرة على القيمة التشكيلية والتعبيرية، والوحدة بين الأجزاء والتي تنشأ عن العلاقات الخطّية واللونية غير المرتبطة بتحديد المفهوم، وإنما بالخبرة وكذلك الإيقاع والتناغم والتوافق، وقد عبّرت تلك الأشكال عن الحركة في اتّجاهات متعدّدة، وظهرت في كيان واحد يعكس أسلوب الحياة وإيقاعها المستمرّ، ويعتبر الضوء هنا وسيطًا تصميميًا، بالإضافة إلى استحضار التراث الإسلامي في رؤية تواكب العصر والمتغيّرات العالمية والمحلية، وكذلك معطيات الطبيعة كمصدر من مصادر التنوّع، لهذا جاء الاهتمام بعناصر التصميم داخل التكوين وتآلفها وعلاقة الوحدات بعضها ببعض من حيث الشكل والمساحة والفراغ والهيئة وما حولها، وذلك في عمليّة البناء كالوحدة، والتقابل، والتغاير، والإيقاع، وعلاقة الظلّ والنور، والتماثل، والتناظر، والتدرّج، وهذا يعكس قانونًا من قوانين الكون، فالشكل المتعرّج أو الحلزوني جاء حسب قانون التعاقب الأزلي للكون والحياة: ليلٌ يعقبه نهار، ونهارٌ يعقبه ليل، كما يعتبر في الثقافات الإنسانية رمزًا قمريًا يشير إلى التجدّد المتداول.
كما شهد بيت الخزف افتتاح معرض صلة (حرف وخزف) للفنانيّن العراقيين وسام الصائغ وسمية عزيز، قدمًا مشغولات يدوية، وتعود تسمية المعرض بهذا الاسم لارتباط واقتران وتمازج مكونات تشكيل العمل الفني بمعانيه المختلفة، وهذه الصلة بين العنصرين الماثلين أمامنا (الحرف والخزف)، وهما من أقدم عناصر الفن الإسلامي، فللخزف إرث قديم في الفنون عبر العصور المختلفة، وللعصر الإسلامي ارتباطات وثيقة بالخزف من ناحية الأداء المنفعي والتشكيل الجمالي والوصفي والتوثيقي، ومن هنا، يتطرّق المعرض لما هو ممكن أن يكون من صلة بين الحرف العربي الأصيل، والخزف وتقنياته وأساليبه، فقد تكون هذه الصلة مرتبطة بمعنى النص الكتابي كتمثيل وتجسيد لما تعنيه التفسيرات اللغوية والتحليلية، مطروحة بصيغ جمالية تعبيرية جديدة متنوعة من لون وملمس وتكوين فني غير مقيد بأبعاد محددة، وقد تكون تلك الصلة ارتباطًا تصويريًا جماليًا ينفصل به الخط عن المعنى، مؤكدة على الجانب الروحي والطاقة الديناميكية والجمالية الخاصة بهذه الحروف مظهرة إياها بصيغ جمالية مختلفة، وبألوان وتقنيات الخزف المعاصر، وقد تكون تلك الصلة بين الخزف ما له من أشكال وألوان وملامس وتركيبات ، وبين الحرف بمدلولاته اللغوية والروحية والشكلية ، تعطي حالات تعبيرية تدرك من النظرة الشمولية للعمل الخزفي، بالإضافة إلى النظرة التفصيلية لمفردات العمل والسبب في اختيارها وإدراجها بالمكان واللون المناسبين.
